مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

"ترامب ومادورو".. تصاعد المواجهة من التصريحات إلى التأهب العسكري

نشر
الأمصار

في الأيام الأخيرة، شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وفنزويلا تصاعدًا حادًا، يتجسّد في عمليات عسكرية وتهديدات متبادلة تحمل في طيّاتها إمكانيات متباينة.

تأهب وتهديد.. تصاعد التوترات بين ترامب ومادورو بسبب العصابات | القاهرة  الاخبارية

 لقد أطلقت تصريحات كلاً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو شرارات التوتر، وسط تحركات عسكرية غير مسبوقة في جنوب البحر الكاريبي.

من جانبها، حذّرت فنزويلا من تهديد وشيك، إذ صرّح مادورو بأن بلاده تقف في "أقصى درجات التأهب"، وهدّد بأن تتحول البلاد إلى "جمهورية مسلحة" إذا ما اندلعت المواجهات العسكرية .

 وأضاف أنه تم تحشيد أكثر من 4.5 مليون "مقاتل" من مليشيات مدنية ضمن خطة وطنية للدفاع في حال وقوع نزاع.

وفي مقابلة إعلامية ثمّة، أكد أن بلاده "سلامية بطبيعتها"، لكنها لن تتنازل أمام "أقوى تهديد تشهده أمريكا اللاتينية خلال القرن" . 
وشدّد على موقفه قائلاً: "فنزويلا دائمًا على استعداد للحوار، لكننا نطالب بالاحترام".

مادورو يعلن أقصى درجات التأهب لمواجهة التعزيزات العسكرية الأمر..

الرد الأمريكي والتحشيد العسكري

من جهته، صعّد ترامب لهجته معتبرًا أن بلاده نفّذت "ضربة حركية" (kinetic strike) ضد قارب يشتبه في استخدامه لنقل المخدرات عبر جماعة "ترين دي أراجوا"، وقال إن العملية أسفرت عن مقتل 11 شخصًا. 

نشر لقطات جوية مصورة للعملية عبر منصته "تروث سوشيال" وأعلن أن العملية كانت في المياه الدولية ولم يُصب أي جندي أمريكي 

كما شنّ هجمات كلامية حادة، متهماً مادورو بقيادة الجماعة التي وصفها بـ"الإرهابية"، واصفاً نفسه بأنه "تحذير لكل من يفكّر في نقل المخدرات إلى الولايات المتحدة" 

 تصعيد غير محدود: السفن والطائرات

على الأرض، رصدت مصادر متعددة انتشاراً لافتاً للقدرات العسكرية الأمريكية في جنوب الكاريبي.

 إذ أرسلت الإدارة الأمريكية أسطولاً بحريًا ضم ثماني سفن حربية مدعَّمة بصواريخ، بالإضافة إلى غواصة هجومية تعمل بالطاقة النووية، وأُرسل أكثر من 4,000 جندي (بضمنهم 2,200 بحار مشاة) عبر مجموعة برمائية .

كما تم نشر نحو 10 مقاتلات متقدمة من طراز F‑35 في بورتو ريكو كجزء من جهود استهداف عصابات تهريب مخدرات تعتبرها الإدارة "إرهابية" 

تحذير من قصف طائرات فنزويلية

وأضاف ترامب طابعًا تصعيديًا آخر، عندما توعد بإسقاط أي طائرات فنزويلية تُشكّل تهديدًا للسفن الأمريكية، ردًا على طيران F‑16 فنزويلي بالقرب من حاملة الطائرات

 الرد الفنزويلي: استعداد ورفض

في مواجهة هذا التصعيد، دعا مادورو إلى الرد الضامِن. خلال احتفال عسكري، ارتدى زيه العسكري وأمر بتعبئة الميليشيات المدنية، مُكرّسًا موقف دولته: "ن Mobilizing militia; armed  كما وصف نشر السفن الأمريكية بأنه "تهديد تاريخي وأخلاقيًا غير مبرر"

 السيادة والدبلوماسية المشتعلة

كان مادورو حازمًا في موقفه الدبلوماسي، حين دعا ترامب إلى اختيار الحوار بدل الصراع، مؤكّدًا أن الاختلافات لا توجب مواجهة عسكرية في أمريكا اللاتينية وأعاد التأكيد على أن بلاده "هادئة بطبيعتها، لكنها لن تستسلم" .

نفي الاتهامات والجدل

في رد واضح على الفيديو الذي نشره ترامب، شكّك وزير الاتصالات الفنزويلي فريدي نانيز في مصداقيته، موضحًا أن الفيديو يبدو ذا طابع "رسومي تقنيًا" وليس واقعيًا، وربما اعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي .

كما لطالما كرر مادورو ونائبه ديأوسادور كابييو الاتهامات الأمريكية بوجود علاقة للجمهورية الفنزويلية بتجارة المخدرات. 
لكنهم وصفوا هذه الادعاءات بأنها "محاولة لتبرير تدخل أو تشويه العملية الانتخابية"

الدوافع الاستراتيجية من وجهة نظر واشنطن

منذ بداية ولايته الثانية، أدرج ترامب عصابات مثل "ترين دي أراجوا" و"كارتيل الشمس" ضمن قوائم "الإرهاب الأجنبي"، مما مكنه من استخدام الصلاحيات العسكرية في مواجهة شبكة المخدرات .

كما شنّت وزارتا الخزانة والعدل، إضافة إلى وكالة المخابرات المركزية، حملات واسعة ضد كبار المسؤولين الفنزويليين، بما في ذلك نائب الرئيس تارك الأيسامي، وفرضت عقوبات على ممتلكاتهم 

رسائل الردع والكلمات المفتاحية

بحسب ترامب ومؤيديه، كانت الضربة البحرية الأخيرة "أفضل استخدام للقوة الأمريكية"، والتعبئة العسكرية هدفها رصد ومنع تهريب المخدرات عبر الكاريبي. كما اعتبرها خطوة لتوجيه رسالة قوية إلى جميع الشبكات الإجرامية في المنطقة .

داخل البيت الأمريكي

لكن هذه السياسات لم تخلُ من شكوك قانونية وأخلاقية داخل الولايات المتحدة أيضًا. بعض الديمقراطيين والمنظمات الحقوقية تساءلوا عن مدى توافق العملية العسكرية مع القوانين الدولية وعن تجاوزها للكونغرس.

 هل الغزو وشيك؟

خلافًا للصورة الإعلامية المثيرة، يشير تحليل المراقبين إلى أن ما نشهده هو "استعراض للقوة" وليس خطوة نحو غزو حقيقي.

 فقد أكد السفير جيمس ستوري (الأسبق لدى فنزويلا) أن لا مؤشرات فعلية لغزو، بل تهديدات ردع.

وأكّد الباحث البريطاني ويليام فرير أن الإدارة الأمريكية لم تظهر أي نية واضحة لضرب فنزويلا فعليًا، بالرغم من تصاعد التوتر لـ"الحد الأقصى".

 التوترات الإقليمية

سياسيًا وإعلاميًا، تُعد مواجهة ترامب–مادورو وحدة جديدة في مسلسل طويل من التوتر في أمريكا اللاتينية

. ندّدت قوى من اليسار واليمين في المنطقة بتصريحات ترامب، واعتبرتها خرقًا للمبادئ السيادية . 

حتى الرئيسة المكسيكية شيينباوم نفت وجود أدلة على علاقة مادورو بالتهريب إلى سلاله المكسيكية.

 معادلة هشّة في كاريبي مضطرب

المشهد الحالي بين واشنطن وكاراكاس يعبّر عن أكثر من مجرد صدام لفظي؛ فهو انعكاسٌ لما يبدو نزاعًا معقدًا على النفوذ، يكاد يغدو صراعًا رمزيًا بين منطقتين ضجّت بتحركات مراقِبة وقدرات مسلّحة.

 وفي ظل هذا المناخ المشحون، يبقى الهدوء المؤقت هو احتمال الأقوى، لكن هشاشته تبرز مع كل تصريح أو تحرّك عسكري.