رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

بين الأحزاب اليمينية واليسارية إلى أين ستتجه دفة فرنسا 2022؟

نشر
الأمصار

أعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، غابرييل أتال، أمس الثلاثاء، عن تاريخ الدورتين الأولى والثانية من الانتخابات الرئاسية، إذ حددت الدورة الأولى من الاستحقاق الرئاسي في 10 من أبريل المقبل، على أن تنظم الدورة الثانية في 24 من الشهر نفس، في حين تجرى الانتخابات التشريعية في 12 و19 من يونيو 2022.

وكان إيمانويل ماكرون، قد فاز في الانتخابات الرئاسية في 2017 من خلال حزبه “الجمهورية إلى الأمام” الذي أسسه قبل عام من الاستحقاقات الرئاسية الماضية.

وكان وعد ماكرون أثناء حملاته الانتخابية بإنجاز التغييرات أولهم تحقيق توفير في الميزانية يصل إلى 65 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة فضلا عن تقليص عدد الموظفين العموميين بنحو 120 ألف موظف وإصلاح سوق العمل وبرامج معاشات الدولة السخية لتتماشى مع برامج القطاع الخاص.

السترات الصفراء

وعرفت ولاية الرئيس ماكرون أزمات داخلية منها اندلاع أعمال العنف غير المسبوقة والفوضى التي شهدتها باريس في 2018 في إطار تحرك “السترات الصفراء”، حيث كانت مطالب المحتجين أسعار الوقود وكذلك ارتفاع تكاليف المعيشة، ثم امتدت مطالِبها لتشملَ إسقاط الإصلاحات الضريبية التي سنّتها الحُكومة، والتي ترى الحركة أنّها تستنزفُ الطبقتين العاملة والمتوسطة فيما تُقوّي الطبقة الغنيّة.

ودعت الحركة منذُ البِداية إلى تخفيض قيمةِ الضرائب على الوقود، ورفع الحد الأدنى للأجور، ثم تطوّرت الأمور فيما بعد لتصل إلى حدّ المناداة باستقالة رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون. وهي حركة احتجاجات شعبيّة ظهرت في شهر مايو 2018، ثم زادت شهرتها وقوّتها بحلول شهر نوفمبر من نفسِ العام، إذ تمكنت من إشعال فتيل المظاهرات في فرنسا، والتي انتشرت بدورها سريعا الى بعض الأجزاء من دولة بلجيكا.

اختارت الحركة السترة الصفراء كرمزٍ مُميّز لها باعتبار أنّ القانون الفرنسي يفرضُ منذ عام 2008 على جميع سائقي السيارات، حمل سُترات صفراء داخل سياراتهم عند القيادة. بدأ الإلزام كإجراء وقائي حتى يظهر للعيان في حالة اضطرار السائق الخروج من السيارة لسبب ما، والانتظار على جنبات الطريق. ونتيجة لذلك فقد أصبحت السترات الصفراء رمزًا للحركة، خاصّةً أنّها متاحة على نطاق واسع، وغير مكلفة كما تحملُ في الوقتِ ذاته عددًا من الرموز، وفي مطلع شهر ديسمبر من عام 2018؛ أصبحَ رمز السترات الصفراء شائعًا على نحو متزايد في بعض دول الاتحاد الأوروبي، كما انتقلَ لدول خارج نطاق القارة الأوروبيَّة على غِرار العراق في منطقة جنوب غرب آسيا.

ميزانية فرنسا

الأزمة الثانية تمثلت في حصول فجوة في ميزانية فرنسا لعام 2018 بمقدار 10.5 مليارات دولار، ما يشكل نحو 39 في المائة من إجمالي الضرائب التي تم تحصيلها عام 2017. في المقابل، زادت الضرائب المفروضة على المواطنين العاديين بهدف سد هذه الثغرة، مثل الضرائب على مصادر الطاقة، وعلى القيمة المضافة، وعلى الدخل.

ووسط تعامل الحكومة الفرنسية مع جائحة كورونا، برزت قضايا اخرى يمكنها أن تسهم في تشكيل موقف شعبي قد يلقي بظلاله خلال الانتخابات الرئاسية القادمة .

مارين لوبان

في يناير الماضي، أعلنت رئيسة التجمع الوطني في فرنسا مارين لوبان، 52 عامًا، أنها ستطلق حملة تمهيدية “للانتخابات الرئاسية” للتحضير لبديل للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في انتخابات 2022.

وقالت لوبان، التي وصلت لنهائيات انتخابات 2017، إن مشروعها هو التحرك نحو مبادرة للوحدة الوطنية، من خلال مشروع موحد يمكن أن يجمع الفرنسيين من أينما جاءوا، مشروع لتغيير كبير في البلاد.

أضافت لوبان التي اتهمها خصومها بعدم الكفاءة بعد مناظرتها مع إيمانويل ماكرون بين جولتي 2017، لتؤكد: “يجب أن نلتزم حتماً بالمهمة التي نطلب من الفرنسيين أن يعهدوا بها إلينا. لن نرتجل في مهمة الرئيس، بل سنستعد لذلك”.

في انتخابات 2017 الرئاسية، حصلت مارين لوبان، مرشحة حزب الجبهة الوطنية الذي تم تغيير اسمه لاحقا ، على 33.9 بالمئة من الأصوات. على الرغم من خسارة حزب “الجبهة الوطنية” اليميني المتطرف في الانتخابات الرئاسية بفرنسا عام 2017 إلا أنه وسع قاعدة ناخبيه بشكل غير مسبوق، حيث بلغ عدد الذين صوتوا لصالحه نحو 11 مليون ناخب، وهو ما يرسخه في المشهد السياسي الفرنسي ويجعله القوة السياسية المعارضة الأولى في البلاد.

كزافييه برتران

أعلن اليميني كزافييه برتران، وزير الصحة في عهدي الرئيسين السابقين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي، فى نهاية مارس ترشّحه لانتخابات الرئاسة الفرنسية المقررة في العام 2022. وصرّح برتران البالغ من العمر 56 عاما، “نعم سأكون مرشحا، أنا عاقد العزم” على خوض الاستحقاق الرئاسي، موضحا أنه لن يشارك في الانتخابات التمهيدية المقبلة لليمين.

وقال برتران، الذي يرأس حاليا منطقة أو-دو-فرانس الواقعة في شمال البلاد، إن “من واجبي أن أتغلب على مارين لوبان (رئيسة التجمّع الوطني اليميني المتطرف) وبذل كل الجهود لتوحيد صفوف الفرنسيين”. ويعرض برتران رؤيته لفرنسا “فخورة متعافية ومتصالحة” التي يسعى لتحقيقها من خلال مشروع “واضح يقوم على ترميم سلطة الدولة، وطي صفحة المركزية الباريسية وإعادة جعل العمل حجر زاوية في مشروعنا الوطني” على حد قوله.

آن هيدالغو، رئيسة بلدية باريس

رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، 61 عاما ، هي الوحيدة من بين الأربعة مرشحين التي لم تعلن عن ترشحها رسميا لانتخابات الرئاسة، عن الحزب الاشتراكي. حسب استطلاع IFOP فهي تحظى بـ 8 في المائة من نوايا التصويت في الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة.

جون لوك ميلانشون

أعلن زعيم حزب “فرنسا الأبية” جون لوك ميلانشون ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2022، إذ جرت العادة أن يختار اليسار مرشحه بالتوافق بين الأحزاب، وهو ما لم يحصل هذه المرة على ما يبدو مع انتقادات وجهت إليه.

ميلانشون الذي ترشح مرتين سابقًا للانتخابات الرئاسية عامي 2012 و2017، يبدو أنه يسير بعيدًا عن الطريق التقليدي، مع إعلانه أنه سيحصل على ترشيحات 150 ألف مواطن فرنسي عبر منصة رقمية من أجل اعتماد ترشحه رسمياً، في “آلية أكثر ديمقراطية” من الآلية التقليدية التي تنصّ على قيام 500 رئيس بلدية بطرح اسم المرشح الرئاسي ليخوض السباق رسميًا، وفق تعبيره.

إيريك زمور

يعد أكثر المتوقع ترشيحهم إثارة الرأي العام الفرنسي والعربي، لم يتقدم بعدُ بملف ترشيحه ولم يعلن عن نيته من عدمها بخصوص الانتخابات الرئاسية. فمن هو إيريك زمور الذي يتقدم على المرشحين المحتملين، متغلباً على المرشحين المعلنين، مثل عمدة باريس، والذي قد يعطل السيناريو الذي طال انتظاره للمواجهة بين الرئيس إيمانويل ماكرون، وزعيمة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، مارين لحل إيريك زمور ضيفا على برنامج “نحن على المباشر” الذي ترأست حواره الصحافية ليا سلامة، على القناة الثانية الفرنسية. وردا على سؤال عما إذا كان ينوي، في حال انتخابه رئيسا، غلق المساجد وحظر تسمية مواليد المسلمين بأسماء مسلمة و سحب الجنسية من الذين لا يحترمون القانون. قال زمور: “لو أصبحت رئيسا لفرنسا، نعم، سأمنع أن يسمي المسلم الفرنسي ابنه “محمد”، لن أقفل المساجد، ولكن سأغلق تلك التي يديرها الإخوان المسلمون والسلفيون”.

يذكر أنه ببرنامجه، في سبتمبر 2020، قال زمور إنه يجب طرد القُصّر الأجانب غير المصحوبين بذويهم من فرنسا، واصفاً إياهم بـ«اللصوص» و«القتلة» و”المغتصبين”

من سيقود فرنسا 2022

كشف استطلاع جديد للرأي حول الانتخابات الرئاسة الفرنسية أن إيمانويل ماكرون، ومارين لوبان سيحلّان في المركزين الأول والثاني بينما سيحصل الصحافي إريك زمور على 11% من نسبة التصويت.

وبحسب الاستطلاع الذي أنجزه مركز “هاريس التفاعلي” ونشر أمس الثلاثاء 21 سبتمبر 2021، حل الرئيس ماكرون في المرتبة الأولى بـ23٪ متقدماً على رئيسة حزب التجمع الوطني التي ستحصل على 18٪. وسيتواجه المرشحان وفق هذه النتائج في الدورة الثانية من الانتخابات المقررة في أبريل 2022.

ورغم أن الصحافي إريك زمور، لم يعلن بعد عن ترشيحه للانتخابات، فقد فاز بنقطة إضافية خلال الأسبوع الماضي وحل في المركز الخامس في الاستطلاع.

وسيحصل كزافييه برتران عن يمين الوسط على 14٪ بينما يأتي يانيك جادو مرشح حزب الخضر في المرتبة التالية مع 15٪. وتابع الاستطلاع أن رئيسة منطقة إل دو فرانس اليمينية فاليري بيكريس ستحصل على 12٪.

على اليسار، حصل جان لوك ميلانشون زعيم حركة “فرنسا العصية” على 11٪ ورئيسة بلدية باريس الاشتراكية آن هيدالغو على 7٪ ووزير الاقتصاد الاشتراكي الأسبق أرنود مونتبورغ على 2٪ وفابيان روسيل عن الحزب الشوعي على 3٪.

في الجولة الثانية من الانتخابات، سيصوت 55٪ من المستطلعين لصالح إيمانويل ماكرون و45٪ لمارين لوبان. وتوقع الاستطلاع أن يصوّت 39% ممن صوّتوا لكزافييه برتران في الجولة الأولى لصالح إيمانويل ماكرون في الجولة الثانية و28٪ منهم لمارين لوبان و33٪ سيمتنعون عن التصويت.

الأحزاب السياسية في فرنسا

من الناحية القانونية، تحظى الأحزاب السياسية بوضعية الجمعيات، بمقتضى القانون الصادر في 1 يوليو 1901، الذي يسمح بإنشاء هذه الأحزاب في جميع أنحاء أراضي الدولة الفرنسية. إن هدف الأحزاب السياسية الرئيسي هو ممارسة السلطة السياسية أو المشاركة فيها على أقل تقدير. وتعد التعددية السياسية والروح التنافسية بين مختلف التشكيلات السياسية أحد الدعائم الرئيسية للديمقراطية وحرية الرأي. إن هذا المتطلب اللازم مدرج في المادة الرابعة من دستور الجمهورية الخامسة، وكذلك هو الحال بالنسبة لحرية الانضمام أو عدم الانضمام للأحزاب السياسية.

دور الأحزاب السياسية

تلعب الأحزاب السياسية دور الوسيط بين الشعب والنظام الحاكم : فهي تقوم بإحصاء مطالب الشعب واحتياجاته وتصوغها في إطار برنامج سياسي.
تمارس الأحزاب السياسية دوراً قيادياً، حيث تطمح في ممارسة السلطة في سبيل تطبيق السياسة المعلنة.
حظيت الأحزاب السياسية بدور تأهيلي وانتقائي فيما يتعلق بالقادة السياسيين.
التمويل

تم تنظيم تمويل الأحزاب السياسية ابتداءً من عام 1988 (القانون 88-227 الصادر في 11 مارس1988). وهناك أربعة مبادئ رئيسية تحكم عملية تمويل الأحزاب السياسية : يعتمد هذا التمويل بشكل رئيسي على المصادر العامة. هذا وقد تم تدعيم مبدأ شفافية الحسابات المصرفية للأحزاب السياسية، في الوقت الذي تُمنع فيه الهبات المالية من قبل الشركات الخاصة. أما المصروفات الخاصة بحملات الأحزاب الانتخابية فهي محددة بسقف معين لا يمكن تخطيه.

تمويل الأحزاب السياسية الفرنسية
تقضي آلية تمويل الأحزاب السياسية بتقسيم هذه المساعدات العامة إلى جزأين بناءً على النسبة التمثيلية لهذه الأحزاب في ضوء نتائج الانتخابات. في مرحلة أولى، يتم تقديم مساعدات عامة إلى الأحزاب التي كانت قد قدمت مرشحين في عدد من الدوائر الانتخابية. وبعد أن كانت هذه الدوائر قد تحددت في عام 1990 بـ75 دائرة، انخفض عددها إلى 50 دائرة على أقل تقدير بمقتضى القانون الصادر في 20 يناير 1993. أما الجزء الثاني من هذه المساعدات، فهو يتحدد نسبةً إلى عدد البرلمانيين المسجلين رسمياً في الحزب.

ولتفادي عدد من التجاوزات، فإن القانون 93-122 الصادر في 29 يناير في عام 1993 الخاص بمكافحة الفساد والمتعلق بشفافية الحياة الاقتصادية والإجراءات العامة، ينص على أن هذا الجزء الثاني المساعدات لا يمكن منحه إلا لصالح التشكيلات السياسية التي قدمت حد أدنى من المرشحين في الانتخابات التشريعية وفازت في هذه الانتخابات باسم هذه الأحزاب.

أما القانون الصادر في 19 يناير 1995، فهو يقر مساعدات عامة تقدر بصورة جزافية لصالح الأحزاب التي تظهر على الساحة عقب إجراء الانتخابات التشريعية. ولكي تحظى هذه الأحزاب بهذه المساعدات، فيتعين أن تكون قد حصلت من قبل، على مدى عام كامل، على هبات مالية مقدمة من جانب أفراد يصل عددهم إلى 10 آلاف شخص على أقل تقدير (ومنهم 500 منتخب). تبلغ المساعدة 150 ألف يورو كحد أدنى.

وفي المقابل، فإنه يمكن خفض حجم المساعدات العامة في حال عدم احترام الأحزاب السياسية للقانون 2000-493 الصادر في 6 يونيو 2000، الذي يقضي بتمثيل متساوي للمرأة والرجل في المهام النيابية والوظائف الانتخابية.

ومن جهة أخرى، ولتعظيم فرص مبدأ الإنصاف بين المرشحين، تم تحديد سقف للمصروفات. إن هذه المصروفات، كما هو الحال بالنسبة للهبات، يتم تسجيلها في حساب مصرفي خاص بالحملة الانتخابية.

شعبية ماكرون

أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد “أيفوب” لدراسات الرأي العام، فى يونيو الماضي ، ارتفاعًا واضحًا في شعبية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وانهيار شعبية زعيم اليسار المتطرف جون لوك ميلانشون.

وأوضح الاستطلاع، أن الرئيس الفرنسي تقدم بسبع نقاط مئوية في شهر واحد وتبلغ شعبيته الآن 50%، وارتفعت شعبيته بين كبار السن بـ6 نقاط مئوية و18 نقطة بين المتعاطفين مع الجمهوريين.

وذكرت صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية، أن ماكرون يستطيع أن يبتسم الآن بعد صدمة صفعه خلال رحلته إلى دروم، بارتفاع ملحوظ في شعبيته، موضحة أن رئيس الوزراء الفرنسي جون كاستكس قد استفاد أيضًا من إلغاء تدابير الإغلاق وحظى بتقدم كبير في شعبيته، بأربعة نقاط مئوية.

في المقابل، تراجع زعيم حزب فرنسا المتمردة جون لوك ميلينشون، بفارق 10 نقاط في هذا الاستطلاع إذ بلغته شعبيته 35%، وأصبح الآن الشخصية السياسية الأقل شعبية لدي الفرنسيين.

وأجري الاستطلاع عبر الهاتف خلال يومي 2 و3 يونيو الماضي على عينة قوامها 1008 أشخاص، يمثلون الفرنسيين الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا وأكثر.