مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

خطة نقل الرهائن من غزة إلى رعيم.. تفاصيل العملية بين حماس وإسرائيل

نشر
الأمصار

مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس حيّز التنفيذ، بدأت أولى مراحل خطة نقل الرهائن من قطاع غزة إلى إسرائيل، وسط ترتيبات ميدانية دقيقة وإشراف دولي من الصليب الأحمر، وبمشاركة الجيش الإسرائيلي الذي أعلن استعداده لإدارة العملية بالكامل في حال إطلاق سراح جميع الرهائن دفعة واحدة.

المرحلة الأولى من الاتفاق، التي تشكّل بداية تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في غزة، شهدت انسحاباً تدريجياً للقوات الإسرائيلية من بعض مناطق القطاع، تمهيداً لبدء عملية الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس، سواء الأحياء منهم أو القتلى الذين يُعتقد أنهم ما زالوا داخل غزة.

بداية تنفيذ الاتفاق

مع صباح الجمعة، صادقت الحكومة الإسرائيلية على المرحلة الأولى من الاتفاق، ليبدأ الجيش الإسرائيلي الانسحاب التدريجي من المناطق الحضرية في غزة إلى خطوط انتشار جديدة، مع الاحتفاظ بالسيطرة على ما يقارب 53% من أراضي القطاع، معظمها خارج المدن الكبرى.
ووفقاً لما نشرته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإن هذا الانسحاب يُعدّ شرطاً أساسياً قبل تنفيذ عملية إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس منذ فترة طويلة.

وخلال 72 ساعة من الانسحاب، من المتوقع أن تبدأ حماس بتسليم الرهائن الـ48 الذين لا يزالون في قبضتها، بدءاً بالعشرين الذين يُعتقد أنهم على قيد الحياة.
لكن العملية تواجه تحديات، إذ أبلغت حماس الوسطاء في وقت سابق بأنها لا تعرف أماكن بعض جثث الرهائن القتلى، وهو ما قد يؤخر إتمام تسليمهم.

آلية نقل الرهائن من غزة

بحسب التقرير الإسرائيلي، ستجري عملية نقل الرهائن الأحياء تحت إشراف مباشر من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، دون أي مظاهر احتفالية أو مراسم رسمية.
وسيتم أولاً تسليم الرهائن إلى ممثلي الصليب الأحمر في نقاط محددة داخل القطاع، ثم نقلهم بسيارات تابعة للجنة إلى مواقع تمركز الجيش الإسرائيلي داخل غزة.

بعد ذلك، يُرافق الجيش الرهائن إلى قاعدة رعيم العسكرية القريبة من الحدود، حيث تُجرى لهم فحوصات طبية ونفسية أولية للتأكد من حالتهم الصحية بعد فترة الأسر.
ومن المقرر أن ينتظر بعض أفراد العائلات في القاعدة نفسها للقاء ذويهم فور وصولهم.

العلاج والرعاية بعد الإفراج

في الخطوة التالية، سيتم نقل الرهائن وعائلاتهم إلى مستشفيات مركزية في وسط إسرائيل لاستكمال الفحوصات وتلقي الدعم النفسي.
أما الحالات الحرجة التي تحتاج إلى تدخل طبي فوري، فسيتم نقلها جواً إلى مركز سوروكا الطبي في بئر السبع لتلقي الرعاية دون المرور عبر قاعدة رعيم.

وقالت مصادر إسرائيلية إن عملية نقل الرهائن ستكون "الأكثر حساسية وتعقيداً" منذ بدء النزاع، بسبب الوضع الأمني المتقلب داخل القطاع، إضافة إلى التخوف من أي خرق محتمل لاتفاق وقف إطلاق النار.

تسليم جثث الرهائن القتلى

أما بالنسبة للرهائن الذين تأكدت وفاتهم، فسيتم نقل جثامينهم عبر نفس الآلية، حيث ستتسلمها القوات الإسرائيلية داخل غزة قبل أن تُجرى مراسم دينية بإشراف حاخام عسكري.
وسيقوم خبراء المتفجرات بتفتيش النعوش لأسباب أمنية قبل نقلها إلى معهد الطب الشرعي في أبو كبير للتعرف على الهوية باستخدام الفحوصات الجنائية، وهي عملية قد تستغرق نحو يومين.

أما في حال كان الرهائن القتلى من الجنود، فستُنقل جثامينهم إلى معسكر الشورى العسكري لاستكمال الإجراءات الرسمية الخاصة بالقوات المسلحة الإسرائيلية.

دور الوسطاء في العملية

تتم العملية بوساطة دولية مكثفة، تشمل الولايات المتحدة ومصر وقطر، حيث تعمل الأطراف على ضمان التزام كل جانب بشروط الاتفاق، ومنع أي تصعيد ميداني يمكن أن يهدد سير عملية نقل الرهائن.
وتشير مصادر إلى أن التنسيق مع الصليب الأحمر يشكّل عنصر الثقة الأساسي بين الجانبين، خاصة في ظل غياب تواصل مباشر بين إسرائيل وحماس.

كما أكدت تقارير إسرائيلية أن الجيش لن يسمح بدخول الصحفيين أو التصوير خلال عملية التسليم، حفاظاً على سرية الإجراءات وضمان سلامة الرهائن.

الانسحاب الإسرائيلي التدريجي

بالتزامن مع عملية إطلاق الرهائن، بدأ الجيش الإسرائيلي سحب قواته من بعض مناطق قطاع غزة، مع الإبقاء على وجود عسكري مكثف في المناطق الحدودية ومواقع استراتيجية محددة.
ويُتوقع أن تمتد المرحلة الأولى من الانسحاب إلى أسبوعين، تليها مرحلة ثانية تشمل تقليص الوجود العسكري الإسرائيلي بشكل أكبر.

ويأتي هذا الانسحاب في إطار اتفاق وقف إطلاق النار التاريخي الذي أُعلن عنه برعاية دولية، والذي يهدف إلى إنهاء العمليات العسكرية وإطلاق سراح جميع الرهائن كخطوة أولى نحو تسوية أوسع للأزمة.

ترقب شعبي وعائلي

على الجانب الإسرائيلي، تسود حالة من الترقب بين عائلات الرهائن، الذين قضوا شهوراً طويلة في انتظار أي أنباء عن ذويهم.
وقالت وسائل إعلام عبرية إن عشرات العائلات ستتواجد في قاعدة رعيم لمتابعة وصول أبنائها، بينما نُصبت خيام في مناطق قريبة من المستشفيات لاستقبال العائدين.

من جهة أخرى، أعربت منظمات إنسانية عن أملها في أن تشكّل هذه العملية بداية لإنهاء معاناة المدنيين في غزة، خاصة مع استمرار الأوضاع الإنسانية الصعبة داخل القطاع نتيجة الحصار المستمر.

دلالات سياسية وإنسانية

يرى مراقبون أن عملية نقل الرهائن لا تمثل مجرد إجراء إنساني، بل تحمل أبعاداً سياسية مهمة، إذ يمكن أن تمهّد الطريق أمام مرحلة جديدة من التفاهمات بين الأطراف المتصارعة.
كما قد تُعيد هذه الخطوة الثقة بين حماس والمجتمع الدولي في حال التزامها الكامل ببنود الاتفاق.

في المقابل، تواجه الحكومة الإسرائيلية ضغوطاً داخلية من المعارضة التي ترى أن الاتفاق "يُضعف الردع العسكري" ويمنح حماس فرصة لإعادة ترتيب صفوفها داخل القطاع.

بين الأمل والقلق، تظل عملية نقل الرهائن من غزة إلى رعيم واحدة من أكثر العمليات حساسية في تاريخ النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.
فهي تجمع بين الجانب الإنساني والسياسي، وتُظهر مدى تعقيد الواقع الميداني في غزة، حيث تتشابك مشاعر الفرح بعودة الأحياء مع الحزن على من فقدوا حياتهم.

ومع استمرار التنسيق الدولي، تبقى الأنظار معلّقة على مدى التزام الأطراف بالاتفاق، وعلى ما إذا كانت هذه الخطوة ستفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الهدوء، أم ستكون مجرّد هدنة مؤقتة في صراع لم تنطفئ نيرانه بعد.