واشنطن توسّع عقوباتها ضد شبكة دولية تغذّي حرب السودان
أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، اليوم الثلاثاء، فرض حزمة عقوبات جديدة تستهدف شبكة دولية تُتهم بالمساهمة في تأجيج الحرب داخل جمهورية السودان عبر تجنيد مرتزقة أجانب بينهم جنود كولومبيون سابقون ونقلهم للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع في عدد من المناطق الملتهبة داخل البلاد، وعلى رأسها الخرطوم والفاشر.
وتأتي هذه التطورات ضمن نهج أمريكي متصاعد يسعى إلى تقليص مصادر تمويل الصراع ومنع تدفق الأسلحة والموارد البشرية إلى ساحات القتال.

وقالت الوزارة، في بيان صادر عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، إن العقوبات الجديدة شملت أربع شخصيات وأربع جهات اعتبارية تعمل في مجالات تجنيد المرتزقة وإدارتهم وتشغيلهم داخل السودان، وذلك بعد ثبوت ارتباطهم بعمليات نقل مقاتلين أجانب وتنظيم مشاركتهم في أعمال قتالية تُعد انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، وفق الرواية الرسمية الأمريكية.
وبحسب ما نقلته وكالة رويترز عن مسؤولين في واشنطن، فإن المرتزقة الذين جرى استقدامهم لأجل دعم قوات الدعم السريع شاركوا في “أدوار قتالية وتقديم خبرات تكتيكية” على الأرض، ما أسهم وفق المزاعم الأمريكية في رفع قدرات المجموعات المسلحة وإطالة عمر الحرب، التي اندلعت بشكل رسمي في أبريل 2023 وتحوّلت إلى واحدة من أعنف الصراعات في إفريقيا.
وتُعد هذه الحزمة امتدادًا لسلسلة عقوبات أمريكية بدأت أوائل عام 2025، واستهدفت قيادات بارزة في طرفَي النزاع، من بينهم زعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إضافة إلى شركات وممولين ووسطاء يُعتقد أنهم سهّلوا نقل معدات وأسلحة إلى مناطق القتال. كما سبق للولايات المتحدة أن فرضت إجراءات مماثلة ضد مسؤولين عسكريين في الجيش السوداني، من بينهم الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في رسالة أكدت من خلالها واشنطن أنها تتعامل مع الانتهاكات بمعيار واحد وليس وفق الانحياز لأي طرف.
ويشير البيان الأمريكي إلى أن الهدف من العقوبات الجديدة هو “قطع تدفقات الأموال والأسلحة” التي تُغذّي الحرب، ومنع الشخصيات والكيانات المستهدفة من الوصول إلى النظام المالي الأمريكي أو التعامل مع جهات تقع تحت سلطة الولايات المتحدة. وتشمل الإجراءات تجميد أي أصول محتملة داخل الأراضي الأمريكية، إضافة إلى منع المواطنين والشركات الأمريكية من تقديم أي خدمات لهؤلاء المدرجين على قائمة العقوبات.
وفي الوقت ذاته، أكدت وزارة الخزانة الأمريكية أنها قد تمنح تراخيص خاصة لبعض الأنشطة الإنسانية لضمان عدم تأثر المدنيين السودانيين بالعقوبات، خصوصًا تلك المتعلقة بالمساعدات الطبية والغذائية والاحتياجات الأساسية، وذلك في محاولة للفصل بين الضغط على الأطراف المسلحة وحماية الوضع الإنساني المتدهور.
تصعيد دبلوماسي يعكس حجم الأزمة
وتأتي العقوبات الجديدة في وقت يعيش فيه السودان أزمة إنسانية خانقة أدت بحسب الأمم المتحدة وتقديرات دولية نقلتها صحيفة "ذا غارديان" البريطانية إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد ملايين المواطنين داخليًا وخارجيًا.
كما تسببت الحرب في انهيار واسع للخدمات الأساسية والبنى التحتية، وسط تحذيرات من تحول النزاع إلى صراع طويل الأمد يهدد الأمن الإقليمي.
وتعكس الخطوة الأمريكية مستوى التصعيد في سياسة واشنطن تجاه الملف السوداني، إذ تسعى الإدارة الأمريكية إلى قطع التمويل والموارد عن جميع الأطراف المتحاربة، بالتوازي مع محاولات دفعهم نحو مفاوضات جادة تفضي إلى تسوية سياسية توقف نزيف الدم. ومع ذلك، تظل تداعيات هذه العقوبات متوقعة على علاقات السودان مع الجهات الدولية والمنظمات التي تتعامل مع الأطراف المدرجة، في ظل مراقبة مستمرة لأي تحركات قد تؤثر على مسار الحرب أو فرص التهدئة.