قيس سعيد يتهم الإخوان بتأجيج احتجاجات قابس البيئية ويؤكد متابعة الوضع كثب
تستمر احتجاجات أهالي مدينة قابس التونسية منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بسبب التلوث الناتج عن انبعاثات المجمع الكيميائي الواقع في منطقة «غنوش»، على بعد نحو 415 كيلومتراً عن العاصمة تونس. وتأتي هذه الاحتجاجات المتكررة بعد معاناة السكان من حالات الاختناق المتكررة وأضرار بيئية تهدد صحتهم وحياتهم اليومية، وسط مطالبات مستمرة بحلول عاجلة ووضع حد للتلوث الصناعي في المنطقة.
وفي هذا السياق، حمل الرئيس التونسي قيس سعيد جماعة الإخوان مسؤولية محاولات استغلال الأزمة البيئية لتأجيج الاحتجاجات وخلق حالة من الضغط السياسي ضد الحكومة. وقال سعيد خلال إشرافه على اجتماع اللجنة المكلفة بإيجاد حلول عاجلة للوضع البيئي في قابس بقصر قرطاج، إن الدولة "لا تُدار بالتدوينات أو الأكاذيب، ولا بمن اختاروا الخيانة والعمالة"، في إشارة واضحة إلى لجان إلكترونية مرتبطة بالإخوان تعمل على تضخيم الأحداث العفوية وتحويلها إلى أداة سياسية.
وأكد الرئيس أن تونس "تعيش اليوم حرب تحرير على كافة الجبهات"، مشدداً على أن وعي الشعب التونسي وإرادته الصلبة كفيلان بإسقاط أي مؤامرات ضد البلاد. وأضاف أن السلطات تتابع الوضع في قابس عن كثب، مشيداً بـ"موقف الأهالي ووعيهم العميق بالحفاظ على السلم الأهلي ووقوفهم إلى جانب قوات الأمن للتصدي لكل من يحاول تأجيج الأوضاع".

وأشار سعيد إلى ممارسات سابقة أسهمت في تفاقم الأزمة، مثل إهدار المال العام عند اقتناء معدات عام 2018 والتي أُهملت وتآكلت، فضلاً عن محاولات التفويت في منشآت ومؤسسات عمومية، متجاوزة معاناة الأهالي في قابس ومختلف أنحاء تونس. وأكد أن "من حق الشعب التونسي أن يعرف الحقائق كاملة، ومن حقه أن يطالب بالمحاسبة وفق القانون وأن يعيش حياة كريمة"، مؤكداً التزام الحكومة بوضع حد لمعاناة المواطنين في جميع المجالات وعلى مستوى مختلف الجهات.
وخلال الاجتماع، تسلّم الرئيس نسخة من التقرير الأولي لحل مشاكل قابس، داعياً إلى مضاعفة الجهود لإعداد تقرير نهائي يشتمل على حلول عاجلة وفورية، إلى جانب تصور استراتيجي شامل يتضمن إشراك الشباب في صياغة الحلول، نظراً لما يمتلكونه من كفاءة وطنية وقدرة على ابتكار حلول عملية. وأشار سعيد إلى أن الدراسات التي قام بها التونسيون في هذا المجال استلهمت منها العديد من الدول في مواجهة مشاكل بيئية مماثلة.
ويعتبر المجمع الكيميائي في قابس من أكبر المنشآت الصناعية في تونس، حيث يوفر نحو 4 آلاف فرصة عمل. تأسس المجمع عام 1972 لمعالجة مادة الفوسفات وتحويلها إلى حمض فسفوري، ثم توسع بين عامي 1979 و1985 لإنتاج أسمدة نترات الأمونيوم وثنائي الأمونيوم، مستفيداً من الفوسفات المستخرج من مناجم محافظة قفصة المجاورة.
ويرى مراقبون أن جماعة الإخوان، في ظل ضعف نفوذها السياسي المستمر، تسعى إلى استغلال أي احتجاجات عفوية كورقة ضغط على الحكومة والرئيس قيس سعيد، حيث تعمل قيادات الجماعة في الخارج على تأجيج الأوضاع داخلياً عبر أذرعها التنظيمية، مستفيدة من التوترات البيئية والاجتماعية لتقويض استقرار البلاد.
من المقرر أن تستمر الاحتجاجات في قابس حتى يوم الخميس المقبل، حيث ينوي السكان تنظيم مسيرة جديدة للمطالبة بحلول فورية لمشكلة التلوث، وسط متابعة دقيقة من السلطات لضمان التوازن بين حق المواطنين في الاحتجاج وضرورة الحفاظ على الأمن العام والاستقرار الاجتماعي.