مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

صندوق النقد الدولي: احتجاز المحافظات للإيرادات يفاقم الأزمة المالية في اليمن

نشر
الأمصار

كشف صندوق النقد الدولي أن احتجاز المحافظات اليمنية للإيرادات الضريبية والجمركية تسبب في زيادة كبيرة لحجم الإيرادات "تحت التسوية" خلال الفترة بين عامي 2023 و2024، ما انعكس سلبًا على الخدمات العامة الأساسية في المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دوليًا، وأثار مخاوف جدية بشأن الشفافية المالية والمساءلة.

صندوق النقد الدولي يؤكد على استعادة ضرورة إصلاح منظومة الإيرادات وتعزيز الرقابة المالية والإدارية في اليمن

وأوضح الصندوق، في البيان الختامي الصادر عن بعثته الخاصة بمشاورات المادة الرابعة لعام 2025 مع اليمن، أن استعادة الاستدامة المالية في البلاد تتطلب جهودًا واسعة، على رأسها إصلاح منظومة الإيرادات وتعزيز الرقابة المالية والإدارية في مختلف المحافظات.

 

وأشار إلى أن من أبرز أولويات الإصلاح المالي للحكومة اليمنية خلال المرحلة المقبلة استعادة سلامة الإيرادات وزيادة المتحصلات، مؤكدًا أن توحيد وتوريد الرسوم الجمركية والضريبية من المحافظات، وربط مخصصات الإنفاق بتحويل الإيرادات إلى البنك المركزي، يعدان خطوة أساسية لتحقيق هذا الهدف.

 

ودعا الصندوق الحكومة إلى تحسين الرقابة على الموانئ والمنافذ الجمركية ودمج مؤسسات الإيرادات المختلفة ضمن إطار مالي موحد، معتبراً أن تطبيق خطة تعبئة الإيرادات الطارئة قصيرة الأجل التي يجري إعدادها بدعم من الصندوق، يمكن أن تسهم في سد فجوات العجز وتحسين كفاءة التحصيل المالي.

 

كما أوصى الصندوق السلطات اليمنية بتبني سياسات ضريبية وجمركية محدثة، تشمل اعتماد التقييم الجمركي وفق أسعار الصرف السوقية وتحديث التعرفة الجمركية بما يتلاءم مع الظروف الاقتصادية الراهنة، إلى جانب تعزيز الامتثال الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية.

 

من جانبها، تؤكد الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد أن أكثر من 200 جهة حكومية ما تزال تمتنع عن توريد إيراداتها إلى البنك المركزي اليمني، وتقوم بإيداعها في حسابات خاصة أو مؤسسات موازية، ما يفاقم أزمة السيولة ويضعف قدرة الحكومة على تمويل الموازنة العامة.

 

وفي جانب الإنفاق، شدّد صندوق النقد الدولي على ضرورة ترشيد النفقات العامة عبر إعادة توزيع الموارد على القطاعات ذات الأولوية، وحماية الخدمات الأساسية من التراجع، خصوصًا في مجالات التعليم والصحة والطاقة. وأوصى بترشيد دعم الكهرباء تدريجيًا بما يتناسب مع التكلفة الفعلية، مع ضمان استمرار الحماية الاجتماعية للفئات الأشد فقرًا.

 

ودعا الصندوق إلى فرض ضوابط مالية صارمة في المحافظات، وتعزيز إدارة النقدية والرقابة على المصروفات الحكومية، إلى جانب التحول الرقمي في الإدارة الضريبية والمالية لزيادة الشفافية والحد من الفساد، وتصحيح الاختلالات في جداول الأجور والوظائف الوهمية التي تستنزف الموارد العامة.

 

وفيما يتعلق بتأمين التمويل الخارجي، أكد الصندوق أن اليمن بحاجة ماسة إلى دعم مالي دولي مستمر لتجنب مزيد من التدهور الاقتصادي والإنساني، مشيرًا إلى أن حزمة التمويل السعودي البالغة 368 مليون دولار المعلنة في سبتمبر 2025، إلى جانب الدعم الإماراتي، تمثل خطوات إيجابية نحو تعزيز الاستقرار المالي.

 

وأوضح أن الدين العام في اليمن تجاوز 100% من الناتج المحلي الإجمالي حتى منتصف عام 2025، مما يتطلب مفاوضات عاجلة مع الدائنين الدوليين لإعادة جدولة الديون وضمان استدامة القدرة على السداد.

 

ويرى خبراء اقتصاديون أن توصيات صندوق النقد الدولي تمثل تحذيرًا واضحًا للحكومة اليمنية بضرورة معالجة الاختلالات العميقة في الإدارة المالية وتوحيد موارد الدولة تحت إشراف البنك المركزي، لضمان الاستقرار النقدي ومنع تفاقم الأزمة الاقتصادية.