مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

صفقة يمنية ضخمة في مسقط لتبادل 2900 أسير ومحتجز.. تفاصيل

نشر
الأمصار

توصل وفد الحكومة اليمنية المفاوض في ملف المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً إلى اتفاق مع الجماعة الحوثية يقضي بالإفراج عن نحو 2900 محتجز من الطرفين. وتم التوصل للصفقة في العاصمة العُمانية مسقط، خلال الجولة العاشرة من المشاورات الإنسانية، بحضور المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، ومشاركة اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وتأتي هذه الصفقة ضمن جهود مستمرة لكسر حالة الجمود الطويلة التي شابت ملف الأسرى في اليمن.

تفاصيل الصفقة وأهميتها الإنسانية

أكد بيان الفريق الحكومي أن الاتفاق يشمل جميع المحتجزين من مختلف الجبهات، بما في ذلك القيادي السياسي البارز في حزب الإصلاح محمد قحطان، وأيضاً كل المحتجزين من قوات التحالف، بينهم الطيارون. وأوضح الوفد الحكومي أنه تحمّل كامل مسؤوليته الوطنية والإنسانية في تنفيذ توجيهات القيادة السياسية لمجلس القيادة الرئاسي، مشدداً على أن الإفراج يجب أن يكون شاملًا دون انتقائية أو استثناء.

وأشاد الوفد بدور سلطنة عمان في احتضان المشاورات، وجهود المملكة العربية السعودية في دعم المسار الإنساني، إلى جانب دور مكتب المبعوث الأممي واللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي لعبت دورًا محوريًا في تيسير الاتفاق وضمان احترام المبادئ الإنسانية.

ترحيب أممي ومتابعة تنفيذ الاتفاق

رحب مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ بالاتفاق، واعتبره خطوة إنسانية مهمة للتخفيف من معاناة المحتجزين وأسرهم. وأوضح المكتب أن الاجتماع العاشر للجنة الإشرافية المعنية بتنفيذ اتفاقية إطلاق سراح المحتجزين، والذي استمر اثني عشر يوماً، أسفر عن الاتفاق على مرحلة جديدة من الإفراج عن المحتجزين من جميع الأطراف.

وشدد المبعوث الأممي على أن نجاح الاتفاق يعتمد على التنفيذ الفعلي وتعاون الأطراف، إضافة إلى الدعم الإقليمي المستمر وجهود البناء على التقدم المحقق للوصول إلى عمليات إفراج أوسع. كما أعرب غروندبرغ عن تقديره لسلطنة عمان على استضافتها المشاورات، وللجنة الدولية للصليب الأحمر لدورها الإنساني في تيسير تنفيذ الاتفاق.

كسر حالة الجمود في الملف الإنساني

أوضح رئيس وفد الحكومة اليمنية يحيى كزمان أن الاتفاق يشمل الإفراج عن 2900 محتجز ومختطف، بينما أشار رئيس وفد الحوثيين إلى أن صفقة التبادل تشمل 1700 من عناصر الجماعة مقابل 1200 من الطرف الآخر، بينهم سبعة سعوديين وثلاثة وعشرون سودانياً. ويعد هذا التبادل من أوسع عمليات الإفراج منذ سنوات، وكسر حالة الجمود التي شابت الملف الإنساني بعد تعثر جولات سابقة في الأردن وسويسرا، وآخرها في مسقط قبل أشهر بسبب ما وصفته الحكومة اليمنية بـ«تعنت الحوثيين».

ويتوقع مراقبون أن تفتح هذه الصفقة الطريق لاستكمال الإفراج عن بقية المحتجزين والمخفيين قسراً، بما في ذلك تبادل رفات وجثامين القتلى، ضمن رؤية شاملة لإنهاء هذا الملف المؤلم.

سجل تاريخي للإفراجات السابقة

على مدى السنوات الماضية، اتهمت الحكومة اليمنية الحوثيين بإفشال جهود تنفيذ مبدأ «الكل مقابل الكل»، إذ أسفرت المساعي السابقة عن إطلاق نحو 2000 محتجز من الطرفين في أكبر صفقتين رعتهما الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر. وتقدر منظمات حقوقية وجود آلاف المعتقلين في سجون الحوثيين منذ انقلاب الجماعة على التوافق الوطني عام 2014، وسط اتهامات بتعرضهم لظروف احتجاز غير إنسانية تشمل التعذيب الجسدي والنفسي والإهمال الطبي والإخفاء القسري.

كما تحتجز الجماعة عشرات من موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية منذ أواخر 2021، بعد توجيه اتهامات بالتجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو ما تنفيه الأمم المتحدة وتصفه بالملفقة. وتعتبر الأمم المتحدة الإفراج عن هؤلاء اختباراً حقيقياً لجدية الجماعة الحوثية في التعامل مع الملفات الإنسانية.

أبعاد إنسانية وسياسية للاتفاق

يمثل الاتفاق خطوة مهمة لإعادة ملف الأسرى إلى صدارة الأولويات بعد سنوات من التعثر والاتهامات المتبادلة بين الطرفين. وتؤكد الصفقة التزام الأطراف بالمبادئ الإنسانية، وتعيد الأمل لعائلات آلاف المحتجزين في اليمن، كما تعكس الدور المحوري للدبلوماسية الإقليمية والوساطة الدولية في معالجة القضايا الإنسانية المعقدة في مناطق النزاع.

ويعد هذا الاتفاق تجسيدًا لتنسيق متعدد الأطراف بين الحكومة اليمنية، الحوثيين، الأمم المتحدة، اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والدول الإقليمية مثل سلطنة عمان والسعودية، في إطار مساعي إنسانية تهدف إلى الحد من معاناة المدنيين وتعزيز الثقة بين الأطراف.

خلاصة

تشكل الصفقة الجديدة لإنهاء ملف المحتجزين خطوة تاريخية في جهود السلام في اليمن، إذ تمثل أوسع عملية تبادل منذ سنوات، وتكسر الجمود الطويل في هذا الملف الحساس. كما تؤكد أهمية الوساطة الدولية والإقليمية والدور الإنساني للجنة الدولية للصليب الأحمر في حماية حقوق المحتجزين وضمان تنفيذ الاتفاقات. ويأمل اليمنيون في أن تفتح هذه الصفقة الطريق أمام مزيد من التفاهمات الإنسانية والسياسية، بما يساهم في تخفيف معاناة الأسر وتحقيق خطوات عملية نحو استقرار الوضع الإنساني في البلاد.