تصريح مثير لرئيس حزب جزائري يثير جدلاً حول تضحيات الشهيدات
أثار تصريح لرئيس حزب "صوت الشعب" الجزائري، لمين عصماني، ضجة واسعة بين الحقوقيين والجمعيات النسوية، بعد أن قال إن "شهيدات الجزائر ضحين بعرضهن"، وهو ما اعتُبر مساً بكرامة النساء وتضحياتهن خلال الثورة التحريرية الجزائرية (1954-1962).
وجاءت التصريحات خلال اللقاء الجهوي لولايات الشرق بولاية عنابة، حيث حاول عصماني التأكيد على أهمية التضحيات التي قدمتها نساء ورجال الجزائر في سبيل الوطن، قائلاً: "هذه البلاد مات من أجلها نساء ورجال، وهي مسقية بالدم، ليس لكي نلعب بها.. شهيدات أعطين دمهن وعرضهن من أجل الوطن".

ولاقى التصريح انتقادات لاذعة من عدد من الحقوقيين والمحللين، الذين اعتبروا أن استخدام عبارة "قدمن عرضهن" يشوّه الحقائق التاريخية ويقلل من تضحيات النساء المجاهدات. من بين المنتقدين، المحامية والمستشارة القانونية في الاتحاد الجزائري للملكية الفكرية، فتيحة رويبي، التي وصفت التصريح بـ"الخطير"، مشيرة إلى أن بعض النساء الجزائريات تعرضن للاغتصاب من قبل المستعمر بالقوة أثناء الثورة، مؤكدة أن عبارة "قدمن عرضهن" توحي بأنهن تنازلن عن شرفهن بمحض إرادتهن، وهو ما لا يعكس الحقيقة التاريخية.
ودعت رويبي منظمة المجاهدين ووزارة المجاهدين إلى التدخل الفوري ومحاسبة صاحب التصريح، مؤكدة أن الحفاظ على دقة التعبيرات التاريخية ضرورة لتفادي تشويه الواقع وتضليل الرأي العام.
من جهتها، الحقوقية فريدة بلحلول أوضحت أن الكلمات التي تصدر عن شخصيات سياسية مهمة يجب أن تكون دقيقة، خاصة عند الحديث عن تاريخ ثوري حساس. وقالت: "السياسيون عادةً ما يشيرون إلى تضحيات المجاهدين والشهداء كمثال يُحتذى به، لكن استخدام مصطلحات غير دقيقة يمكن أن يُساء تفسيرها ويُحوّل المعنى إلى ما لا يُقصد".
في المقابل، حاول عصماني توضيح موقفه، مشيراً إلى أن "المقصود من كلمة العرض هنا هو الدفاع عن الأرض والمنزل والأبناء"، مضيفاً أن الشهيدة المجاهدة ضحت وتبقى نموذجاً يُحتذى به عالمياً وليس فقط في الجزائر. وأكد أن ما أثير حول تصريحه كان مجرد "اصطياد في المياه العكرة"، وأن حديثه كان في سياق الدفاع عن مكانة المرأة ومثالها في التضحيات الوطنية.
وأضاف عصماني: "كنت أتحدث عن تضحيات الشهيدات لتكون قدوة للأجيال الحالية، ولم أقصد أي إساءة أو تحقير لتاريخهن أو كرامتهن. وأدعو المنتقدين للتركيز على قضايا أكثر أهمية بدل الالتفات إلى ألفاظ يمكن تفسيرها بشكل خاطئ".
هذا التصريح يعكس حساسية الخطاب السياسي في الجزائر عند الحديث عن الثورة والتضحيات النسائية، ويطرح تساؤلات حول كيفية الموازنة بين الدفاع عن حقوق المرأة والاحترام التام لتضحيات الشهيدات المجاهدات.