تصعيد في الجنوب اللبناني ومساعٍ دولية لفتح باب المفاوضات بين بيروت وتل أبيب
شهد الجنوب اللبناني خلال الساعات الماضية حالة من التوتر المتصاعد، في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية، وتكثيف الضغوط الدولية للدفع نحو مفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل، وسط تحولات واضحة في المشهد الإقليمي والدولي.
اليونيفيل: انتهاكات إسرائيلية صريحة للقرار 1701
أكدت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" أن الغارات الإسرائيلية داخل منطقة عملها في جنوب لبنان تُعد «انتهاكات واضحة» للقرار الدولي 1701.

وأوضحت في بيان صدر صباح الجمعة أن الجيش اللبناني يعمل بالتوازي على نزع الأسلحة غير المصرّح بها، فيما تواصل إسرائيل قصف مناطق واسعة في الجنوب.
وطالبت اليونيفيل بإجراء تحقيق شامل وفوري في حادث إطلاق النار الذي استهدف دورية تابعة لها قرب بلدة بنت جبيل ليل الخميس، مشيرة إلى أنها تنتظر كشف الفاعلين وتقديمهم للعدالة.
كما حذّرت السلطات اللبنانية من أي ردِّ فعل محتمل قد يُفاقم التوتر على الخط الأزرق.
موقف أمريكي: دعوة إلى مفاوضات مباشرة وتحذير من الحرب
ودعا المبعوث الأمريكي توم براك إلى فتح مفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل، محذرًا من أن استمرار الوضع الحالي «ينذر بخطر عودة الحرب». ونبّه إلى أن نزع سلاح حزب الله بالقوة غير ممكن، داعيًا جميع الأطراف إلى تجنّب التصعيد والبحث عن تسوية تحافظ على الاستقرار.
القيادة اللبنانية: وقف النار أولًا… وانسحاب كامل

من جانبه، أكد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أن «المطلوب اليوم هو وقف إطلاق النار وتثبيته»، مع ضرورة إعادة الأسرى اللبنانيين وفرض انسحاب كامل للاحتلال من الأراضي اللبنانية، معتبرًا أن لا خيار آخر أمام لبنان في ظل استمرار الانتهاكات الإسرائيلية.
كما يزور وفد من ممثلي 15 دولة في مجلس الأمن الدولي بيروت اليوم، لبحث الخيارات المرتبطة بمرحلة ما بعد انتهاء مهمة اليونيفيل، وذلك بعد تصريحات رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام الذي تحدث مؤخرًا عن خيارات بديلة تشمل قوة دولية صغيرة أو بعثة مراقبة حدودية جديدة.
تفاصيل الاتصالات السياسية: مراسل القاهرة الإخبارية يشرح التطورات
وفي حديث لـ«القاهرة الإخبارية»، أوضح مراسلها في بيروت أحمد سنجاب أن الدولة اللبنانية تقوم بخطوات «حثيثة» خلال الأيام الأخيرة لتأكيد رغبتها في الحل السياسي والدبلوماسي للوضع جنوبًا.
وأشار إلى أن مبادرة الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال عيد الاستقلال كانت نقطة مفصلية، بعد إعلانه استعداد لبنان للتفاوض المباشر برعاية دول صديقة، تلتها خطوة تعيين عنصر مدني لرئاسة الوفد اللبناني في اللجنة الفنية العسكرية "الميكانزم" التي تضم ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا والجيشين اللبناني والإسرائيلي إلى جانب اليونيفيل.

سنجاب أكد أن لبنان يسعى عبر هذه المفاوضات إلى:
وقف كامل للأعمال العدائية.
وقف الانتهاكات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار.
تحرير الأراضي التي لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية (خمس نقاط حدودية).
الإفراج عن الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية.
الوصول إلى ترسيم الحدود البرية بعد إنجاز الترسيم البحري عام 2022.
وأشار إلى أن الاعتداءات الإسرائيلية تزامنت مع جلسة الحكومة لمناقشة خطة حصر السلاح بيد الدولة، معتبرًا ذلك «رسالة سلبية» تجاه الجهود اللبنانية السلمية.
موقف الباحثين: الدور المصري يحرك الملف الإقليمي
ولتحليل المشهد، قال الكاتب والباحث السياسي عبد الله نعمة إن دعوة المبعوث الأمريكي ليست جديدة، لكن التطور الفعلي جاء — بحسب قوله — مع التحرك المصري الذي أعاد فتح مسار التفاوض، بدءًا من زيارة رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد إلى بيروت.
وأشار نعمة إلى أن الدور العربي، خصوصًا المصري، أصبح أكثر تأثيرًا في الملف اللبناني، وأن القاهرة تلعب دور «الضامن» في ما يتعلق بملف سلاح حزب الله، خصوصًا بعد طرح تجميد سلاح الحزب شمال الليطاني مقابل تقدّم المفاوضات وانسحابات إسرائيلية من الجنوب.
ورأى أن «الدور الإيراني في لبنان يقترب من نهايته»، وأن توافقًا عربيًا–دوليًا — يشمل مصر والسعودية والولايات المتحدة — يدفع نحو مرحلة جديدة، تتضمن: