مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

لبنان يطرح رؤيته الجديدة للجنوب.. خطة سيادة كاملة تحت عين المجتمع الدولي

نشر
الأمصار

في لحظة بدت كأنها فاصلة بين حربٍ تتجدّد وسلامٍ يتلمّس طريقه بصعوبة، اختار رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون الجنوب مسرحًا لإطلاق مبادرة سياسية–أمنية غير مسبوقة.

 

من هناك، على مقربة من خطوط النار، رسم ملامح مرحلة جديدة قد تعيد صياغة مستقبل الحدود، وتعيد للدولة دورها الغائب منذ سنوات. خطوة بدت أشبه برسالة مزدوجة: إلى الداخل بأن الدولة قادرة، وإلى الخارج بأن لبنان لن يبقى ساحة مفتوحة بلا سيادة ولا قرار.

 

تأتي هذه المبادرة في لحظة إقليمية شديدة الحساسية، يختلط فيها التصعيد مع فرص العودة إلى مسار التفاهمات، ما منح كلام الرئيس زخماً داخليًا وخارجيًا لافتًا.

 

وفي خطاب حازم من منطقة لا تزال تشهد خروقات متكررة، أعلن الرئيس عون جهوزية الجيش اللبناني الكاملة لتسلّم كافة النقاط المحتلّة على طول الحدود الجنوبية بمجرد وقف الاعتداءات الإسرائيلية وانسحاب قوات الاحتلال.

 

وأوضح أن الدولة سترفع إلى اللجنة الخماسية جدولًا زمنيًا مفصّلًا يحدّد مراحل تسلّم وإعادة تموضع الجيش، بما يضمن تنفيذًا منضبطًا وشفافًا لأي اتفاق مرتقب.

ويُنظر إلى هذا التصريح على أنه انتقال من موقع الترقّب إلى موقع المبادرة، إذ يضع لبنان للمرة الأولى منذ سنوات خطة عمل واضحة تؤكد قدرة مؤسساته على تولّي مسؤولية الأمن الحدودي.

 

ومن أبرز عناصر المبادرة تكليف اللجنة الخماسية بدور إشرافي مباشر للتأكد من أن القوى المسلحة الشرعية وحدها هي التي تبسط سلطتها جنوب نهر الليطاني. 

 

ويُعدّ هذا البند إعادة تأكيد على التزام لبنان بقرارات الشرعية الدولية، وتحديدًا القرار 1701، في لحظة يتزايد فيها الضغط الدولي لضبط التوتر على الحدود واستعادة الدور المركزي للمؤسسات الرسمية.

 

وشدد رئيس الجمهورية على استعداد لبنان للدخول في مفاوضات برعاية الأمم المتحدة أو برعاية مشتركة أميركية–دولية، بهدف الوصول إلى اتفاق نهائي يضع حدًا للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وينهي حالة الاشتباك المستمرة منذ أشهر. ويعكس هذا الانفتاح رغبة لبنانية في الانتقال من إدارة الأزمة إلى حلّها، وفتح الباب أمام ترتيبات أوسع قد تطال كامل منطقة الجنوب.

 

ولم تقتصر المبادرة على الجانب الأمني، إذ دعا الرئيس عون الدول الشقيقة والصديقة إلى تبنّي آلية دولية متكاملة لدعم الجيش اللبناني وتمويل إعادة إعمار البنى التحتية التي تضرّرت جرّاء المواجهات. 

 

وتندرج هذه الدعوة ضمن هدف وطني أوسع يطمح إلى احتواء كل سلاح خارج إطار الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وربط إعادة الإعمار بعملية تثبيت السيادة.

 

بهذه المبادرة، يدخل لبنان مرحلة جديدة من المقاربة السياسية والأمنية للحدود الجنوبية. فهي رؤية متكاملة تُعيد الاعتبار لمؤسسات الدولة وتؤسّس لمسار تفاوضي قابل للتحوّل إلى تسوية دائمة، قد تضع حدًا لواحد من أكثر ملفات النزاع حساسية في المنطقة. 

 

وفي حال وجدت المبادرة صدى دوليًا وإقليميًا مناسبًا، فقد تشكّل نقطة تحوّل في مسار الاستقرار اللبناني ومستقبل العلاقة مع الجوار.