مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

البنايات غير المكتملة في الجزائر.. أزمة تعمير تواجه القوانين

نشر
الأمصار

تواجه الجمهورية الجزائرية أزمة عمرانية متفاقمة بسبب تفشي ظاهرة البنايات غير المكتملة، سواء العمومية أو التابعة للقطاع الخاص، والتي تحولت إلى مشهد مألوف في مختلف المدن الكبرى، بما فيها العاصمة الجزائر.

 ورغم صدور عشرات القوانين والتشريعات التي تهدف إلى ضبط العمران ومعاقبة المخالفين، فإن هذه الظاهرة ظلت صامدة أمام كل محاولات القضاء عليها، في ظل خلفيات اجتماعية واقتصادية وثقافية معقدة.

وتظهر في أحياء العاصمة الجزائر، مثل درارية وبئر خادم، مبانٍ أقيمت منذ سنوات طويلة لكنها لا تزال غير مكتملة، حيث توقفت الأشغال في مراحل متقدمة أو بقيت الواجهات دون طلاء، ما يتسبب في تشويه المشهد الحضري العام. ويؤكد مختصون أن الأمر لا يتعلق فقط بعجز مالي، بل أيضًا بعوامل اجتماعية راسخة، أهمها اعتقاد بعض المواطنين أن ترك البناية دون تشطيب نهائي يحميها من الحسد أو يقلل من الضرائب والتكاليف الإضافية.

وقال الخبير الدولي في العمران ورئيس المجلس العربي الأعلى للعمارة وتطوير المدن، جمال شرفي، إن هذه الظاهرة ناتجة عن "تراكمات سياسية وأمنية واجتماعية تمتد منذ تسعينيات القرن الماضي"، مشيرًا إلى أن القانون رقم 90-29 الصادر عام 1990 أصبح متجاوزًا ولم يعد قادرًا على مواكبة التحولات الكبرى التي عرفها قطاع التعمير في الجزائر. وأوضح أن فترة "العشرية السوداء" خلال التسعينيات ساهمت بشكل كبير في تكريس العمران الفوضوي، حيث اضطر كثير من المواطنين للهروب من مناطق النزاع وبناء مساكن دون احترام القواعد التنظيمية.

وأضاف شرفي أن القوانين اللاحقة، وعلى رأسها القانون 15/08 المتعلق بتسوية البنايات غير المكتملة، شجعت – دون قصد – على استمرار الظاهرة، لأنها سمحت بتقنين المخالفات بدلاً من معالجتها جذريًا. كما أشار إلى أن ضعف تطبيق العقوبات الرادعة أسهم في ترسيخ ثقافة التساهل العمراني.

ومن الجانب الاجتماعي، أوضح المختص في علم الاجتماع الحضري عمار بلحسن أن نمط البناء العائلي المشترك يزيد من استنزاف الموارد المالية للأسر الجزائرية، ما يؤدي إلى الاكتفاء بإكمال الجزء السكني فقط وتأجيل واجهات المباني إلى أجل غير مسمى.

 وأضاف أن غياب "ثقافة الواجهة المعمارية" جعل المظهر الخارجي للبناء غير أولوية بالنسبة للمواطن.

ويرى الخبراء أن هذه الظاهرة لن تختفي دون إصلاح عمراني شامل يتضمن تحديث القوانين، وتعزيز الرقابة، وتغيير الذهنية المجتمعية تجاه مفهوم الجمالية الحضرية.