اتفاق تاريخي بين فرنسا وأوكرانيا لشراء 100 طائرة رافال
في خطوة تُعد واحدة من أكبر اتفاقيات التسليح في تاريخ العلاقات بين فرنسا وأوكرانيا، أعلنت باريس وكييف توقيع اتفاقية دفاعية كبرى تمهّد لشراء نحو 100 طائرة مقاتلة من طراز رافال ضمن برنامج تعاون يمتد لعقد كامل.
وجاء هذا الإعلان خلال الزيارة الرسمية للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى العاصمة الفرنسية، وهي الزيارة التاسعة له منذ اندلاع الحرب مع روسيا.
وشهدت قاعدة فيلاكوبلاي الجوية قرب باريس مراسم توقيع الاتفاق، بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أكد أن التعاون العسكري مع أوكرانيا بات أكثر أهمية من أي وقت مضى. ووصف الرئيس الأوكراني الاتفاق بأنه "خطوة تاريخية" تعزز قوة بلاده الجوية وتمثل تحولًا نوعيًا في نظام الدفاع الجوي الأوكراني.
وبحسب بيان صادر عن قصر الإليزيه، فإن الاتفاق يأخذ شكل خطاب نوايا يتيح لأوكرانيا شراء ما يقرب من 100 طائرة رافال متطورة، مرفقة بحزمة أسلحة متكاملة تشمل صواريخ وأنظمة رصد متقدمة ورادارات وطائرات مسيّرة.
كما ستبدأ فرنسا، وفقًا للجدول الزمني المعلن، بتزويد كييف بنظام الدفاع الجوي الجديد SAMP-T اعتبارًا من عام 2027، وهو نظام يتمتع بقدرات فائقة في مواجهة الصواريخ والطائرات بدون طيار.
تأتي هذه الخطوة بينما تتعرض مدن أوكرانية لوتيرة متزايدة من الغارات الروسية، خاصة على مدينة خاركيف، وهو ما دفع كييف إلى تجديد مطالبها للدول الأوروبية بتعزيز قدراتها الدفاعية.
وأكد الرئيس الأوكراني أن تعزيز الدفاع الجوي أصبح ضرورة ملحّة مع دخول فصل الشتاء الذي يشهد عادة تصعيدًا في هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ الروسية.
وفي الوقت الذي تعتمد فيه كييف حاليًا على أنظمة اعتراضية منخفضة التكلفة لمواجهة الطائرات الروسية بدون طيار، فإن اتفاقية رافال تمنحها بداية لتحديث شامل لمنظومتها الجوية بما يواكب المعايير الغربية الحديثة.
وتزامن الاتفاق الفرنسي مع تحركات أوكرانية أخرى على صعيد التسليح، حيث وقّع زيلينسكي الشهر الماضي خطاب نوايا لشراء ما بين 100 و150 مقاتلة سويدية من طراز «جريبن». ويعكس ذلك توجهًا واضحًا لدى كييف لبناء قوة جوية مستقلة طويلة المدى، وعدم الاعتماد على الأسلحة المؤقتة أو المساعدات الطارئة.

وسبق لفرنسا أن سلّمت أوكرانيا مقاتلات «ميراج»، إلا أن صفقة رافال تُعد الأولى من نوعها مع كييف، وتشكل تطورًا مهمًا في مسار التعاون العسكري بين البلدين، خاصة في ظل المنافسة الدولية على دعم أوكرانيا بالسلاح والتكنولوجيا الدفاعية المتقدمة.
زيارة زيلينسكي إلى فرنسا جاءت في وقت تشهد فيه أوكرانيا أزمات سياسية داخلية، من بينها استقالة وزيرين بسبب اتهامات بالفساد وفرض عقوبات على شخصية مقربة من الرئيس، وهو ما دفع الوزير الفرنسي بنجامين حداد إلى التشديد على أهمية الرقابة الصارمة في ملف الفساد، خصوصًا مع تقدم أوكرانيا في مسار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وفي إطار تنسيق الجهود الدولية، زار الرئيسان الفرنسي والأوكراني منطقة مونت فاليريان قرب باريس، حيث توجد غرف عمليات "القوة متعددة الجنسيات" التي تعمل على تشكيلها مجموعة تحالف المتطوعين المكوّنة من 35 دولة. وأكد مسؤولون فرنسيون أن هذه القوة جاهزة للانتشار فور توقف إطلاق النار، ضمن ضمانات أمنية تقدمها الدول الأوروبية لكييف.
واختُتمت الزيارة بمشاركة الرئيسين في منتدى الطائرات المسيرة الفرنسي الأوكراني في الإليزيه، حيث قدّمت كييف خطتها لاستخدام أكثر من 4.5 مليون طائرة مسيّرة خلال العام الجاري، وهي المسؤولة عن حوالي 70% من تدمير المعدات الروسية على خطوط المواجهة.
كما تعمل أوكرانيا على تطوير شبكة واسعة لإنتاج المسيرات لمواجهة الطائرات الإيرانية الصنع التي تستخدمها روسيا بكثافة ليلًا.
ويمثل هذا الاتفاق العسكري مع فرنسا محطة مفصلية في مسار الحرب الأوكرانية، ويعكس في الوقت نفسه تحولًا كبيرًا في طبيعة الدعم الأوروبي لكييف، من الإمدادات العاجلة إلى بناء قدرات دفاعية استراتيجية طويلة الأجل