مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

السودان: الفيضان يكشف مخاطر سد النهضة ويدحض مزاعم إثيوبيا

نشر
الأمصار

أعلنت السلطات السودانية حالة الاستنفار القصوى بعد ارتفاع منسوب مياه النيل الأزرق بشكل غير مسبوق، مما أثار مخاوف من فيضانات واسعة النطاق تهدد سكان المناطق القريبة من ضفاف النهر.

وجاءت هذه التطورات نتيجة التدفقات المائية الكبيرة الخارجة من سد النهضة الإثيوبي باتجاه سد الروصيرص السوداني، في مشهد اعتبره خبراء المياه دليلاً واضحاً على خطورة تشغيل السد بهذا الشكل.

وقال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الزراعة والموارد المائية والخبير المائي الدولي، إن ما تشهده السودان يفضح الادعاءات الإثيوبية التي وصفت سد النهضة بأنه وسيلة لحماية الخرطوم من الفيضانات، مؤكداً أن ما حدث هو "فيضان صناعي" أخطر بكثير من الفيضانات الطبيعية. 

وأوضح أن إثيوبيا ارتكبت خطأً فادحاً بملء البحيرة بكامل سعتها (75 مليار متر مكعب) قبل تركيب وتشغيل جميع التوربينات، حيث يعمل حالياً 5 توربينات فقط من أصل 13، مما أجبر أديس أبابا على فتح ممرات التصريف بشكل مفاجئ، فتدفقت كميات ضخمة من المياه نحو السودان.

وأضاف نور الدين أن هذه الكميات أدت إلى ارتفاع منسوب النيل الأزرق في الخرطوم إلى مستويات خطيرة تجاوزت 14.5 متر، مسببة غمر الأراضي والمناطق السكنية. كما حذّر من المخاطر التي تهدد سد الروصيرص وسدود أخرى مثل سنار، نظراً لسعتها التخزينية المحدودة، مشيراً إلى أن التدفقات المفاجئة ترفع احتمالية حدوث انهيارات أو أضرار إنشائية جسيمة.

من جانبه، أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن إثيوبيا تعمدت ملء البحيرة حتى آخرها لأغراض "احتفالية" واستعراض سياسي، متجاوزة المعايير الهندسية الآمنة. وأوضح أن سد الروصيرص السوداني يعيش حالة ارتباك في التشغيل بسبب هذه الكميات الضخمة من المياه، الأمر الذي يشكل تهديداً مباشراً لسلامته.

 كما لفت إلى أن التوقيت الحالي لتدفق المياه في أواخر سبتمبر لا يخدم القطاع الزراعي في السودان، بل تسبب في إغراق المحاصيل بعد انتهاء موسم الري التقليدي في أغسطس.

في المقابل، أشار الخبراء إلى أن مصر كانت المستفيد الأكبر من هذه التصريفات غير المنتظمة، حيث ساعدت في استكمال ملء بحيرة السد العالي في أسوان وتعويض النقص في المياه الذي عانت منه البلاد مطلع الموسم. وأكدوا أن السد العالي يمثل "الصمام الآمن" الذي يحمي مصر من أي صدمات مائية مفاجئة.

ويكشف هذا المشهد بوضوح هشاشة إدارة أديس أبابا للسد، ويعزز المخاوف من أن استمرار التشغيل غير المنتظم قد يجعل المنطقة عرضة لمزيد من الكوارث المائية في السنوات المقبلة.