مرصد دولي يعلن انتهاء المجاعة في غزة ويحذر من هشاشة الوضع
أعلن المرصد العالمي لمراقبة الجوع، وهو جهة دولية متخصصة في رصد وتحليل الأزمات الغذائية حول العالم، يوم الجمعة، أن قطاع غزة لم يعد مصنّفًا ضمن المناطق التي تشهد مجاعة وفق المعايير الدولية المعتمدة، وذلك بعد تحسّن نسبي في وصول الإمدادات الغذائية الإنسانية والتجارية خلال الفترة الأخيرة.
وأوضح المرصد الدولي أن هذا التطور جاء في أعقاب تنفيذ وقف إطلاق النار الهش الذي بدأ في العاشر من أكتوبر الماضي، في إطار الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس، مشيرًا إلى أن تدفق المساعدات الغذائية وفتح بعض المسارات التجارية أسهما في تخفيف حدة الأزمة الغذائية التي كانت قد بلغت مستويات غير مسبوقة في الأشهر الماضية.
وأشار المرصد العالمي لمراقبة الجوع إلى أن المؤشرات الحالية لا تستوفي الشروط الفنية اللازمة لإعلان المجاعة، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن الوضع الإنساني في قطاع غزة لا يزال بالغ الخطورة، وأن التحسن المسجل يظل محدودًا وقابلًا للتراجع في أي لحظة، في حال تعرّض وقف إطلاق النار للانهيار أو تعطلت سلاسل الإمداد من جديد.
وكان المرصد قد أعلن قبل نحو أربعة أشهر أن حوالي 514 ألف شخص في قطاع غزة، أي ما يعادل قرابة ربع السكان، كانوا يعانون من المجاعة، في واحدة من أسوأ الأزمات الغذائية التي يشهدها القطاع منذ سنوات. ورغم التراجع النسبي في حدة الأزمة حاليًا، حذر المرصد من أن استمرار الاعتماد على تدفق المساعدات دون حلول جذرية قد يؤدي إلى عودة الأوضاع الإنسانية إلى مربع الخطر.

وفي سياق متصل، أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، وهي وكالة أممية، أن إعلان انتهاء المجاعة لا يعني انتهاء المعاناة الغذائية في قطاع غزة. وحذّر المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، من أن نحو 1.6 مليون شخص في القطاع ما زالوا يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ما يعكس حجم التحديات الإنسانية المستمرة.
وأوضح لازاريني أن أحدث تقرير صادر عن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، وهو إطار دولي معتمد لتقييم شدة الأزمات الغذائية، يُظهر مدى هشاشة المكاسب التي تحققت منذ بدء وقف إطلاق النار في أكتوبر الماضي. وأضاف أن التحسن المسجل حتى الآن لا يزال غير كافٍ لضمان الأمن الغذائي المستدام لسكان القطاع.
وشدد المفوض العام لوكالة الأونروا على أن إنهاء الكارثة الإنسانية في غزة يتطلب السماح بدخول الإمدادات الغذائية والطبية والإنسانية على نطاق واسع ومنتظم، إضافة إلى تمكين العاملين في المجال الإنساني من أداء مهامهم دون عوائق أمنية أو لوجستية. وأكد أن استمرار القيود المفروضة على حركة المساعدات يحدّ من قدرة الوكالات الدولية على تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.
وتأتي هذه التطورات في وقت تتواصل فيه الدعوات الدولية إلى تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والعمل على حماية المدنيين الفلسطينيين، ومعالجة التداعيات الإنسانية الواسعة للحرب، والتي شملت دمار البنية التحتية، وتراجع الخدمات الصحية، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة.
ويرى خبراء إنسانيون أن انتهاء تصنيف المجاعة لا يعني تحسنًا شاملًا في الظروف المعيشية، مؤكدين أن غالبية سكان غزة لا يزالون يعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات الخارجية لتأمين احتياجاتهم الأساسية. كما حذروا من أن أي تصعيد عسكري جديد أو تعطيل لمسارات الإغاثة قد يعيد الأزمة الغذائية إلى مستويات كارثية خلال فترة قصيرة.
وبين إعلان المرصد العالمي لمراقبة الجوع انتهاء المجاعة، وتحذيرات وكالة الأونروا الأممية من استمرار انعدام الأمن الغذائي، تبقى الأوضاع في قطاع غزة مرهونة بمدى استدامة التهدئة، وبتكثيف الجهود الدولية لضمان استجابة إنسانية شاملة، تحول دون عودة شبح المجاعة مجددًا إلى أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع.