مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

جدل في تونس حول مشروع قانون أمريكي عن "استعادة الديمقراطية"

نشر
الأمصار

أثار مشروع قانون جديد أعدّه الكونغرس الأميركي تحت اسم "قانون استعادة الديمقراطية في تونس" عاصفة من الجدل داخل الساحة السياسية التونسية، حيث قوبل برفض واسع واعتُبر تدخلاً مباشراً في الشأن الداخلي لدولة ذات سيادة.

النائب التونسي ياسين مامي وصف المشروع بأنه "تدخل غير مقبول يمس استقلال القرار الوطني"، محذراً من أن ربط المساعدات الاقتصادية بشروط سياسية يفتح الباب أمام إملاءات خارجية تهدد الاستقرار. أما النائب طارق مهدي فأكد أن "الديمقراطية ليست وصفة جاهزة تُفرض من الخارج، بل مسار وطني يتطور بإرادة الشعب"، مشدداً على رفض محاولات الوصاية الدولية على التجربة التونسية.

الأحزاب السياسية التونسية بدورها عبّرت عن قلقها. فقد دعت حركة الشعب إلى التعامل بجدية مع "التهديدات الأميركية" ورأت أن المرحلة تتطلب "تحكيم العقل لتفادي مزيد من الانسداد السياسي". بينما ذهبت حركة مواطنون أنصار الوطن إلى أبعد من ذلك، معتبرةً أن المشروع يمثل "حلقة جديدة من محاولات فرض الوصاية تحت شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان"، محذّرة من أنه قد يُستخدم لتقويض مؤسسات الدولة وإضعاف السيادة الوطنية.

بحسب نص المشروع، الذي قدّمه النائبان الأميركيان جو ويلسون (جمهوري) وجيسون كرو (ديمقراطي)، فإنه يتضمن عقوبات على مسؤولين تونسيين يُشتبه في تورطهم في قضايا فساد أو انتهاكات لحقوق الإنسان، مع تعليق مساعدات عسكرية وأمنية تعتبرها واشنطن مرتبطة بـ"القمع الداخلي". كما يلزم الإدارة الأميركية بتقديم خطة واضحة للكونغرس خلال 180 يوماً، تشمل إعادة تفعيل البرلمان ودعم استقلال القضاء والعودة إلى دستور 2014.

هذا المشروع يأتي بعد زيارة وفد من الكونغرس الأميركي برئاسة مايك لولر، رئيس اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى تونس، حيث التقى وزير الخارجية ووزير الدفاع التونسي. 

وأكد الوفد الأميركي حينها أهمية تعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي، مشدداً على متانة الشراكة بين البلدين.

التأثير على العلاقات الثنائية

يرى مراقبون أن تبنّي هذا المشروع قد يدخل العلاقات التونسية – الأميركية في مرحلة توتر جديدة، خاصة وأن تونس تنظر إليه كتدخل في سيادتها الداخلية، بينما تراه واشنطن وسيلة لـ"حماية المسار الديمقراطي". 

وفي حال تطبيق العقوبات، قد تتأثر المساعدات الأميركية لتونس، سواء في المجال الأمني أو التنموي، وهو ما قد يزيد الضغوط الاقتصادية في ظل التحديات الحالية.

موقف الشارع التونسي

على المستوى الشعبي، عبّر عدد من النشطاء عن خشيتهم من أن يؤدي المشروع الأميركي إلى مزيد من الضغوط الاقتصادية والسياسية على تونس، بينما رأى آخرون أن القانون يعكس ازدواجية المواقف الأميركية التي غالباً ما تربط المساعدات بالاعتبارات السياسية.

وبين رفض سياسي داخلي ومتابعة حذرة من الشارع، يبدو أن مشروع القانون الأميركي سيفتح فصلاً جديداً من الجدل حول حدود السيادة الوطنية، ودور الشركاء الدوليين في صياغة مستقبل التجربة التونسية.