قضية اختفاء قيادي تتحول إلى مواجهة بين النيابة والاستخبارات العسكرية في السودان
في بلد يعيش على وقع حرب ممتدة منذ عامين، برزت قضية القيادي في المقاومة الشعبية خالد محمد مصطفى كواحدة من أكثر الملفات حساسية داخل المشهد السوداني. فالقصة التي بدأت ببلاغ فقدان شخص في أغسطس الماضي، انتهت باعترافات رسمية لضابطين في الجيش، لتضع الاستخبارات العسكرية في مواجهة مباشرة مع النيابة العامة.
في 17 أغسطس، تقدمت شقيقة خالد ببلاغ عاجل إلى قسم شرطة مدينة النيل في أم درمان بعد اختفائه المفاجئ. ورغم إصدار الشرطة تعميماً جنائياً، جاءت الردود الرسمية لتؤكد أنه غير محتجز في أي مركز شرطي. ومع مرور الأسابيع، بدأت شهادات تظهر لتشير إلى أن قوة تابعة للاستخبارات العسكرية اختطفته برفقة اللواء معاش عبد الباقي الحسن بكراوي، ما وضع القضية في سياق جديد أكثر خطورة.
بعد سلسلة مراسلات لم تلقَ استجابة من إدارة الاستخبارات العسكرية، أصدر وكيل النيابة الأعلى بمحلية كرري مولانا الهادي عبد الله في منتصف أكتوبر أوامر قبض بحق الرائد (م. ح. هـ) والنقيب (هـ. ع. أ). وبحسب ما نقلته صحيفة «السوداني»، تمكنت الشرطة من توقيف أحد الضابطين في أحد الأسواق الشعبية، بينما سلّم الثاني نفسه برفقة المستشار القانوني للاستخبارات العسكرية، لتبدأ مرحلة جديدة من التحقيقات.
القضية لم تعد مجرد بلاغ فقدان شخص، بل تحولت إلى رمز لصراع أكبر بين القانون والقوة في السودان
بحضور وكيل النيابة الأعلى بمحلية كرري مولانا العالم محمد راشد، سجّل الضابطان اعترافات رسمية بمشاركتهما في اعتقال بكراوي وخالد في المكان والزمان المذكورين بالبلاغ. وبعد استجوابهما، تمت إعادتهما إلى وحدتهما العسكرية بخطاب رسمي، مع تسجيلهما كمتهمين في دفتر المقبوض عليهم، على أن يتم إحضارهما عند طلب النيابة. وتستعد النيابة حالياً لاستدعاء خالد محمد مصطفى لاستكمال التحقيقات تمهيداً لإحالة القضية إلى المحكمة.
القضية لم تعد مجرد بلاغ فقدان شخص، بل تحولت إلى رمز لصراع أكبر بين القانون والقوة في السودان. في ظل الحرب المستمرة وما يرافقها من اتهامات بانتهاكات واسعة، أصبحت هذه القضية بمثابة اختبار حقيقي لمدى قدرة النيابة العامة على فرض سلطتها ومساءلة المتورطين، لتكشف عن عمق التحديات التي تواجه مؤسسات الدولة في واحدة من أكثر الفترات اضطراباً في تاريخ البلاد.