بريطانيا تستثني حقل ظهر المصري من العقوبات على روسيا
قررت الحكومة البريطانية استثناء حقل «ظُهر» للغاز الطبيعي في جمهورية مصر العربية من العقوبات المفروضة على روسيا الاتحادية، في خطوة تعكس الأهمية الاستراتيجية للحقل على صعيد أمن الطاقة الإقليمي والدولي.
ويأتي هذا القرار ضمن تحديث على نظام العقوبات البريطاني، بحسب ما نقلته وكالة «رويترز»، ليُضاف حقل «ظهر» إلى قائمة المشروعات المعفاة من القيود المرتبطة بالشركات الروسية الخاضعة للعقوبات.
وبحسب البيانات الرسمية، تمتلك شركة «روسنفت» الروسية المملوكة للدولة، وهي إحدى كبرى شركات الطاقة في روسيا الاتحادية، حصة تبلغ 30% من حقل «ظُهر» المصري، في حين تستحوذ شركة «بي بي» البريطانية، عملاقة الطاقة في المملكة المتحدة، على حصة تقدر بنحو 10% من الحقل. أما شركة «إيني» الإيطالية، التابعة لـالجمهورية الإيطالية، فهي المشغّل الرئيسي للحقل وصاحبة الحصة الأكبر.
وكانت بريطانيا، بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، قد فرضت في أكتوبر الماضي عقوبات واسعة على شركتي «روسنفت» و«لوك أويل» الروسيتين، وهما من أكبر منتجي النفط في روسيا، في إطار مساعٍ غربية للحد من الإيرادات المالية لموسكو والضغط عليها على خلفية الحرب في أوكرانيا. إلا أن حقل «ظُهر» المصري جاء ضمن الاستثناءات، نظرًا لتشابك المصالح الدولية فيه وأهميته لإمدادات الغاز.
يُعد حقل «ظُهر» أكبر حقل غاز طبيعي في البحر المتوسط، إذ تُقدَّر احتياطياته بنحو 30 تريليون قدم مكعبة من الغاز. ويقع الحقل في المياه العميقة بالبحر المتوسط داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة لـجمهورية مصر العربية، ويمثل عنصرًا محوريًا في دعم إنتاج الغاز المحلي وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي لتداول الطاقة.
ورغم أن إنتاج الحقل تراجع عن ذروته المسجلة عام 2019، فإنه لا يزال يساهم بنحو 35% من إجمالي إنتاج الغاز في مصر، والذي يُقدَّر حاليًا بنحو 4.06 مليار قدم مكعبة يوميًا، وفق بيانات متخصصة في قطاع الطاقة.
وفي هذا السياق، تسعى شركة «إيني» الإيطالية إلى تعزيز إنتاج الحقل خلال الفترة المقبلة، حيث ذكرت تقارير حديثة أنها تستهدف إنتاج نحو 120 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز من بئرين جديدين في حقل «ظُهر» بحلول نهاية العام الجاري، ضمن خطة أوسع لرفع معدلات الإنتاج.

كما تمتلك «إيني» استثمارات تُقدَّر بنحو 8 مليارات دولار في جمهورية مصر العربية، وتشمل مشروعات تنقيب وتطوير في البحر المتوسط، في إطار شراكة استراتيجية طويلة الأمد مع الحكومة المصرية لزيادة الإنتاج وتلبية الطلب المحلي والتصديري.
وبموجب الترخيص العام الذي خضع للتعديل من قبل السلطات البريطانية، يُسمح باستمرار المدفوعات والعمليات التجارية المرتبطة بحقل «ظُهر» المصري حتى أكتوبر من عام 2027، دون أن تكشف الجهات البريطانية عن مبررات تفصيلية للإعفاء، بحسب ما أوردته وكالة «رويترز».
وتشمل قائمة المشروعات الأخرى المعفاة من العقوبات البريطانية حقول نفط وغاز كبرى في روسيا الاتحادية، وجمهورية كازاخستان، إضافة إلى مشروعات في منطقة بحر قزوين، ما يعكس توازنًا دقيقًا بين الاعتبارات السياسية ومتطلبات أمن الطاقة العالمي.
ويؤكد هذا القرار الأهمية الاستراتيجية لحقل «ظُهر» ليس فقط للاقتصاد المصري، بل أيضًا لسوق الطاقة الدولية، في ظل التحديات الجيوسياسية وتقلبات إمدادات الغاز العالمية.