مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

عنوانها «الاحترام المتبادل».. تفاصيل محادثة «ودية» بين رئيس فنزويلا وترامب

نشر
مادورو و ترامب
مادورو و ترامب

في مشهد دبلوماسي لافت، كسر الرئيس الفنزويلي، «نيكولاس مادورو»، حاجز التوتر التقليدي بين كاراكاس وواشنطن، كاشفًا عن محادثة «ودية» جمعته بنظيره الأمريكي، «دونالد ترامب»، سادتها لغة الاحترام المتبادل وتبادل الإشارات الإيجابية. وجاء هذا التواصل في وقت تتصاعد فيه التعقيدات الإقليمية، وتتقاطع فيه مصالح البلدين على خطوط النزاع والاقتصاد والطاقة، ما أضفى على هذه المكالمة بُعدًا غير مُتوقع يُعيد رسم ملامح العلاقة المتأرجحة بين الطرفين.

انفراجة دبلوماسية حذرة

بحسب الرئيس الفنزويلي، فقد حملت المحادثة نبرة مختلفة تمامًا عما اعتدته العاصمتان خلال السنوات الماضية، حيث تبادل الجانبان رسائل تهدئة وتلميحات سياسية تعكس رغبة مُحتملة في فتح نوافذ جديدة للحوار، ولو في حدود ضيقة، وسط مشهد دولي مُتوتر يبحث فيه الجميع عن توازنات جديدة ومخارج أقل كلفة.

وصرّح نيكولاس مادورو، فجر اليوم الخميس، أنه تحدث هاتفيًا مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وسط الأزمة الحادة بين واشنطن وكاراكاس.

فرصة دبلوماسية مُحتملة

قال «مادورو»، عبر التلفزيون الرسمي، إن المحادثة قبل نحو عشرة أيام كانت «ودية ومبنية على الاحترام المتبادل».

وأضاف الرئيس مادورو: «تحدثت مع رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب.. ويُمكنني القول إن المحادثة جرت بنبرة محترمة، بل ويُمكنني القول إنها كانت ودية».

وأشار رئيس فنزويلا في كلمته إلى أن المحادثة «فرصة مُحتملة للدبلوماسية».

عرض مغادرة مشروط

ذكرت «رويترز»، يوم الإثنين، نقلًا عن أربعة مصادر مطلعة على المكالمة، أن «مادورو» أبلغ «ترامب» أنه مُستعد لمغادرة «فنزويلا» إذا حصل هو وعائلته على عفو قانوني كامل، بما في ذلك رفع العقوبات الأمريكية وإنهاء قضية رئيسية أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وبينما تبقى مسارات هذه المحادثة مُحاطة بالغموض، يظل الثابت أن لغة «الاحترام المتبادل» فتحت بابًا غير مُتوقع للتواصل بين واشنطن وكاراكاس. ورغم أن الطريق ما يزال طويلًا وشائكًا، إلا أن اتصالًا واحدًا بدا كافيًا لإحياء احتمال ولو ضئيل لعودة الحوار بين الطرفين بعد سنوات من القطيعة والتوتر.

بين الخنق والمُهلة الأخيرة.. «ترامب» يُلوّح لـ«مادورو» بعرض الرحيل

تتزايد الضغوط على «فنزويلا» إلى مستويات غير مسبوقة، بينما يجد الرئيس «نيكولاس مادورو» نفسه أمام معادلة لا ترحم: إمّا «القبضة الأمريكية» التي تُحكم خناقها يومًا بعد يوم، أو «العرض الأخير» الذي لوَّح به الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، مُمهِّدًا الطريق لرحيلٍ سلس قبل لحظة الانفجار. وفي ظلّ العقوبات الثقيلة التي تضرب قلب «الاقتصاد الفنزويلي»، تتعالى الأصوات داخل وخارج البلاد مُطالِبةً بإغلاق صفحة «مادورو»، فيما تُظهر واشنطن استعدادًا لتسهيل الخروج إذا جاء القرار من الداخل… قرار قد يُحدّد مصير دولة كاملة تقف على حافة الهاوية.

ترامب يُصعّد ضد فنزويلا

وفي تطور لافت، كشفت «ذا جارديان» البريطانية، أن دونالد ترامب أبلغ نيكولاس مادورو، خلال آخر مكالمة بينهما، بوجوب مغادرة الحُكم في «فنزويلا»، مُعتبرًا ذلك الفرصة «الأخيرة» قبل تشديد الضغط.

ولم تُقدّم الحكومة الأمريكية والفنزويلية أي تفاصيل إضافية بشأن المواضيع التي تمت مناقشتها خلال المحادثة غير العادية للغاية، التي يُعتقد أنها جرت في 21 نوفمبر. وأكّد «ترامب» إجراء المكالمة، وقال للصحفيين: «لا أستطيع أن أقول إنها سارت بشكل جيد أو سيئ، لقد كانت مكالمة هاتفية».

رسالة صريحة وتصعيد بحري

لكن مصادر أفادت لصحيفة «ميامي هيرالد»، بأن الرئيس الأمريكي أرسل «رسالة صريحة» إلى نظيره من «أمريكا الجنوبية»، الذي يعد محور حملة ضغط مُستمرة منذ أربعة أشهر، حيث أمر «ترامب» بنشر قوات بحرية ضخمة قبالة الساحل الشمالي لفنزويلا.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن ترامب قوله: «يُمكنك إنقاذ نفسك وأقرب الناس إليك، ولكن يجب عليك مغادرة البلاد الآن»، وعرض مرورًا آمنًا لـ«مادورو» وزوجته وابنه فقط إذا وافق على الاستقالة على الفور.

رفض فوري وشروط صارمة

رفض الرئيس الفنزويلي «مادورو»، التنحي عن منصبه على الفور، وقدّم سلسلة من المطالب «المُضادة»، بما في ذلك الحصانة الدولية من المُلاحقة القضائية، والسماح له بالتنازل عن السيطرة السياسية مع الاحتفاظ بالسيطرة على القوات المسلحة.

وذكرت الصحيفة أنه لم يُجرَ أي اتصال مباشر آخر بين ترامب ومادورو، على الرغم من أن «مادورو» طلب، بحسب التقارير، مكالمة ثانية نهاية الأسبوع الماضي بعد أن أعلن «ترامب» إغلاق المجال الجوي الفنزويلي «كليًا»، وزعمت صحيفة «ميامي هيرالد»، أن «حكومة مادورو لم تتلقَّ أي رد»، مُشيرةً إلى أن المناقشة الأولى جرت بوساطة من البرازيل وقطر وتركيا.

شكوك حول التهديد العسكري

على الرغم من الادعاءات المُسربة بأن «ترامب» وجّه إنذارًا نهائيًا إلى «مادورو»، فإن العديد من المراقبين يُشككون في أن الرئيس الأمريكي ينوي دعم هذه التهديدات بعمل عسكري واسع النطاق.

وفي الشهر الماضي، قال مصدر على اتصال منتظم مع كبار المسؤولين الفنزويليين لصحيفة «وول ستريت جورنال»: «إن مادورو ومُعظم حلفائه يعتبرون التهديدات العسكرية الأمريكية مُجرّد خدعة».

مادورو ينجو من الأزمات

منذ انتخابه في عام 2013، نجا الزعيم الفنزويلي من سلسلة من الأزمات، بما في ذلك حملة «الضغط الأقصى» التي شنّها «ترامب» في ولايته الأولى، وعدة جولات من الاحتجاجات الجماهيرية، والانهيار الاقتصادي التاريخي، ومحاولة اغتيال في عام 2018، والهزيمة الواضحة في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، والتي يُعتقد على نطاق واسع أن «مادورو» خسرها أمام الدبلوماسي السابق «إدموندو جونزاليس».

وحثّت صحيفة «وول ستريت جورنال» إدارة ترامب على مواصلة تصعيد الضغط على «فنزويلا»، وأعربت عن اعتقادها بأن «عزل مادورو يصب في المصلحة الوطنية الأمريكية».

وفي محاولة للتوصل إلى «حل سلمي»، عرض الرئيس الكولومبي، «جوستافو بيترو»، مدينة «قرطاجنة» الكولومبية كموقع مُحتمل لإجراء محادثات بين نظام مادورو والمعارضة الفنزويلية.

مادورو بين الرحيل والبقاء

وبين خنقٍ اقتصادي يشتد يومًا بعد يوم، ومُهلة سياسية قد تكون الأخيرة، يقف «نيكولاس مادورو» أمام لحظة الحقيقة؛ فالعرض الأمريكي المطروح ليس خيارًا سهلًا، لكنه أيضًا ليس قابلًا للتجاهل. وفي الوقت ذاته، تُبقي «واشنطن» أوراق الضغط في يدها، مُلوّحة بمزيد من الإجراءات إذا أصرّ القصر الرئاسي في «كاراكاس» على البقاء في مواجهة العاصفة. ومع مرور الوقت وتزايد الاحتقان الداخلي، تبدو «فنزويلا» مُعلّقة بين مسار تفاوضي قد يُنقذ ما تبقّى، ومصيرٍ مجهول قد يدفع البلاد إلى فوضى لا تُبقي ولا تذر… بينما يترقّب العالم قرار الرجل الذي بات كل يومٍ يضيق عليه أكثر من الذي يسبقه.