عاصفة في الكنيست.. نتنياهو ولابيد وسط جدل قضائي

في بداية الجلسة، أثار رئيس الكنيست أمير أوحانا جدلًا واسعًا عندما استخف برئيس المحكمة العليا إسحاق عميت، فناداه ببساطة بـ"القاضي"، وهو ما أدى إلى موجة من الانتقادات العنيفة من أعضاء الكنيست والمعارضة، واعتبره كثيرون إساءة للهيئة القضائية وللمؤسسات الديمقراطية في إسرائيل.
حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التخفيف من حدة الموقف، مؤكدًا على الاحترام الواجب لرئيس المحكمة العليا، وقال: "إسحاق عميت هو رئيس المحكمة العليا، هذه حقيقة، وأنا رئيس الوزراء وهؤلاء وزراء الكنيست، هذه حقيقة".
وأضاف نتنياهو موجّهًا كلامه للرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ: "يجب معرفة هذه الحقائق من جميع الجهات، وليس فقط من جانب واحد. كيف تقول؟ رؤية أخرى للمستقبل".
ورد هرتسوغ على الموقف بانتقاد الحكومة، مشيرًا إلى غياب الاحترام للأجهزة القضائية، قائلاً: "كان لدي خطاب جاهز، لكن هذه لحظة مهمة وقلبي ينزف لأن هناك غياب الأدب وإلحاق الأذى بالسلطات الأخرى وقضاة إسرائيل.. أين نجر أنفسنا كأمة؟"، قبل أن يرحب برئيس المحكمة العليا في الكنيست قائلاً: "رئيس المحكمة العليا، إسحاق عميت، أرحب بكم".
تطورت الأمور بسرعة بين رئيس الكنيست ورئيس المعارضة يائير لابيد، حيث اتجه لابيد إلى أوحانا قائلاً: "يا رئيس نصف الكنيست"، وكررها مرتين، ليحذره أوحانا بالقول: "إذا قلتها لمرة ثالثة سأطردك من القاعة". وأكد لابيد أمام الجميع: "هذه هي كنيست إسرائيل – إنها ليست لك، إنها ملك للشعب بأسره".
وفي سياق تصاعد التوتر، قام أوحانا بطرد أكثر من ستة أعضاء من الكنيست الذين احتجوا على معاملته غير اللائقة مع رئيس المحكمة العليا، وشن هجومًا على النظام القضائي قائلاً: "دوس الكنيست من قبل النظام القضائي هو ضربة قاسية للديمقراطية الإسرائيلية. من يضر بالكنيست هو من يلغي قوانينها ويأخذ صلاحياتها بأيديه". وأضاف: "الشعب يفقد سلطته ومعناه بسبب سلوك النظام القضائي".
انتخابات مبكرة محتملة
وأشارت القناة الإخبارية 12 الإسرائيلية إلى أن الجلسة الشتوية التي قد تكون الأخيرة للكنيست الحالي انطلقت بأعمال شغب في الجلسة العامة، وسط تقديرات واسعة بأن إسرائيل قد تتجه إلى انتخابات مبكرة منتصف العام المقبل بدلًا من نهايته، بسبب عدم الاستقرار السياسي والصراعات الداخلية بين الحكومة والمعارضة.
مواجهة سياسية بين نتنياهو ولابيد
تحولت كلمة الحكومة ورد المعارضة إلى مواجهة مباشرة بين نتنياهو ولابيد، حيث حاول نتنياهو تقديم إنجازاته السياسية والأمنية خلال العامين الماضيين على أنها انتصارات حققتها حكومته، فيما رد لابيد بأن الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر/تشرين أول 2023 لم يكن ليحصل لولا وجود الحكومة الحالية التي وصفها بأنها "حكومة مريضة".

وتطرق نتنياهو إلى خطة ترامب للسلام، مؤكدًا: "لم يكن من الممكن التوصل إلى هذا الاتفاق في الماضي. لقد وافقت حماس على ذلك لأنها شعرت بالسيف على رقبتها". وأضاف موجّهًا كلامه للمعارضة: "أنتم من دعوتموني إلى وقف الحرب والاستسلام.. لو استسلمت لهذه الإملاءات، لكانت الحرب قد انتهت بانتصار ساحق لحماس والمحور الإيراني بأكمله، وكان سنوار سيكون في ذروة قوته، وحزب الله سيهددنا بـ150,000 صاروخ".
واستطرد نتنياهو قائلاً: "لقد انتهكت حماس وقف إطلاق النار بشكل صارخ، وسقط مقاتلان. شعرت حماس على الفور بقوة ذراعنا، وهاجمناها بـ153 طنًا من القنابل، مستهدفين عشرات المواقع على طول قطاع غزة وعرضه. وقف إطلاق النار ليس ترخيصًا لحماس للتهديد، وقد تم الاتفاق مع الرئيس ترامب على القضاء على القوة الحكومية والعسكرية لحماس".
وأكد نتنياهو أن إسرائيل تواجه تهديدات جديدة ومعقدة، قائلاً: "هناك تهديدات قديمة بأشكال جديدة، وتهديدات جديدة أيضًا، ونحن على أهبة الاستعداد لإحباطها. يد واحدة تمسك بالسلاح، والأخرى تمد يدها للسلام، وهناك فرص لتوسيع دائرة السلام بفضل قوتنا، وسنأتي بمزيد من اتفاقيات السلام مع دول المنطقة لتحقيق أهدافنا".

واختتم نتنياهو حديثه في الكنيست بالتأكيد على ضرورة وحدة إسرائيل، قائلاً: "يجب أن نحافظ على وحدتنا، لن تكون الوحدة مطلقة أبدًا، ولكن كما قلت لأعدائنا، لا تخطئونا، في لحظة الحقيقة سنقف جميعًا كجدار واحد – هذا ما فعلناه وهذا ما يجب أن نستمر في القيام به".
وأضاف: "نحن في أيام تاريخية، والأمة تسير في مسار جديد لم نحلم به من قبل، ومن الضروري أن نتذكر من نقاتل وماذا نقاتل".
رد فعل المعارضة
من جانبه، صعد يائير لابيد إلى منصة الكنيست، موجّهًا تحية لرئيس المحكمة العليا: "رئيس المحكمة العليا إسحاق عميت، مرحبًا بك في كنيست إسرائيل، الكنيست ملك لشعب إسرائيل".
وتوجه إلى نتنياهو قائلًا: "سمعت خطابك، قلت إننا انتصرنا في الحرب، من كان رئيس الوزراء في 7 أكتوبر/تشرين أول؟ من تسبب في الكارثة الكبرى؟ هناك حد لمقدار اللوم الذي يمكن نقله". وأردف لابيد: "قلت إن حزب الله جمع 100 ألف صاروخ، من كان رئيس الوزراء حينها؟ قلت إن إيران راكمت قوة خطيرة، من كان رئيس الوزراء؟ قلت إننا انتصرنا في الحرب، على من بدأت الحرب؟ المعارضة؟".
وأشار لابيد إلى أن خطاب الرئيس ترامب كان أقل وضوحًا، وقال: "ترامب ذكر أن نتنياهو أراد مواصلة الحرب وطلبت منه أن يتوقف، وهذا حولنا إلى محمية".
خلاصة
الجلسة الشتوية للكنيست الإسرائيلي تكشف حجم التوتر السياسي بين الحكومة والمعارضة، وتسلط الضوء على الصراعات حول السلطة القضائية، وموقف رئيس الكنيست، وخطط الحكومة الإسرائيلية بشأن غزة والسلام في المنطقة.
الأحداث المتسارعة في الكنيست، وتصعيد الخلاف بين نتنياهو ولابيد، يشير إلى احتمال انعقاد انتخابات مبكرة، ويبرز الحاجة إلى مراجعة المسار السياسي في إسرائيل في ظل التحديات الداخلية والخارجية.