تونس.. تجميد نشاط جمعية نسوية يثير جدلًا حول مستقبل الحريات
أثار قرار السلطات في تونس بتجميد نشاط جمعية النساء الديمقراطيات لمدة شهر، موجة قلق واستياء بين منظمات المجتمع المدني والهيئات الحقوقية، التي اعتبرت القرار خطوة جديدة نحو التضييق على الفضاء العام وتراجع الحريات في البلاد.
وقالت المحامية هالة بن سالم، الكاتبة العامة للجمعية، إن المنظمة تلقت إخطارًا رسميًا من الحكومة التونسية يفيد بتجميد نشاطها، بحجة مخالفة لوائح المرسوم المنظم لعمل الجمعيات، رغم أن الجمعية قدمت جميع الوثائق القانونية التي تثبت التزامها الكامل بالقوانين المحلية.
وأضافت بن سالم في تصريحات صحفية، أن القرار يمثل "محاولة واضحة لتكميم الأصوات الحرة وتقويض العمل المدني في تونس"، معتبرة أن ما يحدث يشير إلى تراجع مقلق في حرية التنظيم والعمل الجمعياتي، خاصة بالنسبة للمنظمات النسوية المستقلة التي تلعب دورًا رئيسيًا في الدفاع عن حقوق المرأة.

وتعد جمعية النساء الديمقراطيات من أقدم الجمعيات النسوية في تونس، إذ ساهمت منذ تأسيسها في تسعينيات القرن الماضي في دعم قضايا المرأة، ومرافقة ضحايا العنف الأسري، والمطالبة بالمساواة بين الجنسين.
في المقابل، أعربت عدة منظمات تونسية عن رفضها للقرار، حيث اعتبرت نقابة الصحفيين التونسيين أن تجميد نشاط الجمعية يشكل "اعتداءً صارخًا على تاريخ نضالي طويل ساهم في ترسيخ قيم المساواة ومناهضة التمييز ضد المرأة".
أما جمعية بوصلة، المختصة بمتابعة الشأن التشريعي، فقد وصفت القرار بأنه "مسّ خطير بالحق في التنظيم والعمل الجمعياتي المستقل"، مشيرة إلى أن "المنحى الاستبدادي للسلطة في تونس يتزايد يومًا بعد يوم".
بدورها، رأت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات أن التجميد "تصعيد جديد ضمن سياسة منهجية تستهدف الجمعيات النسوية والحقوقية"، بينما دعا المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة إلى التراجع الفوري عن القرار، مؤكدًا أن استمرار مثل هذه الإجراءات يهدد مدنية الدولة التونسية ويقوّض مكتسبات الثورة.
ويأتي هذا القرار في وقت يواجه فيه عدد من النشطاء الحقوقيين في تونس محاكمات بتهم تتعلق بمساعدة مهاجرين غير نظاميين، من بينهم سعدية مصباح رئيسة جمعية "منامتي"، وشريفة الرياحي رئيسة "تونس أرض اللجوء"، وعبد الرزاق الكريمي مؤسس "المجلس التونسي للاجئين".
ويحذر مراقبون من أن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى تراجع الحريات العامة في تونس، وإضعاف المنظمات المدنية التي تمثل ركيزة أساسية للديمقراطية التونسية الناشئة.