مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

قوة دولية وحكومة تكنوقراط.. ملامح المرحلة الثانية من اتفاق السلام في غزة

نشر
جانب من توقيع ترامب
جانب من توقيع ترامب على خطة السلام في غزة

بين ركام الحرب وارتباك المشهد السياسي، تدخل «غزة» مُنعطفًا جديدًا في واحد من أكثر الاتفاقات حساسية في تاريخ المنطقة. فبعد أسابيع من التفاوض المُضني، تتجه الأنظار إلى المرحلة الثانية من «اتفاق السلام»؛ مرحلة تتخطى حدود الهُدنة إلى رسم ملامح مستقبلٍ مختلف، تتصدره «قوة دولية» تُكلّف بإدارة الأمن على الأرض، و«حكومة تكنوقراط» يُعوَّل عليها لالتقاط خيوط الإدارة المدنية وإعادة بناء المؤسسات المُنهكة. ومع كل خطوة تُرسم على الورق، تتزايد الأسئلة حول قدرة الأطراف على الالتزام، وحول ما إذا كان هذا المسار قادرًا فعلاً على فتح نافذة نحو الاستقرار، أم أنه مُجرّد فصل جديد من التعقيد. إنها مرحلة حاسمة، تقف فيها غزة بين الأمس المُثقل بالدمار، وغدٍ لم تتّضح معالمه بعد.

إعلان وشيك للمرحلة الثانية

من المقرر أن يُعلن الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، قبل نهاية العام، تفاصيل الانتقال إلى المرحلة الثانية من «عملية السلام في غزة»، بما يشمل الكشف عن الهيكل المقترح للحكم الجديد في القطاع الذي دمّرته الحرب الإسرائيلية.

يأتي ذلك في إطار «خطة السلام» المُوقّعة في شرم الشيخ بمشاركة الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» وعدد من قادة الدول والتي تتضمن (20) بندًا، شملت المرحلة الأولى منها وقف الحرب بين إسرائيل وحماس، وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، بالإضافة إلى تيسير تدفق المساعدات إلى القطاع المُحاصر منذ عامين كاملين.

محافظة أمريكية على إنجاز

على الرغم من توقيع وقف إطلاق النار، واصل الاحتلال الإسرائيلي منذ 11 أكتوبر، خروقاته عبر الضربات المختلفة أدت إلى استشهاد (366) فلسطينيًا، وبحسب وكالة «أكسيوس»، تُريد الإدارة الأمريكية الحفاظ على أكبر إنجاز لها في السياسة الخارجية.

ومن أجل المُضي قّدمًا في الاتفاق، يعتزم «ترامب» الإعلان قبل «عيد الميلاد» عن انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، وفقًا لمسؤولين أمريكيين ومصدر غربي مشارك بشكل مباشر في العملية، كما سيكشف عن هيكل الحكم الجديد.

خطوات حاسمة بالمرحلة الثانية

تتضمن «المرحلة الثانية» من الاتفاق انسحاب الاحتلال إسرائيل من المزيد من أراضي قطاع غزة، ونشر قوة الاستقرار الدولية في غزة، وتشكيل هيكل حكم جديد يدخل حيز التنفيذ، بما في ذلك مجلس السلام بقيادة «ترامب»، ويزعم البيت الأبيض أنها ستُوفر الأمن والازدهار لسكان غزة والمنطقة على نطاق أوسع.

وحول «قوة الاستقرار الدولية»، التي وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على تشكيلها مُؤخرًا، أكّد المسؤولون أنها في المراحل الأخيرة من تشكيلها، إذ تقدمت جميع البنود الخاص بها بشكل كبير، ويأملون الإعلان عن كل تفاصيلها قبل عطلة أعياد الميلاد الأمريكية.

Hamas rejects Israeli truce disarmament proposal - official
حماس

قوة الاستقرار

أبدت دول مثل «إندونيسيا وأذربيجان» استعدادها للمساهمة بقوات في «قوات الأمن الفلسطينية»، ومن المقرر أن تنتشر القوة في الجزء من قطاع غزة الذي يُسيطر عليه الجيش الإسرائيلي حاليًا، ووفقًا لهم سيسمح ذلك بحدوث انسحاب إضافي للجيش الإسرائيلي من مناطق اخرى.

أما بخصوص «مجلس السلام»، فمن المتوقع أن يكون هو الهيكل الحاكم للقطاع يترأسه الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، ويضم نحو عشرة من زعماء الدول العربية والغربية، وسيكون هناك مجلس تنفيذي دولي يضم «توني بلير» ومستشاري ترامب «جاريد كوشنر» و«ستيف ويتكوف»، ومسؤولين كبار إضافيين من البلدان الممثلة في مجلس السلام.

حكومة تكنوقراط

أفادت المصادر بأن الولايات المتحدة في المراحل «النهائية» لتحقيق التوافق مع إسرائيل والسُلطة الفلسطينية ودول المنطقة بشأن «تشكيلة الحكومة التكنوقراطية»، والتي ستعمل تحت إشراف المجلس التنفيذي، وستضم بين (12) إلى (15) فلسطينيًا من ذوي الخبرة في الإدارة والأعمال، وغير منتمين إلى «حماس» أو «فتح» أو أي حزب أو فصيل فلسطيني آخر.

وضمت القائمة الأولية للمرشحين (25) شخصًا، تم استبعاد نصفهم تقريبًا، يعيش بعض المرشحين منهم حاليًا في قطاع غزة، بينما أقام آخرون فيها سابقًا، وسيعودون للعمل في الحكومة الجديدة، وشددت المصادر على أن الولايات المتحدة تُريد توفير كل العناصر اللازمة للتوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الثانية، مع موافقة كل بلدان المنطقة، ثم عرضه على حماس لقبوله.

وبموجب الاقتراح، يتعين على «حماس» أولًا أن تتخلى عن أسلحتها الثقيلة، ثم تبدأ عملية نزع أسلحتها الخفيفة، وبحسب المصادر، هناك تفاؤل من قِبل الوسطاء بالتوصل إلى اتفاق مع الحركة على عكس إسرائيل، والمعادلة ستكون «خروج الجيش الإسرائيلي من غزة وخروج حماس من السُلطة».

تساؤلات لا تزال مفتوحة

وهكذا تقف «غزة» على أعتاب مرحلةٍ جديدة، لا تزال ملامحها تتشكل بين المبادرات الدولية والحسابات الإقليمية وتعقيدات الواقع الميداني. وبينما يترقّب «الفلسطينيون» ما ستُسفر عنه الخطوات المُقبلة، تبقى المرحلة الثانية من «اتفاق السلام» اختبارًا حقيقيًا لقدرة المجتمع الدولي على تحويل الوعود إلى واقع، ولإرادة الأطراف كافة في تجنيب القطاع جولة جديدة من الدمار. ومع اقتراب الإعلان المُرتقب عن شكل الحُكم الجديد، يبقى السؤال الأبرز: «هل تنجح هذه المرحلة في فتح نافذة أمل لغزة المُنهكة، أم أنها ستكون محطة أخرى تُضاف إلى سجل المبادرات المؤجلة؟»