حماس توافق على تسليم إدارة غزة للجنة فلسطينية.. تفاصيل
عقدت العاصمة التركية إسطنبول، اليوم الاثنين، اجتماعًا دوليًا هامًا يضم وزراء خارجية وممثلين عن دول عربية وإسلامية، لبحث ترتيبات مستقبل قطاع غزة، بما يشمل إدارة القطاع وإعمار البنية التحتية، بالإضافة إلى نشر قوة استقرار دولية لضمان الأمن وحماية المدنيين الفلسطينيين.
ويأتي هذا الاجتماع في إطار الجهود الدبلوماسية التركية المستمرة للتقريب بين الأطراف الفلسطينية، وضمان إشراف دولي على قطاع غزة بعد سنوات من الأزمات المستمرة والصراع المتصاعد مع إسرائيل.
وقال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع، إن حركة "حماس" أبدت استعدادها لتسليم إدارة غزة إلى لجنة مشكلة من الفلسطينيين أنفسهم، كخطوة أولى نحو ضمان إدارة مستقرة للقطاع وإعادة بناء مؤسسات الحكم المحلي. وأوضح أن هذه اللجنة ستتولى مسؤولية الإشراف على شؤون القطاع خلال المرحلة الانتقالية، بما يشمل الأمن الداخلي والخدمات العامة، بهدف تعزيز قدرة الفلسطينيين على إدارة شؤونهم ذاتيًا دون تدخل خارجي مباشر.
إعمار غزة أولوية عاجلة
وأشار الوزير التركي إلى أن الاجتماع ناقش ضرورة المضي قدمًا في جهود إعادة إعمار غزة على وجه السرعة، لتمكين القطاع من النهوض مجددًا بعد تدمير واسع طال البنية التحتية ومؤسسات الدولة، وما خلفته الهجمات الإسرائيلية المتكررة من خسائر بشرية ومادية.
وشدد فيدان على أن إعادة الإعمار ليست مجرد مشروع إنساني، بل خطوة استراتيجية لضمان استقرار السكان وتحقيق الأمن المجتمعي، بما يساهم في منع تفاقم الأزمات الإنسانية والسياسية في القطاع.
ودعا الوزير التركي إسرائيل إلى وقف هجماتها على قطاع غزة فورًا، مؤكدًا أن استمرار القصف والهجمات العسكرية يزيد من معاناة المدنيين ويعقد أي مسار سياسي محتمل.
كما شدد على أهمية تحقيق الوحدة الفلسطينية، ومنع أي خطوات أو ممارسات قد تُفسد عملية السلام أو تعيق التوصل إلى تسوية شاملة ومستدامة للأزمة.
قوة الاستقرار الدولية ودورها المتوقع
ناقش الاجتماع أيضًا نشر "قوة الاستقرار الدولية" في غزة، وهي مبادرة تهدف إلى تعزيز الأمن وحماية المدنيين خلال المرحلة الانتقالية. وأكد هاكان فيدان ضرورة أن يحدد مجلس الأمن الدولي مهام هذه القوة بوضوح، ووضع معايير دقيقة لمشاركة الدول في إرسال قواتها.
وأوضح أن الدول المشاركة ستقرر إرسال قواتها بناءً على التعريف الرسمي لمهام القوة والمعايير المحددة، بما يضمن فعالية وأمان العملية.
وأضاف الوزير التركي أن قوة الاستقرار الدولية ستعمل على مراقبة وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وضمان عدم تصعيد النزاع مجددًا، وهو ما يمثل ركيزة أساسية لإعادة بناء الثقة بين الأطراف الفلسطينية المختلفة. كما أشار إلى أن هذه القوة ستسهم في تهيئة بيئة آمنة لإعادة الإعمار وتقديم الدعم اللوجستي والإنساني للقطاع، ما يعزز الاستقرار ويقلل من فرص عودة التوترات.
تأكيد على الحل السياسي ورأب الصدع الفلسطيني
أكد الوزير التركي أن الاجتماع هدفه تحقيق تقدم ملموس في الحل السياسي للأزمة الفلسطينية، مشددًا على أن القضية الفلسطينية يجب ألا يُعاد تعريفها أو تحريف مسارها. وقال: "نريد اهتمامًا دبلوماسيًا جادًا ونحتاج من الشعب الفلسطيني أن يقوم برأب الصدع وتحقيق الوحدة الوطنية، بحيث يكون مستقبل غزة وقطاعها الأمني والإداري بيد الفلسطينيين أنفسهم".
وشدد المشاركون في الاجتماع على أن إعادة إعمار غزة وإدارة القطاع بشكل مستقر يشكلان أولوية عاجلة، خصوصًا بعد الدمار الكبير الذي لحق بالمباني الحكومية والمرافق الأساسية، والذي أثر بشكل مباشر على حياة المدنيين الفلسطينيين وأدى إلى أزمة إنسانية متفاقمة.
كما تناول الاجتماع الحاجة إلى تطوير البنية التحتية والخدمات الأساسية، بما يشمل الكهرباء والمياه والصحة والتعليم، لضمان عودة الحياة الطبيعية للقطاع.
دور الدول العربية والإسلامية
شارك في الاجتماع ممثلون عن دول عربية وإسلامية، حيث أكدت كل من السعودية ومصر والإمارات وقطر على دعم جهود الإدارة الفلسطينية المؤقتة في غزة، بما يضمن إشرافًا فلسطينيًا مباشرًا على شؤون القطاع، مع تقديم الدعم المالي واللوجستي لإعادة الإعمار. كما شددت الدول المشاركة على أهمية التنسيق مع المجتمع الدولي لضمان فعالية الإجراءات وتجنب أي تدخلات خارجية قد تعرقل العملية الانتقالية.
وأشار مسؤولون عرب إلى أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى رؤية موحدة بين الفصائل الفلسطينية، بحيث يتم توحيد الجهود لإعادة بناء المؤسسات المحلية وتعزيز الأمن الداخلي، ومنع أي انقسامات قد تضعف قدرة القطاع على إدارة نفسه.
وقد أكدت جميع الدول المشاركة أن هذا الحل يجب أن يكون مرحليًا ومتدرجًا، مع وجود آليات متابعة دقيقة لضمان الالتزام بالخطط والمهام الموكلة لكل طرف.

آفاق مستقبلية وإجراءات عاجلة
وخلص الاجتماع إلى أن المرحلة الحالية تتطلب خطوات عاجلة تبدأ بتسليم حماس إدارة غزة للجنة فلسطينية، تليها تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار الطارئة، ومن ثم تنسيق نشر قوة الاستقرار الدولية لحماية المدنيين وضمان الأمن.
وأكد المشاركون على أن هذه الخطوات تمثل الحد الأدنى من الإجراءات المطلوبة لتحقيق الاستقرار، مع الإشارة إلى أن أي تأخير قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية والأمنية في القطاع.
وشدد الاجتماع على أن مشاركة المجتمع الدولي يجب أن تكون داعمة وليس وصاية، مع التركيز على تعزيز قدرة الفلسطينيين على إدارة شؤونهم بأنفسهم، وبما يضمن استعادة القطاع لدرجة من الاستقرار السياسي والأمني بعد سنوات من الانقسام والصراع.
كما تم التأكيد على أن الحل النهائي يجب أن يشمل وحدة فلسطينية، ويعزز جهود السلام في المنطقة، بما يتيح للشعب الفلسطيني تحقيق حقوقه المشروعة وإعادة بناء حياة طبيعية في غزة.
يبقى اجتماع إسطنبول علامة فارقة في جهود استعادة الاستقرار لقطاع غزة، حيث مثل توافق حماس على تسليم الإدارة للجنة فلسطينية خطوة مهمة نحو تحقيق إدارة مستقرة للقطاع، وإعادة إعمار بنيته التحتية، وضمان حماية المدنيين.
وتبرز تركيا كطرف محوري في رعاية الحوار الفلسطيني وإدارة العملية الدبلوماسية، بالتعاون مع الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي، لتحقيق هدف مشترك يتمثل في غزة مستقرة وآمنة وشعب فلسطيني قادر على إدارة شؤونه الداخلية بما يضمن حقوقه وأمنه ومستقبله السياسي.