السودان.. بابنوسة تتحول إلى مدينة مهجورة وسط تقاسم السيطرة مع تصاعد المعارك
في تطور ميداني وإنساني بالغ الخطورة، شهدت مدينة بابنوسة الواقعة في ولاية غرب كردفان السودانية موجة نزوح جماعي غير مسبوقة، بعد تصاعد حدة الاشتباكات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى إفراغ المدينة بالكامل من سكانها وتحولها إلى منطقة شبه مهجورة، وسط انهيار الخدمات الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية.
أعلنت غرفة طوارئ بابنوسة، في بيان صدر يوم الأحد 9 نوفمبر 2025، أن المدينة أصبحت خالية من سكانها بنسبة تقارب 100%، نتيجة المواجهات العسكرية المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وأوضحت الغرفة أن نحو 177 ألف شخص نزحوا من المدينة خلال الأيام الأخيرة، ما حولها إلى منطقة مهجورة بالكامل. وتُعد هذه الأرقام من أعلى معدلات النزوح المسجلة في إقليم غرب كردفان، وتعكس حجم الكارثة الإنسانية التي خلفها الصراع المتواصل منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.
تحولت مدينة بابنوسة إلى ما يشبه “مدينة أشباح”، بعد أن تسببت الاشتباكات المسلحة في انهيار شبه كامل للحياة المدنية والخدمات الأساسية. وأكدت غرفة الطوارئ أن السكان فرّوا إلى مدن وقرى مجاورة مثل الفولة والمجلد وغبيش ولقاوة، حيث تُستخدم هذه المناطق كمراكز إيواء مؤقتة للنازحين. وتواجه هذه المناطق ضغطًا متزايدًا في ظل ظروف إنسانية وصحية بالغة التعقيد، وسط دعوات لفتح ممرات آمنة تسمح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين.
شهدت المدينة واحدة من أعنف المعارك في الإقليم، حيث شنت قوات الدعم السريع هجومًا واسعًا على مقر الفرقة 22 مشاة التابعة للجيش السوداني. وأعلن الجيش في بيان رسمي أنه تمكن من التصدي للهجوم، فيما أفادت مصادر ميدانية بأن الطيران الحربي استهدف معدات وآليات تابعة لقوات الدعم السريع في محيط المدينة، ما أدى إلى تدمير بعضها وتراجع المتحركات المهاجمة. ورغم القصف الجوي المكثف، تواصل قوات الدعم السريع حشدها في محاولة جديدة للسيطرة على المدينة التي تُعد نقطة استراتيجية تربط بين عدد من المدن الحيوية في إقليم كردفان.
قوات الدعم السريع تمكنت من السيطرة على أجزاء من المدينة
أشارت مصادر محلية إلى أن قوات الدعم السريع تمكنت من السيطرة على أجزاء من المدينة، خاصة الأحياء القريبة من مقر الفرقة 22 مشاة، ما يزيد من تعقيد الوضع الأمني. كما عرضت القوات المهاجمة خروجًا آمنًا للجنود المتحصنين داخل مقر القيادة التى قاموا بوضع حقول الغام واسعة ، في خطوة تعكس تغيرًا في موازين السيطرة داخل المدينة. ويرى مراقبون أن السيطرة المحتملة على بابنوسة قد تمثل نقطة تحول ميدانية في الحرب، إذ تعني انهيار خطوط الدفاع التابعة للجيش في غرب كردفان، ما قد يفتح الباب أمام توسع العمليات نحو شمال الإقليم.
تعاني مدينة بابنوسة منذ أشهر من حصار خانق فرضته قوات الدعم السريع، ما تسبب في أزمة حادة في الغذاء والدواء لكن المدينة وفق تأكيدات حقوقية فارغة من سكانها منذ اكثر من عام حيث تزح الجميع . وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم مناطق غرب كردفان، بما في ذلك الفولة، النهود، والخوي، في حين لا يزال الجيش يحتفظ بمواقع محدودة تشمل بابنوسة وحقول النفط في هجليج. ومنذ بدء الحرب في 15 أبريل 2023، ظلت المدينة تشهد معارك متواصلة، أسفرت عن سقوط المئات من القتلى والجرحى وسط المدنيين، ما دفع السكان إلى إخلاء منازلهم في حركة نزوح وقائية غير مسبوقة.
في مطلع نوفمبر 2025، سقطت طائرة شحن تابعة للجيش السوداني في مدينة بابنوسة، خلال عملية يُعتقد أنها كانت تهدف إلى تزويد مقر القوات المسلحة بالعتاد الحربي. وأسفر الحادث عن مقتل طاقم الطائرة، وتمكنت القوات المسلحة من نقل جثامين الطيارين إلى خارج المدينة. ويُعد هذا الحادث من أبرز التطورات العسكرية في المنطقة، ويعكس حجم المخاطر التي تواجهها القوات المسلحة في عمليات الإمداد داخل مناطق النزاع، وسط تصاعد التحديات الميدانية والإنسانية في غرب كردفان.