تصاعد المعارك في كوردفان رغم الدعوات الدولية لوقف الحرب
تتواصل الأزمة في السودان بوتيرة متصاعدة، مع اشتداد المعارك في إقليم كوردفان، على الرغم من الدعوات الدولية المتكررة لوقف إطلاق النار والتحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية.
وتشير التحليلات السياسية إلى أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يصرّان على الحل العسكري، رافضين أي هدنة، مما يُدخل البلاد في دوامة تصعيد جديدة يصعب كسرها.
ويعد إقليم كوردفان منطقة استراتيجية، إذ يشكل رابطًا بين العاصمة الخرطوم ووسط السودان ودارفور، ما يجعل السيطرة عليه مفتاحًا محتملًا لترجيح كفة أحد طرفي النزاع. وتشهد مدينة بابنوسة غرب الإقليم معارك ضارية، كونها آخر نقاط تمركز الجيش السوداني هناك، فيما تقوم قوات الدعم السريع بحشد قواتها حول المدينة بهدف السيطرة عليها، نظرًا لأهميتها كممر إمداد حيوي.

وفي حديثه لبرنامج "التاسعة" على قناة سكاي نيوز عربية، أكد الكاتب والباحث السياسي السوداني شوقي عبد العظيم أن استمرار المعارك يعكس بوضوح إصرار الطرفين على الحل العسكري، وقال: "من الواضح جدًا أن كل الطرفين لا يريدان تهدئة الحرب، ولا يريدان المضي نحو تفاهمات تفضي إلى اتفاق، ولو لهدنة إنسانية".
وأضاف عبد العظيم أن المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، يسعى لفرض هدنة كان من المقرر إعلانها في نوفمبر، لكن التصعيد الأخير في كوردفان أحبط تلك الجهود. وأوضح أن الجيش يستند إلى الولايات الشرقية والخرطوم، بينما تعتمد قوات الدعم السريع على الولايات الغربية والحدود مع جنوب السودان، مما يجعل كوردفان "المنطقة الفاصلة" بين الطرفين، حيث قد تؤثر السيطرة عليها على ميزان القوى، لكنها لن تنهي الحرب بالكامل.
ومن جانبها، حذّرت الولايات المتحدة من استمرار التصعيد العسكري، حيث أكد المبعوث الأمريكي السابق دونالد بوث أن الخيار العسكري لن يحل الأزمة، مشيرًا إلى أن تاريخ السودان يوضح صعوبة حسم النزاعات بالقوة. فيما شدد مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية مسعد بولوس على أن السودان يواجه أسوأ أزمة إنسانية حاليًا، وأن جهود الهدنة الإنسانية لم تُطبق بعد، مؤكداً استمرار التعاون مع الرباعية الدولية والشركاء لإيجاد مخرج سياسي للأزمة.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة، فقد أسفر النزاع عن سقوط نحو 150 ألف قتيل منذ اندلاع الحرب قبل عامين، بينما تتزايد وتيرة المعارك في كوردفان، حيث تواصل قوات الدعم السريع تقدمها نحو بابنوسة، فيما يحاول الجيش السوداني الحفاظ على خطوطه الدفاعية حول مدينة الأبيض ذات الأهمية الاقتصادية والعسكرية الكبيرة.
ويرى خبراء أن طبيعة هذه الحرب تشير إلى نزاع طويل الأمد، إذ تستخدم فيها تقنيات حروب الجيل الخامس، بما في ذلك الطائرات المسيرة والتشويش والمعلومات الاستخباراتية، ما يجعل السيطرة على الأرض مؤقتة ولا تعني نهاية النزاع، حيث يبقى الطرف المقابل قادرًا على قلب موازين القوى وإرباك المشهد العسكري والسياسي في السودان.