بعد خفض الفائدة.. ضبابية "الفيدرالي" تثير قلق الأسواق وتقلل من تفاؤل المستثمرين

يبدو أن المستثمرين مقبلون على فترة من التقلب وعدم اليقين، بعد أن قرر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل النطاق الجديد إلى 4.00 – 4.25%، في أول خفض منذ ديسمبر الماضي، ضمن توجه حذر نحو سياسة نقدية أكثر تيسيراً.
ضغوط التضخم
ورغم ما بدا أنه تحول "حمائمي"، إلا أن الرسائل المرافقة للقرار حملت إشارات تحذيرية بشأن استمرار ضغوط التضخم، مما زاد من حالة الغموض بشأن وتيرة التخفيضات المستقبلية.
فقد أشار رئيس الفيدرالي جيروم باول إلى أن صانعي السياسات يواجهون "وضعاً معقداً"، حيث تميل مخاطر التضخم إلى الصعود، بينما تتراجع مخاطر سوق العمل، في وقت أظهرت فيه البيانات الأخيرة ارتفاع معدل البطالة إلى 4.3%، وتباطؤ نمو الوظائف بشكل ملحوظ.
هذا المزيج من التيسير المشروط والتحذيرات أثار قلق المستثمرين، حيث بدأ بعضهم يتراجع عن رهاناته على سلسلة سريعة من التخفيضات، ما انعكس سلباً على الأسواق. فقد تراجعت مؤشرات "ناسداك" و"إس آند بي 500" بعد أن كانت قرب مستويات قياسية، وسط تعاملات اتسمت بالتذبذب، بينما ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية، حيث صعد عائد السنتين إلى 3.55%، وعائد العشر سنوات إلى 4.09%.
وقال لاري هاثواي، كبير استراتيجيي الاستثمار في "فرانكلين تمبلتون"، إن رسالة الفيدرالي "عززت موقفنا الحذر"، مشيراً إلى أن الأسواق كانت تأمل في خارطة طريق أوضح، لا سيما بعد سلسلة بيانات سلبية من سوق العمل، لكن الفيدرالي اختار التريث والاعتماد على البيانات المستجدة في كل اجتماع.
من جانبه، علّق دان سيلوك، مدير في "جانوس هندرسون إنفستورز"، قائلاً: "رغم التوجه نحو التيسير، إلا أن الرسالة لا تزال دقيقة وغير حاسمة، وتبتعد عن التحول الكامل الذي كانت تنتظره الأسواق".
"مخطط النقاط"
وفي توقعاته المحدثة، أظهر الفيدرالي من خلال "مخطط النقاط" أنه يتوقع تخفيضات إضافية بواقع 50 نقطة أساس قبل نهاية العام، مقارنة بتوقعات أقل في اجتماع يونيو الماضي. ومع ذلك، بقيت توقعات التضخم عند 3% لنهاية 2025، أي أعلى من هدف 2% الذي يلتزم به البنك المركزي، بينما رُفعت تقديرات النمو الاقتصادي إلى 1.6% من 1.4%.
وحذّر جاك ماكنتاير، مدير محفظة لدى "برانديواين غلوبال"، من أن الفيدرالي في موقف صعب، إذ "يتوقع مزيجاً من تضخم مرتفع ونمو ضعيف، وهو ما يُعرف بالركود التضخمي – وهي بيئة صعبة للغاية للأصول المالية".
وتأتي هذه المخاوف في وقت تتزايد فيه التساؤلات حول قدرة الفيدرالي على دعم سوق العمل عبر تخفيضات كبيرة في الفائدة دون إشعال موجة جديدة من التضخم، وهو تحدٍ يعيد إلى الأذهان أزمات مشابهة في سبعينيات القرن الماضي.