غارة بطائرة مسيّرة تودي بحياة عشرات المتمردين في حقل هجليج النفطي
شهدت الساحة السودانية تطورًا خطيرًا جديدًا بعد مقتل عشرات الأشخاص في غارة بطائرة مسيّرة استهدفت محيط حقل هجليج النفطي، الذي يعد من أكبر منشآت معالجة النفط في البلاد وأكثرها حساسية على الصعيدين الاقتصادي والعسكري.
يأتي هذا الهجوم في وقت تتسارع فيه وتيرة الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وتزداد المواجهات ضراوة حول المنشآت النفطية التي أصبحت هدفًا مباشرًا للطرفين.
ووفقًا لمصادر محلية، فإن الغارة الجوية التي وقعت الأربعاء أسفرت عن مقتل سبعة من زعماء القبائل، إضافة إلى “عشرات” من قوات الدعم السريع الذين كانوا يتواجدون قرب المنشأة النفطية.
وتُشير المعلومات الأولية إلى أن الطائرة المستخدمة في الهجوم كانت من طراز أكينجي التركية الصنع، وهي مسيّرة قتالية ذات قدرة عالية على تنفيذ ضربات دقيقة في مناطق معقدة تضاريسيًا وأمنيًا.
وأكد مسؤولان عسكريان سودانيان أن الغارة استهدفت تجمعات لمقاتلي الدعم السريع في المنطقة، مشيرين إلى أنها جاءت بعد ساعات من إعلان القوات سيطرتها على منشأة هجليج الحيوية. هذه الضربة، وفق توصيف المسؤولين، قد تغير من توازن السيطرة في المنطقة وتجدد مساعي الجيش لاستعادة الحقل الذي يمثل مصدرًا مهمًا للطاقة والدخل.
لم تتوقف تداعيات الهجوم عند السودان فقط، فقد أعلنت حكومة ولاية الوحدة في جنوب السودان مقتل ثلاثة من جنودها جرّاء الغارة، إذ كانت بعض وحداتهم قريبة من محيط الحقل لحظة الهجوم. وأكد جندي من جنوب السودان اشترط عدم الكشف عن هويته أن عدد القتلى قد يصل إلى نحو 25 شخصًا وسط توقعات بارتفاع الحصيلة مع استمرار عمليات البحث.

وأشار قائد القوات الجنوب سودانية، جونسون أولوني، في بيان رسمي، إلى احتمال أن تكون قواته قد أُرسلت لتأمين مدينة هجليج بعد سقوطها، لكنه تجنب الكشف عن تفاصيل مكثفة حول طبيعة وجود قواته في المنطقة، مكتفيًا بالتأكيد على أن الوضع الميداني “مضطرب للغاية”.
يأتي هذا التصعيد في منطقة هجليج التي تُعد إحدى أهم البقع النفطية في السودان، حيث تضم منشآت حيوية لمعالجة الخام الذي تعتمد عليه البلاد وجنوب السودان بشكل أساسي.
فجنوب السودان الذي يصدر غالبية نفطه عبر خطوط الأنابيب السودانية يجد نفسه أمام تحديات اقتصادية مضاعفة، إذ يتسبب أي توقف في الإنتاج أو تعطّل الإمدادات برفع فاتورة خسائره المالية وتهديد استقراره الاقتصادي.
كما تُعد السيطرة على الحقول النفطية جزءًا من المعركة الأكبر بين الجيش والدعم السريع، إذ يسعى الطرفان إلى تعزيز مواردهما من خلال السيطرة على الموارد الاستراتيجية التي توفر نفوذًا سياسيًا وعسكريًا في آن واحد. ومع تزايد الاعتماد على الطائرات المسيّرة في الهجمات، تشير التطورات إلى دخول الصراع مرحلة جديدة تعتمد على التكنولوجيا القتالية بدلاً من المواجهات التقليدية وحدها.
يثير هذا الهجوم موجة من المخاوف الدولية بشأن مستقبل قطاع النفط السوداني وإمكانية تأثير الصراع على صادرات المنطقة، خاصة أن حقل هجليج يُعد شريانًا اقتصاديًا بالغ الأهمية. كما يخشى مراقبون أن يؤدي استمرار الضربات الجوية إلى إلحاق ضرر بالبنية التحتية النفطية، ما قد يتسبب في كارثة اقتصادية تمتد آثارها إلى دول الجوار.
وفي ظل صمت رسمي من عدد من الأطراف الإقليمية، تتجه الأنظار إلى طبيعة الرد المتوقع من قوات الدعم السريع، وما إذا كانت ستعمل على تعزيز وجودها في المنطقة أم ستتراجع أمام الهجمات الجوية التي تتزايد وتصبح أكثر دقة وخطورة