انتقادات حادة لتعيين زامير رئيسًا للأركان.. وزيادة التوتر داخل إسرائيل
تتواصل حالة التوتر داخل القيادة السياسية والعسكرية في دولة إسرائيل، بعدما كشفت هيئة البث الإسرائيلية عن تصاعد انتقادات حادة من دوائر مقربة من رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن تعيين إيال زامير رئيساً لأركان الجيش الإسرائيلي، وهو القرار الذي وصفه بعض المقربين بأنه "خطأ فادح" أدى إلى توتير العلاقة بين المستويات القيادية في الدولة.
وبحسب الهيئة، يعزو المنتقدون موقفهم إلى ما يعتبرونه "استقلالية مفرطة" في أداء رئيس الأركان إيال زامير، وهو ما يرون أنه يتجاوز الحدود المقبولة داخل المنظومة العسكرية التي تخضع وفق القانون الإسرائيلي للسلطة السياسية المباشرة ممثلة برئيس الحكومة ووزير الجيش. وتشير المصادر إلى أن زامير اتخذ خلال الفترة الأخيرة سلسلة خطوات وقرارات دون الرجوع الكامل للمستوى السياسي، الأمر الذي أدى إلى خلافات حادة بينه وبين وزير الجيش الإسرائيلي يسرائيل كاتس.
وتأتي هذه التطورات في ظل سلسلة أزمات داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، إذ تؤكد تقارير إعلامية أن العلاقة بين زامير وكاتس شهدت تصعيداً غير مسبوق خلال الأيام الماضية، ما دفع رئيس الوزراء نتنياهو إلى التدخل شخصياً وعقد اجتماع بين الطرفين بهدف تهدئة الأجواء. وخلال الاجتماع، نقلت المصادر عن نتنياهو قوله لزامير إنه "محق في بعض النقاط"، إلا أنه شدد على أن رئيس الأركان "يبقى خاضعاً للقيادة السياسية"، في تأكيد صريح على حدود دور المؤسسة العسكرية داخل إسرائيل.
غير أن الأزمة لم تتوقف عند هذا الحد، إذ أعلن نتنياهو نيته عقد اجتماع ثلاثي يجمعه بوزير الجيش ورئيس الأركان لاحتواء الخلافات، إلا أن كاتس رفض حضور الاجتماع، مفضلاً عقد اجتماعات منفصلة، وهو ما اعتبره مراقبون إشارة واضحة إلى عمق الهوة بينه وبين زامير، وإلى أن الخلاف قد تجاوز حدود الجدل المهني ليأخذ بعداً سياسياً داخل حكومة الاحتلال.

وتفاقمت الأزمة أكثر بعد الإجراءات التي اتخذها وزير الجيش، إذ قرر تجميد تعيينات كبار الضباط لمدة 30 يوماً، إلى جانب مطالبته بإعادة تشكيل لجنة تحقيقات الجيش الخاصة بأحداث هجوم 7 أكتوبر 2023، وهي خطوات اعتبرها زامير مضرة باستعداد الجيش وقدرته على الحفاظ على جاهزيته العملياتية. وتؤكد مصادر إسرائيلية أن هذه الخطوة أشعلت غضب رئيس الأركان الذي رأى فيها تدخلاً مباشراً في عمل القيادة العسكرية.
وفي تطور إضافي يعكس عمق التصدعات داخل الحكومة الإسرائيلية، ذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم"، أن نتنياهو يدرس إجراء تعديل وزاري واسع قد يشمل استبدال وزير الدفاع الحالي يسرائيل كاتس بوزير الخارجية جدعون ساعر، خاصة بعد المواجهة العلنية التي حدثت بينهما مطلع الأسبوع الجاري. ورغم أن القرار لم يُتخذ رسمياً بعد، تشير مصادر مقربة من نتنياهو إلى وجود توجه متزايد نحو هذا الخيار إذا استمر كاتس في التحرك بشكل مستقل عن توجهات رئيس الوزراء.
ويأتي هذا المشهد المتوتر في وقت تواجه فيه إسرائيل تحديات أمنية واستراتيجية معقدة داخلياً وخارجياً، ما يجعل الانقسامات السياسية والعسكرية الحالية عاملاً إضافياً يثير قلق المراقبين بشأن قدرة الحكومة على إدارة الملفات الأمنية بكفاءة، في ظل غياب الانسجام المطلوب بين القيادة السياسية وقيادة الجيش.