حفتر والدبيبة.. صراع النفوذ يعمق الأزمة في ليبيا

يواصل الصراع بين شرق وغرب ليبيا استنزاف قدرات الدولة، حيث يتصارع المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، مع رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة على السيطرة السياسية والعسكرية، ما أدى إلى انقسام حاد في المؤسسات الوطنية وأضعف قدرة البلاد على مواجهة أزماتها الاقتصادية والاجتماعية.

في شرق ليبيا، سيطر حفتر على قيادة الجيش بعد أحداث عنف شهدتها بنغازي والمناطق الشرقية على يد الجماعات المسلحة المتطرفة، مستهدفًا القضاء على الإرهاب وضمان أمن المنطقة. 

إلا أن هذا التحكم لم يكن شاملاً، إذ بقيت بعض المناطق تحت نفوذ الميليشيات المحلية، بينما تواصلت محاولات الدبيبة لفرض سيطرته على العاصمة طرابلس والمناطق الغربية، رغم مواجهة مقاومة كبيرة من الميليشيات المسلحة التي دعمت الحكومة الغربية، وأجبرت الدبيبة على موازنة القوة بين تهدئة بعض الجماعات وفرض السيطرة على الأخرى.

وقد أدت تدخلات خارجية إلى تعقيد المشهد، فالتدخل التركي عبر الطائرات المسيّرة حال دون استعادة الجيش الليبي للسيطرة الكاملة على طرابلس، ما أسفر عن استمرار الانقسام بين الحكومتين وتكرار حالة الفوضى المالية والإدارية، بما في ذلك تحكم كل حكومة في البنك المركزي ومصادر الإيرادات النفطية بشكل منفصل.

كما تشير تقارير إعلامية ودولية إلى محاولات تقاسم النفوذ بين الطرفين، حيث تم عقد لقاءات سرية بين نجل حفتر وأحد أقارب الدبيبة في أبوظبي وروما، بمباركة إيطالية وأمريكية، لتأسيس شركة مشتركة لتصدير النفط (أركنو) منذ عام 2023، وذلك لتجنب مواجهة مباشرة على الموارد الاقتصادية، رغم استمرار التوتر السياسي.

الأمم المتحدة تحذر من تمديد فترة انتقالية أخرى قد تستمر لعامين إضافيين

وحذرت الأمم المتحدة من تمديد فترة انتقالية أخرى قد تستمر لعامين إضافيين إذا لم تتخذ القوى الإقليمية الفاعلة خطوات حاسمة لإعادة الاستقرار إلى ليبيا، معتبرة أن الصراع بين حفتر والدبيبة يشكل عقبة رئيسية أمام أي حلول سياسية شاملة.

ويعيش المواطنون الليبيون حالة من القلق المستمر، إذ تتزايد حالات العنف والفوضى، وتستمر تداعيات انعدام الخدمات الأساسية وانخفاض القدرة الشرائية، فيما يبقى الشعب الليبي في انتظار معجزة سياسية تقود إلى وحدة الدولة وإعادة بناء مؤسساتها على أسس قانونية ودستورية.