ليبيا تستدعي القنصل اليوناني احتجاجاً على تصريحات تمس السيادة
استدعت وزارة الخارجية في الحكومة الليبية المكلّفة من البرلمان، القنصل اليوناني لدى ليبيا، أثاناسيوس أناستوبولوس، على خلفية تصريحات وصفتها طرابلس بأنها "تمس السيادة الليبية وتتعارض مع المصالح الوطنية".
وجاءت الخطوة الليبية ردًا على تصريحات صدرت عن مسؤولين في الحكومة اليونانية خلال الأيام الماضية، معتبرة أنها تجاوزات غير مقبولة في الشأن الداخلي الليبي.
وخلال اللقاء الذي جرى في مقر الخارجية بمدينة بنغازي، نقل وزير الخارجية الليبي في الحكومة المكلفة من البرلمان، عبد الهادي الحويج، الموقف الرسمي لحكومته الرافض لتلك التصريحات، والتي وصفها بأنها "غير مسؤولة" وتمثل تدخلًا صريحًا في الشؤون الليبية الداخلية.
وسلم الحويج القنصل اليوناني نسخة من البيان الرسمي الذي أصدرته الحكومة الليبية، والذي يتضمن احتجاجًا واضحًا على أي محاولة من أثينا للمساس بالسيادة أو التأثير على القرار الوطني المستقل.
وأكد الوزير الليبي للقنصل أن السيادة الوطنية الليبية خط أحمر لا يمكن تجاوزه، وأن الشعب الليبي يرفض أي تدخل خارجي يهدف إلى التأثير على مصالحه أو خياراته السيادية. وشدد كذلك على أن ليبيا حريصة على إقامة علاقات متوازنة مع مختلف الدول، بما في ذلك اليونان، بشرط أن تقوم هذه العلاقات على أساس الندية والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.
كما دعا الحويج الجانب اليوناني إلى ضبط التصريحات الرسمية والابتعاد عن إطلاق مواقف وصفها بأنها "استفزازية" وقد تُسهم في توتير العلاقات بين البلدين، مؤكدًا أن الحفاظ على علاقات ودية يخدم مصالح الشعبين ويعزز الاستقرار في منطقة شرق المتوسط التي تشهد تنافسًا جيوسياسيًا متصاعدًا.
ويأتي هذا التوتر في أعقاب مواقف يونانية متكررة تطالب بإلغاء مذكرة التفاهم البحرية الموقعة بين حكومة طرابلس وتركيا عام 2019، والمتعلقة بترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط.

وقد وصف البرلمان الليبي يوم الاثنين تصريحات المسؤولين اليونانيين بأنها "اعتداء واضح على السيادة الوطنية" ومحاولة للتدخل في اتفاقات وقعتها حكومة شرعية آنذاك.
وكان رئيس البرلمان اليوناني، نيكيتاس كاكلامانيس، قد صرّح خلال لقائه برئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح في أثينا، الأحد الماضي، بأن مذكرة التفاهم البحرية بين ليبيا وتركيا يجب إلغاؤها فورًا، معتبرًا أنها "غير قانونية".
ويرتكز الخلاف على المنطقة البحرية الواقعة جنوب شرق جزيرة كريت، والتي تمتلك احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي، وتقول اليونان إنها جزء أصيل من حدودها البحرية، بينما يعتبرها اتفاق 2019 منطقة مشتركة بين ليبيا وتركيا.
وفي سياق متصل، جدد وزير الخارجية اليوناني جورج جيرابتريتيس موقف بلاده الرافض للمذكرة البحرية، مؤكدًا أن أثينا لا تعترف بأي ترتيبات بحرية تمس حدودها السيادية أو تتجاوز القانون الدولي.
ويشير مراقبون إلى أن التصعيد الدبلوماسي بين ليبيا واليونان مرشح للاستمرار، خاصة في ظل التجاذبات حول حقوق الغاز في شرق المتوسط، وتعدد الحكومات الليبية وتباين مواقفها من الاتفاقات الموقّعة مع تركيا. ويرى محللون أن خطوة استدعاء القنصل اليوناني تعكس رغبة الحكومة المكلفة من البرلمان في تأكيد حضورها السياسي والدبلوماسي، ورفضها لأي تدخل خارجي يعتبره الليبيون مساسًا باستقلال قرارهم الوطني.