زيارة نتنياهو للجولان تؤكد شروط تل أبيب الأمنية في سوريا
أثارت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى المنطقة العازلة في الجولان السوري المحتل، جدلاً واسعًا على الصعيدين السياسي والدولي، حيث اعتبرها مراقبون خطوة سياسية وعسكرية مدروسة تهدف إلى توجيه رسالة واضحة للنظام السوري الجديد وللولايات المتحدة الأمريكية، مفادها أن تل أبيب لن تتنازل عن مصالحها الأمنية في الجنوب السوري.
وشملت الجولة الأمنية التي رافقها وفد رفيع المستوى، وزراء ومسؤولين كبار مثل وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس، ورئيس الأركان إيال زامير، ورئيس جهاز الأمن العام الشاباك ديفيد زيني، ووزير الخارجية جدعون ساعر، في إشارة إلى الطبيعة السياسية والعسكرية المزدوجة للزيارة.
وخلال الجولة، ظهر نتنياهو مرتديًا خوذة وسترة واقية، محاطًا بمناظير للرصد، مؤكدًا تصميم إسرائيل على الحفاظ على انتشار قواتها في تسعة مواقع متقدمة داخل المنطقة العازلة، إلى جانب تمركزها الاستراتيجي على قمة جبل الشيخ، الذي يمتاز بالأهمية الاستخباراتية والأمنية.

وأشار نتنياهو إلى أن الوجود الإسرائيلي في المنطقة سيستمر حتى تلتزم دمشق بثلاثة شروط رئيسية، تتضمن:
1. إنشاء منطقة منزوعة السلاح تمتد من دمشق جنوبًا إلى الحدود الأردنية، وشرقًا لمسافة 30 كيلومترًا.
2. منع وجود أسلحة ثقيلة أو ميليشيات مدعومة من إيران في الجنوب السوري.
3. السماح بفتح ممر بري إنساني بين الجولان والقرى الدرزية في السويداء لضمان وصول المساعدات وحماية السكان المحليين.
ورغم سلسلة جولات تفاوضية بين المسؤولين السوريين والإسرائيليين، لم تسفر المباحثات عن أي تقدم ملموس، حيث طالب النظام السوري، بدعم أمريكي غير معلن، بانسحاب الجيش الإسرائيلي من مواقع المنطقة العازلة ووقف الضربات الجوية داخل سوريا، كما رفض مطلب الممر الإنساني للسكان الدروز.
وتشير المعلومات إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لعب دورًا في التقريب بين دمشق وواشنطن، في محاولة لضم سوريا الجديدة إلى ما يُعرف بـ "اتفاقات أبراهام"، فيما اشترط الجانب السوري انسحاب إسرائيل من الجولان، وهو ما رفضته تل أبيب.
وعلى الصعيد الدولي، أدان النظام السوري الزيارة واعتبرها انتهاكًا لسيادة البلاد، بينما انعقد مجلس الأمن بطلب سوري وشهد سجالًا دبلوماسيًا حادًا بين المندوبين السوري والإسرائيلي. وبدورها، أعربت فرنسا عن ضرورة انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجولان، في حين لم تصدر الولايات المتحدة أي تصريحات رسمية حتى الآن.
واختارت إسرائيل إرسال رسالة ميدانية قوية عبر الزيارة، مؤكدة تمسكها بوجودها الدفاعي في المنطقة العازلة، وإبلاغ جميع الأطراف، من دمشق إلى واشنطن وأنقرة وموسكو، بأن أي ترتيبات مستقبلية في سوريا يجب أن تراعي مصالحها الأمنية العليا.