مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

مطالب تعويم الدينار الليبي تثير مخاوف ارتفاع الأسعار

نشر
الأمصار

أثارت الدعوات المطالبة بتحرير سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية، أو ما يُعرف بالتعويم، جدلاً واسعاً بين الاقتصاديين والمواطنين في ليبيا، وسط مخاوف من موجة غلاء محتملة قد تثقل كاهل الأسر، في وقت يعاني فيه الاقتصاد الليبي من تفشي ظاهرة الفساد واستمرار الاعتماد شبه الكامل على النفط كمصدر دخل رئيسي.

وكانت الفجوة بين السعر الرسمي للدولار، البالغ 5.41 دينار، والسعر الموازي في السوق السوداء، الذي وصل إلى 7.84 دينار، أحد الأسباب التي دفعت بعض الاقتصاديين ورجال الأعمال للمطالبة بتعويم الدينار. من بين هؤلاء رجل الأعمال الليبي حسني بي، الذي رأى أن دعم الدولار هو استنزاف لموارد الدولة، في حين اقترح الخبير المالي عمران الشائبي البدء في تعويم تحت رقابة المصرف المركزي من خلال مزادات شفافة، مع توفير حماية اجتماعية مؤقتة للمواطنين.

في المقابل، اعتبر عضو مجلس إدارة المصرف المركزي السابق، مراجع غيث، مجرد الحديث عن التعويم «انتحاراً اقتصادياً»، مؤكداً أنه سيؤثر مباشرة على القدرة الشرائية للمواطنين ويزيد أسعار السلع والخدمات في بلد يعتمد على الدولار في نحو 85% من وارداته الأساسية. وتوافقه الرأي المصرفي إبراهيم والي، الذي حذر من أن أي خطوة نحو التعويم قد تؤدي إلى آثار تضخمية أعمق، وزيادة تكلفة الاستيراد، وارتفاع الأسعار في السوق المحلي.

ويشير أستاذ الاقتصاد الليبي يوسف يخلف مسعود إلى أن التعويم قد يفاقم فجوة الطبقات الاجتماعية، ويؤدي إلى موجة احتجاجات، مع انخفاض القيمة الحقيقية للرواتب ودخول بعض الشركات المحلية في أزمة إفلاس نتيجة ارتفاع كلفة الواردات. كما اعتبر غيث أن تحرير سعر الصرف في ظل الانقسام السياسي القائم قد يتحول إلى بوابة لتوسيع الاقتصاد الأسود، بما في ذلك تجارة المخدرات والاتجار بالبشر وتجارة الأعضاء، في حين رأى مسعود أن الهدف الخفي وراء التعويم قد يكون المضاربة على فارق الأسعار لتحقيق أرباح ضخمة.

ورغم كل التحذيرات، ما زال حسني بي يتمسك برأيه، مشيراً إلى أن ليبيا ليست بحاجة لدعم العملة المحلية نظراً لعوائد النفط اليومية التي تصل إلى 100 مليون دولار. من جهته، المستشار السابق بالمصرف المركزي محمد أبوسنينة، شدد على أن أي خطوة مستقبلية نحو التعويم تتطلب حكومة موحدة، وميزانية متوازنة، وسياسة تجارية متوافقة مع استقرار سعر الصرف. أما الخبير الاقتصادي عطية الفيتوري، فرأى أن نظام تثبيت سعر الصرف يظل الأنسب في الوقت الحالي، حتى يتم تنويع الاقتصاد وزيادة الصادرات.

وتظل ليبيا بحسب مؤشر الشفافية الدولية لعام 2024 في المرتبة 173 من أصل 180 دولة، ما يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه الاقتصاد الوطني، ويضاعف المخاوف من أي تحرك نحو تعويم الدينار في الوقت الحالي.