رد حماس على خطة ترامب.. بين القبول الحذر ورهانات المستقبل

بعد أسابيع من الجدل الدبلوماسي، سلّمت حركة حماس ردها الرسمي على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب الدائرة في قطاع غزة، في خطوة وُصفت بأنها قد تشكل نقطة تحول في مسار الصراع الممتد منذ نحو عامين.
جوهر الرد: موافقة مشروطة

وأكدت الحركة في بيان رسمي أنها وافقت على الإفراج عن جميع الأسرى الأحياء والجثامين، وفق الصيغة التي طرحها مقترح ترامب، موضحة أنها مستعدة للدخول فورًا في مفاوضات عبر الوسطاء لبحث تفاصيل التنفيذ.
وهذا الموقف اعتُبر من جانب مراقبين تنازلًا لافتًا من الحركة، خصوصًا في ظل الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها القطاع، لكنه في الوقت نفسه يفتح الباب أمام تساؤلات حول جدية الأطراف في الالتزام ببنود الخطة.
إدارة غزة بيد المستقلين
واحدة من أبرز النقاط التي تضمنها رد حماس هي إعلانها الاستعداد لتسليم إدارة قطاع غزة إلى هيئة فلسطينية من المستقلين، يتم تشكيلها بناءً على توافق وطني.
وهذه الخطوة ـ وفق خبراء ـ قد تعيد ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، لكنها أيضًا تحمل في طياتها مخاوف من خلافات داخلية حول شكل الإدارة ودور الفصائل فيها.
وأكدت الحركة أن مستقبل غزة يجب أن يكون مرتبطًا بموقف فلسطيني جامع يستند إلى القرارات الدولية، مع التزامها بأن تكون جزءًا من هذا التوافق.
وهو تصريح يعكس محاولة الحركة ربط أي ترتيبات داخلية بالإطار الأوسع للقضية الفلسطينية على الصعيد الدولي.
خطة ترامب.. الفرص والتحديات
الخطة الأمريكية التي طرحها ترامب تضمنت 20 بندًا، أبرزها وقف فوري لإطلاق النار، تبادل الأسرى، نزع سلاح حماس، وخروج مقاتليها من القطاع إلى دول أخرى، إلى جانب إدارة غزة من قبل لجنة دولية وفلسطينية تحت إشراف مجلس يترأسه ترامب نفسه ويضم شخصيات مثل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
ورغم أن إسرائيل أبدت دعمها للخطة بشكل علني، إلا أن العديد من الأطراف الإقليمية والدولية شككت في جدواها، معتبرة أنها تمنح تل أبيب هامشًا واسعًا لتحديد موعد انسحابها من القطاع.
رد حماس حمل إشارات مزدوجة: من جهة أبدت الحركة استعدادًا للتجاوب مع الضغوط الدولية والبحث عن مخرج للأزمة الإنسانية، ومن جهة أخرى وضعت الكرة في ملعب الأطراف الأخرى، خاصة السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
ففي الداخل الفلسطيني، هناك من يرى أن موافقة حماس على تسليم إدارة القطاع لمستقلين قد تعني بداية مرحلة جديدة من الوحدة، بينما يشكك آخرون في إمكانية نجاح هذه الصيغة في ظل الانقسامات المستمرة.
أما على الصعيد الشعبي في غزة، فقد قوبل الإعلان بمزيج من الأمل والشك، حيث يرى بعض الفلسطينيين أن الخطة قد تكون مجرد وسيلة لإعادة الرهائن الإسرائيليين دون تقديم ضمانات حقيقية لوقف الحرب، بينما يتمسك آخرون بأي بارقة أمل قد تضع حدًا للمعاناة اليومية.
في ضوء رد حماس، تبقى الأيام المقبلة حاسمة لتحديد ما إذا كانت الخطة الأمريكية ستتحول إلى مسار تفاوضي جدي، أم ستبقى مجرد مبادرة عابرة في تاريخ طويل من محاولات التسوية الفاشلة.
الواقع على الأرض لا يزال ينذر بالمزيد من التعقيدات، لكن خطوة حماس الأخيرة تمثل بلا شك تحولًا في خطابها السياسي، وربما تكون بداية اختبار جديد لقدرتها على المناورة بين ضغوط الداخل واستحقاقات الخارج.