قوات GIS على خط المفاوضات.. مصر تؤكد أن أمن المفاوضين خط أحمر

في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتزايد التعقيدات في ملف المفاوضات بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، برزت على الساحة مجددًا قوات جهاز المخابرات العامة المصرية (GIS) كعنصر أساسي في معادلة الأمن والسياسة على خط المفاوضات الجارية في شرم الشيخ، والتي تهدف إلى تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة والوصول إلى صفقة تبادل أسرى شاملة.

مصادر مصرية مطلعة أكدت أن القاهرة تعاملت مع ملف المفاوضات الأخيرة باعتباره ملفًا سياديًا من الدرجة الأولى، وأن الحفاظ على أمن جميع المفاوضين — سواء من الفصائل الفلسطينية أو من الجانب الإسرائيلي — يشكل "خطًا أحمر" لا يمكن تجاوزه.
وقد تولت قوات خاصة تابعة لجهاز المخابرات العامة تأمين مقر المفاوضات ومقار إقامة الوفود المشاركة، في مشهد يعكس مدى الجدية التي تتعامل بها الدولة المصرية مع هذا الحدث الحساس.
أمن سياسي ورسالة إقليمية
تأكيد الوجود الأمني لقوات الـGIS في شرم الشيخ لم يكن مجرد ترتيبات ميدانية، بل رسالة سياسية واضحة مفادها أن مصر هي الضامن الأول لاستقرار المنطقة، وأنها لن تسمح لأي طرف بتهديد مسار التهدئة أو المساس بأمن أراضيها أو المشاركين على أرضها.
وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن ظهور قوات الـGIS بهذا الشكل العلني نسبيًا، يعد سابقة محدودة، إذ اعتاد الجهاز على إدارة الملفات الحساسة بهدوء بعيدًا عن الأضواء.
لكن المرحلة الراهنة فرضت نوعًا من الحضور الأمني الواضح، خصوصًا مع تزايد التهديدات الأمنية في المنطقة وتعدد الأطراف المتدخلة في الملف الفلسطيني.

دور القاهرة في حماية مسار المفاوضات
منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، لعبت القاهرة دورًا محوريًا في احتواء التصعيد وتنسيق جهود التهدئة بين الفصائل الفلسطينية وتل أبيب، عبر جولات مكوكية لقيادات المخابرات العامة برئاسة اللواء عباس كامل.
وخلال تلك الجولات، كانت القاهرة تؤكد دائمًا على ثوابت موقفها: وقف العدوان، حماية المدنيين، وضمان حقوق الفلسطينيين المشروعة.
ويأتي تأمين المفاوضات في شرم الشيخ استمرارًا لهذا النهج، فمصر تدرك أن أي خلل أمني أو استهداف لأحد الوفود يمكن أن ينسف أشهرًا من الجهود الدبلوماسية.

رسالة للقوى الدولية
الحضور الأمني المكثف للـGIS في المفاوضات بعث برسالة أيضًا إلى القوى الدولية الحاضرة، مفادها أن مصر تمتلك أدواتها الكاملة في إدارة الملفات الحساسة، وأنها ليست مجرد وسيط، بل فاعل أساسي في هندسة الأمن الإقليمي.
وتؤكد الدوائر المقربة من صنع القرار أن مصر لا تكتفي بتوفير الأرض للمفاوضات، بل تفرض معادلة حماية شاملة تضمن استمرار الحوار في مناخ آمن ومستقر، بعيدًا عن أي محاولات إرباك أو ابتزاز سياسي.
بينما يترقب العالم نتائج المفاوضات في شرم الشيخ، تظل قوات GIS تمثل الدرع الخفي للمسار السياسي، تعمل بصمت وانضباط لضمان أمن المفاوضين واستمرار التواصل بين الأطراف المتنازعة.
ورغم أن الملف الفلسطيني لا يزال معقدًا ومفتوحًا على احتمالات متعددة، فإن الثابت أن مصر، بقيادتها وأجهزتها، تضع أمنها القومي ومصالح المنطقة في كفة واحدة، وتؤكد مجددًا أن الأمن في ميدان السياسة لا يقل أهمية عن النصر في ميدان المعركة.