مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

تقرير: الجيش الإسرائيلي تجاهل تحذيراً استخبارياً قبل يوم من هجوم «حماس»

نشر
الأمصار

ذكرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» أن إسرائيل حصلت على معلومات استخبارية قبل أقل من 24 ساعة من الهجوم الذي شنته حركة «حماس» وأشعل الحرب في قطاع غزة، مشيرة إلى أن الحركة كانت تخطط لشن هجوم في صباح اليوم التالي. 

وأوضح التقرير أن هذه المعلومات جُمعت عبر عملية استخباراتية نُفذت باستخدام طائرات مسيرة تابعة للجيش الإسرائيلي فوق قطاع غزة، وركزت على عناصر حماس المكلفة بحراسة نفق يعتقد الجيش الإسرائيلي أنه كان يحتجز فيه الأسير الإسرائيلي السابق أفيرا منغستو.

الأسير منغستو وتفاصيل احتجازه

وكان منغستو، الذي يعاني من مرض نفسي، قد دخل قطاع غزة من تلقاء نفسه في عام 2014 قبل أن تعتقله حركة حماس وتحتجزه، وتم الإفراج عنه في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار في فبراير من العام الجاري. وأشارت الصحيفة إلى أن المعلومات التي جُمعت عبر الطائرات المسيرة، رغم عدم وضوحها التام، أثارت إشارة تحذير تم تمريرها إلى قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي.

تجاهل التحذيرات

لكن قيادة المنطقة الجنوبية للجيش الإسرائيلي قللت من أهمية هذه المعلومة، واعتبرتها على الأرجح مجرد مؤشر على تدريب تجريبه حماس، وليس دليلاً على هجوم وشيك، وفقاً لما ذكرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل نقلاً عن هيئة البث العام الإسرائيلية «كان». وأوضحت الهيئة أن عملية السادس من أكتوبر لم يتم تسجيلها في سجلات الجيش الإسرائيلي ولم تُدرج ضمن التحقيقات التي أجريت حول الأحداث التي سبقت الهجوم الواسع، ولا يزال سبب إغفالها غير واضح.

خلفية التقرير الاستخباراتي

وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد أفادت في وقت سابق من الشهر الحالي بهذه العملية الاستخباراتية، ولكنها نُسبت حينها إلى مصدر مطلع، وقال إن العملية لم تسفر عن أي اختراق استخباراتي يتعلق بمنغستو، كما لم تقدم أي مؤشر على هجوم وشيك من جانب حركة حماس. ويأتي هذا الكشف بعد نحو أسبوعين من قيام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير بتعيين لجنة من الخبراء للتحقيق في إخفاقات الجيش في التعامل مع التقارير الاستخباراتية التي وردت منذ عام 2018، والتي أظهرت نية حماس شن هجوم واسع النطاق ضد إسرائيل.

التحقيقات الإسرائيلية وتقصير الجيش

وقد عُينت هذه اللجنة بعد مراجعة أجراها فريق آخر من الضباط الكبار السابقين للتحقيقات الداخلية للجيش الإسرائيلي، والذي خلص إلى أن كثيراً من التحقيقات كانت غير كافية، وأن عدداً من الملفات لم يتم التحقيق فيها إطلاقاً، أبرزها التقارير الاستخباراتية المتعلقة بخطة حماس الهجومية المسماة داخل الجيش باسم «أسوار أريحا». وأشارت صحيفة تايمز أوف إسرائيل إلى أن التحقيقات الداخلية السابقة لم تُدخل هذه المعلومات الجديدة ضمن التقييمات الرسمية، ما يعكس ثغرات في التعامل مع التحذيرات الاستخباراتية.

نتائج التحقيقات الداخلية

وفي فبراير الماضي، خلص التحقيق الداخلي للجيش الإسرائيلي إلى أن المؤسسة العسكرية تلقت على مدى سنوات معلومات واضحة تشير إلى نية حركة حماس شن هجوم واسع النطاق ضد إسرائيل. ومع ذلك، اعتبرت القيادة العسكرية أن هذه الخطة غير واقعية وغير قابلة للتنفيذ، بينما واصلت حركة حماس استعداداتها لهجوم السابع من أكتوبر، والذي تسبب في خسائر كبيرة على صعيد الأرواح والمعدات.

تقييم الخبراء والتداعيات

أكد خبراء أمنيون أن تجاهل التحذيرات الاستخباراتية يمثل إخفاقاً كبيراً في إدارة المعلومات، حيث كان بالإمكان الاستفادة من البيانات المتاحة لتقليل حجم الخسائر أو لتغيير استراتيجيات الدفاع. وأشار الخبراء إلى أن إسرائيل كانت تمتلك مؤشرات واضحة على تحركات عناصر حماس المكلفة بتنفيذ الهجوم، إلا أن الاستخفاف بهذه التحذيرات أتاح للحركة تنفيذ هجوم واسع ومرتب بشكل محكم، ما فاجأ الجيش الإسرائيلي.

أهمية المعلومات الاستخباراتية في الحروب الحديثة

تسلط هذه الأحداث الضوء على أهمية جمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية بدقة في الحروب الحديثة، وضرورة التعامل مع كل إشارة تحذيرية بجدية، خاصة عندما يتعلق الأمر بتنظيمات مسلحة تمتلك خبرة في تنفيذ عمليات هجومية مفاجئة. ويؤكد تقرير صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن عملية جمع المعلومات قبل الهجوم كانت دقيقة ومركزة، لكن ضعف التقييم الداخلي أدى إلى عدم اتخاذ إجراءات استباقية مناسبة.

التحديات المستقبلية أمام الجيش الإسرائيلي

تواجه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تحديات كبيرة في التعامل مع التحذيرات الاستخباراتية المستمرة، حيث يجب إعادة هيكلة آليات تقييم المعلومات وتحليلها للتأكد من عدم تكرار مثل هذا الإخفاق. ومن المتوقع أن تؤدي نتائج اللجنة الجديدة التي شكلها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إلى تغييرات في أساليب جمع المعلومات، وتطوير بروتوكولات أكثر صرامة لتقييم أي تهديد محتمل من قبل التنظيمات المسلحة، بما في ذلك حماس.

خلاصة

يشير تقرير صحيفة تايمز أوف إسرائيل إلى أن الجيش الإسرائيلي كان يمتلك معلومات استخباراتية دقيقة قبل هجوم حماس، لكن ضعف التعامل معها أدى إلى فشل في توقع الهجوم وتهيئة الدفاعات اللازمة. ويشكل هذا الإخفاق درساً مهماً حول ضرورة معالجة التحذيرات الاستخباراتية بجدية، وتطوير آليات فعالة لتحليل المعلومات لضمان حماية الأمن الوطني وتقليل الخسائر في أي صراع مستقبلي.