رئيس هيئة فلسطين للإغاثة لـ«الأمصار»: القاهرة تمسك بخيوط التوازن في أزمة غزة

في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وتدهور الأوضاع الإنسانية رغم الموافقة على خطة ترامب الأخيرة، تتجه الأنظار مجددًا إلى مصر باعتبارها اللاعب الأبرز في ساحة الوساطة بين الأطراف المتنازعة، وسط تساؤلات متزايدة حول حدود نفوذها وقدرتها على التأثير في مجريات الأحداث.

في حوار خاص معنا قدّم الدكتور حازم عوني الصوراني، رئيس هيئة فلسطين العربية للإغاثة والتنمية الأهلية في قطاع غزة، قراءة معمقة للدور المصري في إدارة الأزمة، وكشف عن رؤيته للتحديات التي تواجهها القاهرة في ظل التعقيدات الإقليمية والانقسام الفلسطيني الداخلي.
مصر.. الدور المحوري في القضية الفلسطينية
يرى الدكتور الصوراني أن الدور المصري في الأزمة الحالية "محوري لكنه مقيد"، موضحًا أن القاهرة تمتلك أوراقًا مؤثرة في المعادلة بحكم سيطرتها على أحد المنافذ البرية القليلة إلى القطاع، ودورها الأساسي في جهود التهدئة وتبادل الأسرى.

وأضاف أن مصر تتحرك في معادلة دقيقة تحاول فيها الموازنة بين البعد الإنساني الكارثي للوضع في غزة، وبين حساباتها الأمنية والدبلوماسية الإقليمية، مؤكدًا أن "القاهرة لا تزال تملك قدرة حقيقية على التأثير في الملفات الحساسة، خاصة في ما يتعلق بفتح الممرات الإنسانية ووقف إطلاق النار".
لكنه أشار إلى أن مدى فعالية هذا الدور مرهون بعوامل خارجية، على رأسها موقف الولايات المتحدة واستعداد الحكومة الإسرائيلية للتجاوب، إلى جانب الانقسام الفلسطيني الذي يضعف الموقف التفاوضي للجانب الفلسطيني ككل.
معبر رفح.. بين الاتهامات والواقع الميداني
وحول الاتهامات التي تُوجَّه لمصر بشأن إغلاق معبر رفح، قال الصوراني إن "المعبر من الجانب المصري مفتوح على مدار الساعة"، مشيرًا إلى أن العقبة الحقيقية تكمن في سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من المعبر، ما يعقّد عملية إدخال المساعدات أو خروج الجرحى والمرضى.
وأضاف أن التنسيق مع إسرائيل بات شرطًا شبه دائم لأي عملية عبور أو نقل مساعدات، مما يحدّ من فاعلية الدور المصري رغم الجهود المكثفة التي تبذلها القاهرة.

ما المطلوب من القاهرة الآن؟
وفيما يتعلق بخطوات الدعم الممكنة، دعا رئيس هيئة فلسطين العربية للإغاثة إلى سلسلة إجراءات عاجلة أبرزها:
تسهيل مرور القوافل الإنسانية والطبية بالتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.
الضغط الدبلوماسي على القوى الكبرى لفتح ممرات إنسانية آمنة ومستدامة.
تأسيس آلية رقابية شفافة لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيدًا عن الاحتكار أو التسييس.
تحييد معبر رفح عن الصراعات السياسية بين حماس والاحتلال.
المطالبة بانسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا لتأمين حركة الإغاثة دون عراقيل.
غزة بعد عامين من الحرب.. صمود رغم الألم
وعند سؤاله عن واقع الحياة في غزة، وصف الدكتور الصوراني المشهد بأنه "كارثي بكل المقاييس"، قائلًا: "نشهد انهيارًا كاملًا في البنية التحتية، ونقصًا حادًا في الغذاء والدواء والمياه، فضلًا عن معاناة نفسية واجتماعية خانقة. أكثر من 300 ألف شهيد وجريح هم ضريبة هذه الحرب المستمرة."
وأكد أن الشارع الفلسطيني يعيش بين اليأس والغضب، لكنه لا يزال متمسكًا بالأمل في أي مبادرة توقف نزيف الدم، مضيفًا: "رغم الدمار الهائل، يبقى الشعب الفلسطيني مثالًا للصمود، والقاهرة تبقى بوابة الأمل نحو أي حل إنساني أو سياسي قريب."