سمير عطا الله يكتب: سيرة المؤشر

كانت النكات كثيرة في الماضي عن الفروقات بين الأغنياء والفقراء. وكانت الأكثر شيوعاً وقسوة عن صراف البنك الذي يتداول ملايين الدولارات في اليوم، ولا يتجاوز راتبه الشهري المئات. ويقابل ذلك في الشعر العربي:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما
والماء فوق ظهورها محمول
طبعاً توقفت نكات الصرافين بعد اختراع البلاستيك والكريدت كارد. ومن ثم اختفت المهنة برمتها بعدما صارت كميات المال فوق قدرة المنقول على الانتقال. وهكذا استنبط الإنسان الذكي فكرة البيتكوين، الذي أعرف أنه موجود، لكن لا من سمع ولا من رأى، ومبروك على الجميع، عداً ونقداً وبينهما الثالث.
ينقلنا ذلك إلى متغير آخر في عالم الصرافين، هو عالم الرواتب في العصر الحديث. بحسب مؤشر «الفاينانشال تايمز»، زادت الرواتب المرتفعة هذا العام بنسبة 16 في المائة. وإذا كنت من أهلها وأربابها فهذا يعني أنه سوف يدخل في حسابك (مبروك سلفاً)، 6 ملايين دولار. العام الحالي تعاقد بنك ج. ب. مورغان مع 300 موظف تنطبق عليهم هذه الأوصاف، عساك من فئتها.
كيفما تغيرت الأشكال، الجوهر واحد:
ناس تعد الأموال، وناس تخزنها. صرافون وصارفون. ناس تحلم بأن تربح ورقة يانصيب، وناس تحلم بأن يصل سعر الذهب إلى قمة همالايا. هذه هي البطولة في التسلق. أما أن يتسلق أعلى قمة في العالم من أجل اللقب، وبضعة مقالات، فالله الموفق، ولا عين رأت ولا أذن سمعت. أما جنابكم، منذ متى اكتسبت عادة قراءة مؤشرات «الفاينانشال تايمز»؟ فإنَّ ذلك يعود إلى يوم أصبحت عزيزتنا رلى خلف، ابنة عزيزنا عباس خلف، أول سيدة رئيسة لتحرير الـ«إف تي»، أول وأهم صحيفة اقتصادية في العالم.
(نقلًا عن صحيفة الشرق الأوسط)