الصين تدخل عصر مقاتلات الجيل الخامس.. 5 أنواع تكشف التفوق الجوي المتكامل

في خطوة استراتيجية غير مسبوقة، أعلنت الصين عن دخول مرحلة جديدة في تطوير قدراتها الجوية، عبر الكشف عن خمسة أنواع من مقاتلات الجيل الخامس، في عرض عسكري أقامته العاصمة الصينية احتفالاً بالذكرى الثمانين لهزيمة اليابان الإمبراطورية في الحرب العالمية الثانية.
هذا العرض العسكري لم يكن مجرد استعراض للقوة، بل كان إعلانًا رسميًا عن تحول نوعي في أسطول الطيران الصيني، مع تعزيز التكامل بين المقاتلات الشبحية المتقدمة، لتكون الصين أول دولة تشغل عدة أنواع من مقاتلات الجيل الخامس في آن واحد.
رحلة الصين مع مقاتلات الجيل الخامس
بدأت رحلة الصين مع مقاتلات الجيل الخامس في فبراير 2017، عندما أصبحت الدولة الثانية بعد الولايات المتحدة التي تدخل مقاتلة محلية من الجيل الخامس إلى الخدمة، وهي مقاتلة جيه-20. منذ ذلك الحين، شهدت هذه الطائرة تطويرًا مستمرًا، شمل تحسين قدرات التخفي، وإعادة تصميم الهيكل، ودمج محركات جديدة، وتحديث الإلكترونيات، وفقًا لما ذكرته مجلة "ميليتاري ووتش".
برنامج جيه-20 شكل إنجازًا بارزًا في قطاع الطيران القتالي الصيني، حيث أصبح لأول مرة في التاريخ الحديث لطائرات النفاثة، ممكناً لدولة غير روسيا أو الولايات المتحدة من المنافسة بقوة على لقب أقوى مقاتلة في العالم في القتال الجوي.
وخلال العرض العسكري الأخير، ظهرت ثلاث نسخ مختلفة من مقاتلة جيه-20: النسخة الأساسية المزودة بمحركات WS-10C، والنسخة الثنائية المقعد جيه-20S التي تُعد الأولى عالميًا بين المقاتلات الشبحية، والنسخة المطورة جيه-20A/B ذات المظهر الأكثر انسيابية والبصمة الرادارية المنخفضة، والتي من المتوقع أن تعمل بمحركات WS-15 الجديدة.
ظهور مقاتلة جيه-35: تحول استراتيجي جديد
الأحداث الأكثر أهمية في العرض العسكري كانت ظهور فئة جديدة تمامًا من مقاتلات الجيل الخامس، وهي جيه-35. تعتبر هذه المقاتلة شبحية متوسطة الوزن، وتهدف إلى تكملة قدرات جيه-20 في مختلف المهام القتالية.
في البداية، كان يُعتقد أن جيه-35 مخصصة للعمل على متن حاملات الطائرات أو للتصدير، إلا أن تأكيد انضمامها إلى سلاح الجو الصيني في يوليو 2025 منح بكين ميزة فريدة، إذ أصبحت الدولة الوحيدة التي تشغل نوعين مختلفين من مقاتلات الجيل الخامس في الوقت نفسه، ما يشبه التكامل الذي توفره الولايات المتحدة بين مقاتلات إف-22 و إف-35.
كما كشف العرض عن النسخة البحرية من جيه-35، لتصبح الصين بذلك أول قوة عالمية تدير خمس فئات مختلفة من المقاتلات الشبحية، موزعة بين ثلاث نسخ من جيه-20 ونسختين من جيه-35، ما يعكس استراتيجية الصين لتعزيز التفوق الجوي والقدرة على تنفيذ العمليات البحرية والجوية المتكاملة.
التكامل بين المقاتلات والشبكات القتالية
لم يقتصر العرض على استعراض الطائرات بشكل فردي، بل أبرز تكتيكات التكامل بين المقاتلات المختلفة، حيث ظهرت تشكيلات ضمت جيه-20 إلى جانب جيه-16 و جيه-35، ما يعكس استراتيجية المزج بين التفوق الجوي، التشويش الإلكتروني، والقدرات الشبكية المتقدمة.
هذا التنوع يعكس موقع الصين كقوة ثانية عالميًا في مجال الطيران القتالي، متقدمة بذلك على روسيا التي لم تنتج بعد أعدادًا كبيرة من مقاتلات سو-57. وجود كل من جيه-20 و جيه-35 في الخدمة يمنح الصين مرونة تشغيلية كبيرة، حيث تقوم جيه-20 بمهام الاعتراض الاستراتيجي والعمليات بعيدة المدى، بينما توفر جيه-35 دعمًا تكتيكيًا متوسط المدى وعمليات على حاملات الطائرات.
المستقبل: مقاتلات الجيل السادس
في ديسمبر الماضي، كشفت الصين عن تصميمات مبدئية لمقاتلات من الجيل السادس، والتي قد تدخل الخدمة مطلع ثلاثينيات القرن الحالي. من المتوقع أن يؤدي ذلك إلى إعادة هيكلة الإنتاج، وربما تقليص أعداد جيه-20 و جيه-35 لصالح المنصات الأحدث، الأكثر كفاءة من حيث التكلفة والتكنولوجيا، وهو ما يعكس الطموح الصيني لتحديث قدراته الجوية باستمرار.
أهمية العرض العسكري الصيني
هذا العرض العسكري يعكس تحوّلًا نوعيًا في التفكير العسكري الصيني، ويظهر قدرته على إنتاج طائرات شبحية متعددة الاستخدامات، مع تعزيز التكامل بين الطائرات، وقدرات الاستخبارات، والقدرات الشبكية، بما يتيح للصين التفوق في السيناريوهات الجوية المستقبلية في آسيا وما حولها.
الصين اليوم ليست مجرد دولة تمتلك مقاتلات حديثة، بل أصبحت قوة قادرة على إدارة أسطول متكامل من مقاتلات الجيل الخامس، مع وجود خطط واضحة للجيل السادس، ما يعكس استراتيجيتها في تعزيز التفوق الجوي وضمان السيطرة على المجالات الجوية الحساسة في المنطقة.
الأبعاد الإقليمية والعالمية
ظهور هذه المقاتلات يأتي في سياق صعود الصين كقوة عسكرية مؤثرة على الصعيد العالمي، مع تعزيز قدراتها البحرية والجوية بشكل متزامن. استعراض قدرات جيه-20 و جيه-35 يظهر أن الصين تتجه نحو أسلوب الحروب الشبكية المتكاملة، ويضع الدول المنافسة أمام واقع جديد في سباق التسلح الجوي، خصوصًا الولايات المتحدة وروسيا.
العرض العسكري لم يبرز القوة الفردية فقط، بل أظهر قدرة الصين على تطوير استراتيجيات قتالية متكاملة، مع دمج الطائرات الشبحية في شبكة قتالية تضم الاستخبارات والتشويش الإلكتروني، لتوفير تفوق نوعي في أي صراع جوي محتمل.
الخلاصة
إطلاق الصين خمسة أنواع من مقاتلات الجيل الخامس يمثل علامة فارقة في تاريخ الطيران العسكري الصيني، ويؤكد أنها تسعى لتحقيق التفوق الجوي على مستوى عالمي. التكامل بين جيه-20 و جيه-35 يمنح الصين مرونة غير مسبوقة، فيما تظل خططها المستقبلية لمقاتلات الجيل السادس مؤشرًا على استمرار الصعود العسكري الصيني في العقود القادمة، مع قدرة على المنافسة مع القوى الجوية الكبرى عالميًا.
هذا التطور العسكري يعكس أن الصين لم تعد دولة مجرد مراقب في مجال الطيران العسكري، بل أصبحت لاعبًا رئيسيًا يسعى لتحديد معالم التفوق الجوي في القرن الحادي والعشرين، مع الحفاظ على التوازن بين القوة الجوية التقليدية والتقنيات المتقدمة.