مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

أوكرانيا أمام خيارات مصيرية في 2026.. سلام مُحتمل وفساد يفرض التحديات

نشر
الحرب الروسية الأوكرانية
الحرب الروسية الأوكرانية

مع اقتراب عام 2026، تقف «أوكرانيا» على حافة مرحلة فارقة تُعيد رسم ملامح مستقبلها السياسي والاقتصادي، في ظل توازن دقيق بين رهانات السلام وضغوط واقع داخلي مُثقل بالتحديات. فبين مساعٍ دولية لخفض التصعيد وإنهاء النزاع المُمتد، وملفات فساد تُلقي بظلالها الثقيلة على مؤسسات الدولة، تبدو «كييف» أمام خيارات «مصيرية» لا تحتمل التأجيل، حيث قد يُحدد المسار الذي ستسلكه خلال العام المُقبل شكل الدولة لعقود قادمة، ما بين انفراجة مُنتظرة أو أزمات أعمق تُعيد إنتاج عدم الاستقرار.

عام الاختبارات الكبرى

يُقبل «الأوكرانيون» على عام جديد مُثقل بتحديات مُعقّدة، تمتد من ضغوط المسار الدبلوماسي إلى هشاشة التماسك الداخلي، وصولًا إلى واقع ميداني بالغ القسوة، بعدما لوّحت نهاية 2025 بمساعٍ أمريكية لفرض السلام مقابل الأرض، وتفجّر قضايا فساد داخلية، بالتزامن مع استمرار التقدّم الروسي شمالًا وجنوبًا.

Ukraine's unfair trade
احتجاجات بسبب الفساد في أوكرانيا

وكشفت صحيفة «كييف إندبندنت»، في تقريرها، عن التوقعات التي تنتظرها أوكرانيا والأوكرانيون خلال عام 2026، عن أنه بعد أربع سنوات من اندلاع الحرب، عادت الحياة السياسية الداخلية على استحياء خلال الأشهر الماضية، مُتوقعين أن يكون العام المُقبل «أكثر اضطرابًا».

انتخابات مُرتقبة وفوضوية

من المُحتمل أن يغلب على العام الجديد «إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية»، وهو الأمر الذي يتوقف على ما إذا كانت روسيا ستُوافق على وقف إطلاق النار من عدمه، مُرجحين أن يتم إجراؤها في أواخر العام، لكنها وفقًا لهم ستكون دورة انتخابية غير مسبوقة وفوضوية.

ولن يقتصر الأمر على السياسيين الحاليين، بل سيتسع المشهد السياسي ليشمل أعدادًا كبيرة من الجنود والمحاربين القدامى، مع احتمال انهيار الأغلبية البرلمانية للرئيس الأوكراني «فولوديمير زيلينسكي» رسميًأ، الأمر الذي سيُعمّق الأزمة في البرلمان والانتخابات الرئاسية.

Ukraine needs 500,000 military recruits. Can it raise them?
الجيش الأوكراني يُعاني من نقص العمالة المُزمنة

الفساد والاحتجاجات

توقع الخبراء تطورات أكبر لفضيحة الفساد في أوكرانيا في عام 2026، حيث من المنتظر أن تظهر كشوفات جديدة وتوجيه اتهامات أخرى لكبار المسؤولين المتورطين في الفضيحة، مُحذّرين من أن أي تدخل لمنع كشف الفاسدين، سيُقابل باحتجاجات شديدة أكبر حجمًا وأكثر تأثيرًا.

وعن إمكانية انتهاء الحرب من عدمه خلال 2026، توقع المحللون أن يدفع كلا الجانبين الآخر إلى أقصى حدوده على طول خط التماس بينهما، لكن الكارثة تكمن في أزمة «نقص العمالة المُزمنة» التي يُعاني منها «الجيش الأوكراني»، في مواجهة احتياطات بشرية روسية هائلة، وهو ما سيُجبر أوكرانيا على تعلم كيفية حماية أرواح جنودها بشكل أفضل.

انقسام أوروبي مُحتمل

أما فيما يتعلق بالشؤون الخارجية، فخرجت التوقعات «قاتمة»، مُشيرين إلى أنه في الوقت الذي يتفاءل فيه الغرب بشأن جهود السلام الأمريكية، لا تزال مواقف موسكو وكييف مُتباعدة للغاية بشأن بعض القضايا الحاسمة، مثل مصير منطقة «دونباس»، التي يرفض «زيلينسكي» التنازل عنها.

كما تتجه الأنظار في 2026 إلى «أوروبا»، الداعم الرئيسي لأوكرانيا، التي تتعرض وحدتها لضغوط مُتزايدة من القوى الشعبوية المُتصاعدة، مُشدّدين على أن ما يُمكن أن يُحدث تغييرًا جذريًا هو انتخابات أبريل المُقبل في «المجر»، التي قد يخسرها رئيس الوزراء «فيكتور أوربان»، أقرب حلفاء الكرملين في الاتحاد الأوروبي.

أزمة طاقة خانقة

أيضًا سيُمثّل عام 2026 أكبر اختبار لقطاع الطاقة في أوكرانيا، حيث انتهى 2025 حتى الآن ببعض أسوأ الهجمات على «نظام الطاقة الأوكراني»، ورغم نجاح أوكرانيا في ترميم المنشآت المتضررة، إلا أن مخزونها يتناقص، ما يُجبر أوروبا على تعزيز إنتاج معدات الطاقة الحيوية حتى تتمكن كييف من الحصول على الكهرباء والتدفئة خلال الشتاء.

Europe's Top Energy Security Priorities for 2023? - CEPA
سيُمثّل عام 2026 أكبر اختبار لقطاع الطاقة في أوكرانيا

وسيتسبب مرسوم الرئيس الروسي «بوتين» الأخير، الذي ينص على أن الممتلكات التي هجرها الأوكرانيون، الذين غادروا الأراضي التي سيطرت عليها سيتم مصادرتها، وهو ما يُؤدي إلى انخفاض في عدد الأوكرانيين الذين يُغادرون الأراضي بسبب خوفهم من فقدان منازلهم إلى الأبد.

رهانات الدولة الأوكرانية

في المُحصلة، تقف «أوكرانيا» مع مطلع 2026 عند مُفترق طرق حاسم، بين رهانات سلام مُحتمل يحمل أثمانًا سياسية وجغرافية باهظة، وتحديات داخلية يفرضها الفساد وتآكل الثقة، في ظل واقع ميداني لا ينتظر تسويات طويلة. وبين ضغط الخارج وارتباك الداخل، سيبقى «مستقبل كييف» مرهونًا بقدرتها على اتخاذ قرارات مصيرية، قد تُنهي الحرب، أو تُعيد رسم ملامح الدولة لسنوات قادمة.