ليبيا تعلن حالة الطوارئ لمواجهة الكوليرا مع تدفق النازحين السودانيين

أعلنت سلطات شرق ليبيا حالة الطوارئ الصحية في جنوب البلاد، تحسبًا لانتشار وباء الكوليرا، بعد تفشيه بشكل واسع في السودان المجاور، وسط استمرار تدفق أعداد كبيرة من النازحين السودانيين هربًا من الحرب.
ويأتي هذا الإعلان بعد أن كشفت منظمة الصحة العالمية عن انتشار الكوليرا في 18 منطقة داخل السودان، بينما سجلت منسقية النازحين واللاجئين في إقليم دارفور أكثر من 10 آلاف حالة إصابة مؤكدة، بينها 416 وفاة، منذ بداية تفشي المرض، ما يعكس حجم الأزمة الصحية الإنسانية التي يواجهها السودان. وتعد المناطق الحدودية بين السودان وليبيا، وبالأخص مدينة الكفرة، من أكثر المناطق عرضة لخطر انتقال العدوى بسبب كثافة حركة النازحين ووجود حدود مفتوحة يسهل عبورها.
وفي تصريحات خاصة لـ"العربية.نت"، أكد رئيس غرفة الطوارئ بوزارة الصحة في حكومة شرق ليبيا، إسماعيل العيضة، أن الوزارة أعدت خطة طوارئ شاملة وبرنامج احترازي لمواجهة أي حالات محتملة للوباء. وأوضح أن الإجراءات تتضمن رفع درجة الاستعداد لفرق التقصي، زيادة أعدادهم، وتدريبهم على التعامل مع الكوليرا. كما تم تجهيز مختبرات للكشف المبكر عن العدوى، وتنظيم حملات توعية مكثفة للنازحين لتعريفهم بأساليب الوقاية، خصوصًا أن المرض ينتقل عبر تلوث مياه الشرب والطعام بالبكتيريا.
وأكد العيضة أن الوزارة لم تسجل أي حالة إصابة بالكوليرا داخل ليبيا حتى الآن، لكن السلطات تتخذ احتياطات صارمة، بما في ذلك توفير أسرّة ومرافق بديلة للنازحين، وإجراء فحوصات دورية للوافدين الجدد إلى الأراضي الليبية. وأضاف أن الخطر الحقيقي يكمن في انهيار البنية التحتية الصحية في مدينة الكفرة بعد عامين من تقديم الخدمات الطبية المجانية للنازحين، محملاً المنظمات الدولية والأممية جزءًا من المسؤولية لعدم تقديم الدعم الكافي رغم الوعود السابقة.
ويشكل وباء الكوليرا تحديًا صحيًا خطيرًا، إذ إنه عدوى معوية حادة تسبب الإسهال الشديد والقيء والتشنجات العضلية، وقد تكون قاتلة خلال ساعات إذا لم يتم علاجها فورًا. ويزيد الوضع تعقيدًا تدفق النازحين السودانيين المستمر، حيث تستقبل الكفرة وحدها نحو 65 ألف نازح، مما يضاعف الحاجة إلى مراقبة دقيقة للبنية الصحية وتطبيق إجراءات صارمة للوقاية.

كما أكد المسؤول الليبي أن الحكومة تعمل على تعزيز التعاون مع المنظمات الإنسانية الدولية لتوفير الاحتياجات الطبية واللوجستية، وتطوير برامج صحية مستدامة لحماية السكان المحليين والنازحين على حد سواء. ويعد هذا التحرك خطوة استباقية لحماية ليبيا من تفشي وباء محتمل، في ظل تزايد المخاطر في المناطق الحدودية والضغط الكبير على المرافق الصحية.
في ظل هذه التطورات، تحذر السلطات من أن أي تهاون في إجراءات الوقاية قد يؤدي إلى تفشي المرض داخل المدن الجنوبية الليبية، ما سيشكل أزمة صحية إضافية إلى جانب التحديات الإنسانية المرتبطة بالنازحين والحرب المستمرة في السودان. وتؤكد وزارة الصحة أن الإجراءات الحالية تهدف إلى تأمين حياة السكان وحماية الصحة العامة، ومنع الكوليرا من الانتشار على الأراضي الليبية.