مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

كيف سينعكس هجوم تدمر على علاقة حكومة الشرع بواشنطن؟

نشر
الأمصار

شهدت الساحة السورية تطورًا أمنيًا بالغ الحساسية بعد الهجوم الذي استهدف اجتماعًا مشتركًا لمسؤولين من قيادة الأمن السوري مع وفد من قوات التحالف الدولي في البادية السورية، السبت الماضي، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل ثلاثة أميركيين. 

 

 

الحادث جاء في توقيت دقيق بالنسبة للحكم السوري الجديد، خاصة مع الأنباء التي تحدثت عن انتماء منفذ الهجوم لتنظيم داعش، رغم كونه من عناصر الأمن العام، ما فتح بابًا واسعًا للتساؤلات حول الاختراقات الأمنية وتداعياتها السياسية والعسكرية داخليًا وخارجيًا.

 

تفاصيل الهجوم علي الاجتماع السوري

 

وبحسب وزارة الداخلية السورية، كان الاجتماع مخصصًا لبحث آليات مكافحة تنظيم داعش وتعزيز التنسيق الميداني بين القوات السورية وقوات التحالف الدولي، قبل أن يتسلل شخص تابع للتنظيم ويفتح النار على الحضور. وسرعان ما تحولت الأنظار نحو واشنطن، وسط تساؤلات عن تأثير الحادث على موقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من التعاون مع السلطة السورية. غير أن مصادر سورية أكدت أن الهجوم قد يقود إلى نتيجة عكسية، تتمثل في تعزيز الدعم الأميركي للقوات الحكومية السورية بدل تقليصه.

 

توقيت حساس يربك المشهد السياسي الامني

مصادر قريبة من الحكومة السورية أوضحت أن المؤسسات العسكرية والأمنية دخلت في حالة استنفار عقب الحادث، مع صدور تعليمات صارمة وإجراءات جديدة تهدف إلى تشديد الرقابة الداخلية ومنع أي اختراقات محتملة داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية، خصوصًا في المناطق الحساسة مثل البادية السورية التي تنشط فيها خلايا تنظيم داعش.

 

استنفار امني وتشديد الرقابه 

ويرى الباحث عبد الوهاب عاصي أن التنظيم سعى، عقب الهجوم، إلى استثمار الحدث إعلاميًا وميدانيًا، حيث كثف من عملياته في مناطق عدة، بينها جنوب معرة النعمان وشمال سوريا، عبر هجمات سريعة وحواجز خاطفة، في محاولة لإظهار ضعف الحكومة السورية أمام الولايات المتحدة. إلا أن عاصي يؤكد أن تصريحات المسؤولين الأميركيين تشير بوضوح إلى استمرار الشراكة مع دمشق ضمن إطار التحالف الدولي لمكافحة داعش.

 

داعش يحاول استثمار الهجووم ميدانيا واعلاميا

ويضيف عاصي أن الولايات المتحدة قد تتجه، خلافًا للتوقعات، إلى تقديم دعم لوجيستي أكبر للحكومة السورية، يشمل المساعدة في تنفيذ عمليات تمشيط واسعة في البادية وشمال البلاد لملاحقة خلايا التنظيم، وذلك في إطار التوجه الأميركي للاعتماد على الشركاء المحليين لمنع عودة داعش وتعزيز الاستقرار.

من جانبه، يستبعد السياسي والإعلامي أيمن عبد النور أن تترك حادثة تدمر تداعيات سلبية على العلاقات الأميركية السورية، معتبرًا أن الإدارة الأميركية تدرك حجم التحديات التي تواجهها الحكومة السورية، خاصة أن الجيش والأجهزة الأمنية أعيد تشكيلها خلال فترة زمنية قصيرة، مع ضم عشرات الآلاف من العناصر دون القدرة على فحص خلفياتهم بشكل دقيق.

ويرى عبد النور أن هذا الواقع قد يدفع واشنطن إلى تقديم دعم أكبر للجيش السوري من حيث التدريب والتجهيز، ليكون شريكًا أكثر فاعلية داخل التحالف الدولي، مؤكدًا أن إدارة الرئيس ترمب حريصة على وجود جهة واحدة مركزية تتعامل معها في سوريا.

في السياق ذاته، يرى الباحث مروان عبد القادر من مركز عمران للدراسات الاستراتيجية أن الحادث، بغض النظر عن خلفية منفذه، كشف عن تعقيدات عميقة رافقت نشأة النواة الأولى للجيش وقوات الأمن بعد سقوط نظام بشار الأسد. ويشير إلى أن الفراغين الأمني والعسكري، إضافة إلى عمليات الاستقطاب السريعة للمقاتلين، خلقا بيئة قابلة للاختراق، في ظل عدم القدرة على اختبار الخلفيات الآيديولوجية للعناصر المنضمة حديثًا.

ويحذر عبد القادر من أن ذلك يزيد من احتمالات امتلاك داعش أوراق قوة خطيرة، تتمثل في تنفيذ عمليات نوعية من داخل مؤسسات الدولة نفسها، ما قد يفاقم حالة عدم اليقين بشأن الاستقرار الأمني والمؤسساتي. ويشدد على ضرورة أن تقوم الدولة السورية بمراجعة شاملة للكوادر البشرية في الجيش والأمن، وإعادة بناء هذه المؤسسات على أسس مهنية واضحة تمنع أي اختراق مستقبلي.

 

جدال داخل واشنطن حول طبيعه الشراكه في سوريا

 

وعلى الصعيد الأميركي يشير أيمن عبد النور إلى وجود نقاش داخلي في وزارة الدفاع الأميركية بين تيارين؛ الأول يدعو إلى استمرار التحالف مع قوات سوريا الديمقراطية باعتبارها شريكًا أثبت فاعليته في محاربة داعش دون تسجيل حوادث مماثلة، والثاني يرى ضرورة دعم حكومة الرئيس أحمد الشرع والعمل معها باعتبارها الجهة الشرعية القادرة على بسط السيطرة على كامل الأراضي السورية.

ويرجح عبد النور أن تسهم حادثة تدمر في تعزيز موقف القيادة السورية داخليًا، عبر اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لضبط عملية التطوع في الجيش، وإجراء تغييرات في الإدارات والقيادات الأمنية، بما يعزز الانضباط ويحد من الاختراقات.

ويتفق الباحث عبد الوهاب عاصي مع هذا الطرح، معتبرًا أن تصاعد الهجمات قد يؤدي إلى رفع مستوى الجاهزية الأمنية والعسكرية، مع التحذير من خطورة تزامنها مع أي تصعيد إسرائيلي محتمل في جنوب سوريا. ويرى أن الحكومة السورية تحاول تفادي هذا السيناريو من خلال التنسيق مع الولايات المتحدة، التي لا ترغب في أي انهيار أمني، بل تدعم فرض الاستقرار ومواصلة التسويات مع الأطراف المحلية والإقليمية.

 

الهجوم ومستقبل رفع العقوبات الامريكيه

وفيما يتعلق بالعقوبات، استبعد عاصي أن يؤثر الهجوم على تصويت مجلس الشيوخ الأميركي بشأن مشروع قانون إلغاء عقوبات قيصر، موضحًا أن هناك توافقًا مسبقًا بين الحزبين على دعم الحكومة السورية في مواجهة الإرهاب، وتشجيع دمج قوات سوريا الديمقراطية ضمن منظومة الحكم، في إطار مسار يهدف إلى استقرار سوريا ومنع عودة الفوضى.