أكاديمي سوداني: الدعم السريع مليشيا قبلية تهدد الدولة
وجّه الأكاديمي السوداني الدكتور طارق محمد نور علي، المحاضر بجامعة الشيخ أديبالي في تركيا، انتقادات حادة إلى قوات الدعم السريع، واصفًا إياها بأنها "مليشيا قبلية عنصرية تعمل وفق أجندات خارجية تستهدف إضعاف الدولة السودانية"، مؤكدًا أن ما يُروّج حول كونها "تنظيمًا إسلاميًا" مجرد دعاية مضللة لا أساس لها من الصحة.
وتخوض قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي"، حربًا واسعة ضد جيش السودان منذ أبريل/نيسان 2023، على خلفية خلافات تتعلق بالمرحلة الانتقالية، ما أدّى إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، شملت مجاعة حادة، ومقتل عشرات الآلاف، ونزوح نحو 13 مليون شخص وفق تقديرات أممية.
وفي مقابلة مع وكالة الأناضول التركية، شدّد الأكاديمي السوداني على أن الدعم السريع "لا يمتّ للإسلام بصلة"، مستدركًا: "هي مليشيا قبلية تتغذى على خطاب الكراهية، وتعمل وفق أجندات خارجية هدفها إضعاف السودان ونهب موارده".
وأوضح أن عناصر هذه القوات ينتمي معظمهم إلى قبيلة الرزيقات، وأن بنيتها التنظيمية "عائلية وقبلية ضيقة"، حيث يسيطر عليها أفراد من عائلة دقلو. ولم يصدر تعليق رسمي من قوات الدعم السريع بشأن ما ورد في تصريحات الأكاديمي السوداني.
وكشف نور علي أن جذور هذه القوات تمتد إلى ميليشيات الجنجويد سيئة السمعة، التي دعمها نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير خلال حرب دارفور عام 2003، قبل أن تضم الدولة بعض عناصرها بدعوى تأمين الحدود. ومع مرور السنوات، تضخّم نفوذها وتحولت إلى قوة مستقلة تحت مسمى قوات الدعم السريع، تابعة مباشرة لرئاسة الجمهورية.
وأشار الأكاديمي السوداني إلى أن الدعم السريع لعبت دورًا بارزًا في الإطاحة بالبشير في أبريل/نيسان 2019، ثم توسّع نفوذها بعد أن تولى حميدتي منصب نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، لتبدأ مرحلة جديدة من الطموح للهيمنة الكاملة على السلطة.
واندلعت الحرب الحالية في 15 أبريل/نيسان 2023 بالعاصمة الخرطوم، عندما حاولت قوات الدعم السريع السيطرة على مقرات عسكرية ومطارات، إلا أن الجيش السوداني أحبط تلك المحاولات لتتحول المواجهة إلى حرب ممتدة شملت أجزاء واسعة من البلاد. وتمكن الجيش في مايو/أيار الماضي من إعلان السيطرة الكاملة على الخرطوم.
واتهم نور علي قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات جسيمة في الخرطوم وجزيرة وسنار، ومجازر بحق المدنيين خلال تقدمها صوب ولاية القضارف في شرق السودان. وقال إن هذه القوات تنتهج نمطًا من الجرائم يشمل القتل والنهب والاغتصاب، وتهجير السكان بالقوة.
وأضاف أن وصف الدعم السريع بأنها "تنظيم إسلامي" هو محاولة لتجميل صورتها، مضيفًا: "رفع شعار الله أكبر لا يجعل من جماعة تمارس القتل والاغتصاب تنظيمًا إسلاميًا"، مشيرًا إلى أن ممارساتها "تشبه تنظيمات إرهابية مثل داعش وبوكو حرام، بل ربما تزيد عنها خطورة لأنها تجمع بين التطرف والتمييز العرقي".
وأشار الأكاديمي السوداني إلى أن إسرائيل دولة الواقعة في الشرق الأوسط تبحث عن موطئ قدم في السودان عبر تعاون غير مباشر مع الدعم السريع، لتحقيق مكاسب اقتصادية واستخباراتية، معتبرًا أن سقوط مدينة الفاشر في أكتوبر الماضي كشف للعالم طبيعة هذه القوات.
وكانت قوات الدعم السريع قد استولت على الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، وارتكبت مجازر بحق المدنيين وفق تقارير محلية ودولية، فيما أقرّ حميدتي بوقوع "تجاوزات" زاعمًا تشكيل لجان تحقيق.
كما تشهد ولايات إقليم كردفان الجنوبي (شمال وغرب وجنوب كردفان) اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع، أدت إلى موجات نزوح جديدة خلال الأيام الماضية. وتسيطر قوات الدعم السريع حاليًا على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس، باستثناء أجزاء محدودة من شمال دارفور التي ما تزال تحت سيطرة الجيش.
واختتم نور علي حديثه بالإشارة إلى أن "الإفلات من العقاب" في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في غزة — رغم مذكرات الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت عام 2024 — شجع قوات الدعم السريع على ارتكاب مزيد من الانتهاكات.
وأكد أن عدم محاسبة المسؤولين عن الجرائم الدولية يعطي رسالة خاطئة للمليشيات المسلحة، التي "تعتقد أنها محصّنة من العقاب، فتمضي في القتل والاغتصاب والنهب دون رادع".