مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

المقترح المصري القطري لهدنة غزة.. تفاصيل البنود الكاملة وفرص الوصول لاتفاق شامل

نشر
الأمصار

تشهد الساحة الفلسطينية والإقليمية تطوراً مهماً بعد الإعلان عن المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار في غزة، والذي يحظى باهتمام واسع على المستويين العربي والدولي، باعتباره خطوة قد تمهد الطريق للوصول إلى اتفاق شامل ينهي الحرب الدائرة منذ أشهر. 

وقد أكدت مصادر متطابقة أن حركة حماس أبدت موافقتها المبدئية على هذا المقترح، في وقت تسعى فيه القاهرة والدوحة إلى بلورة اتفاق يمكن أن يحظى بقبول كافة الأطراف، ويعيد الأمل إلى سكان القطاع الذين يعيشون ظروفاً إنسانية هي الأصعب منذ سنوات طويلة.

بنود المقترح المصري القطري لوقف الحرب في غزة

وفقاً لما نقلته الهيئة العامة للاستعلامات، يتضمن المقترح عدة بنود رئيسية، أبرزها:

  1. وقف مؤقت للعمليات العسكرية لمدة 60 يوماً، على أن تعيد القوات الإسرائيلية تموضعها وفق خطوط معينة يحددها المقترح، بما يتيح إدخال المساعدات الإنسانية بشكل موسع إلى قطاع غزة.
  2. تبادل الأسرى بحيث يتم الإفراج عن عدد من السجناء الفلسطينيين مقابل نصف عدد الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس داخل القطاع.
  3. تكثيف إدخال المساعدات الإنسانية لسكان غزة، مع ضمان تلبية الاحتياجات الأساسية من غذاء ودواء ووقود، بما يخفف من الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
  4. فتح مسار سياسي جديد يمهد الطريق نحو اتفاق شامل ينهي الحرب، ويحافظ على حياة المدنيين، ويمنع المزيد من التصعيد العسكري.

هذه البنود تمثل جوهر المبادرة التي تسعى إلى تحقيق توازن بين المتطلبات الأمنية الإسرائيلية من جهة، والاحتياجات الإنسانية والسياسية الفلسطينية من جهة أخرى، في ظل ضغوط إقليمية ودولية متزايدة لإيقاف نزيف الدم.

أهمية الوساطة المصرية القطرية

تعتبر القاهرة والدوحة من أبرز الوسطاء في ملف غزة منذ سنوات، حيث لعبتا أدواراً محورية في أكثر من هدنة سابقة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل. وتأتي هذه المبادرة الأخيرة في لحظة بالغة التعقيد، مع تصاعد التحذيرات الدولية من كارثة إنسانية غير مسبوقة في غزة، بسبب الحصار المستمر وغياب الحلول السياسية.

الدور المصري يتمثل في استغلال موقعها الجغرافي وصلاتها التاريخية بالقضية الفلسطينية، بينما تضيف قطر ثقلها السياسي والإعلامي والمالي لدفع الأطراف نحو صيغة مقبولة. 

ويُنظر إلى هذا التعاون بين القاهرة والدوحة على أنه مؤشر على رغبة عربية مشتركة في منع انزلاق الأوضاع نحو فوضى أكبر.

الموقف الفلسطيني والإسرائيلي

مصادر فلسطينية أكدت أن حركة حماس وافقت على البنود المطروحة في المقترح المصري القطري، معتبرة إياه أفضل الخيارات المطروحة حالياً لتخفيف معاناة سكان القطاع وحماية حياة الرهائن المحتجزين. وترى الحركة أن الهدنة قد تكون مدخلاً لمفاوضات أوسع تفضي إلى وقف شامل للحرب.

في المقابل، يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطاً داخلية وخارجية، خاصة مع وجود تيارات متشددة في حكومته تعارض أي تهدئة مع حماس. وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير كان قد حذر نتنياهو من تقديم "تنازلات"، ملوحاً بإمكانية انسحاب حزبه من الائتلاف الحكومي في حال تم تمرير صفقة تبادل أسرى وفق المقترح الجديد.

البعد الإنساني للأزمة

الوضع الإنساني في غزة يمثل العامل الأكثر إلحاحاً الذي دفع الوسطاء لتكثيف جهودهم. 

سكان القطاع يعانون من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه النظيفة، فضلاً عن الدمار الواسع في البنية التحتية نتيجة القصف المستمر. منظمات الأمم المتحدة وصفت الوضع بأنه "قنبلة موقوتة"، محذرة من أن استمرار الحرب سيؤدي إلى انهيار كامل للمنظومة الصحية والاقتصادية والاجتماعية في غزة.

وبحسب مصادر إغاثية، فإن إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وكثيف يمثل أولوية قصوى، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في ظروف تشبه "الحصار الكامل". ويأمل الوسطاء أن تساهم الهدنة في خلق ممرات آمنة لدخول هذه المساعدات، بما يحفظ حياة آلاف الأطفال والنساء وكبار السن.

التحديات أمام نجاح المقترح

رغم الأهمية الكبيرة للمبادرة المصرية القطرية، إلا أن الطريق أمامها ليس سهلاً. هناك عدة تحديات رئيسية، أبرزها:

  • الانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية التي قد تعرقل أي اتفاق مع حماس.
  • الضغوط الأمريكية والأوروبية التي تتأرجح بين دعم وقف الحرب من أجل الأوضاع الإنسانية، وبين الانحياز للموقف الإسرائيلي الأمني.
  • المخاوف الفلسطينية من أن تكون الهدنة مجرد "استراحة مؤقتة" قبل عودة التصعيد العسكري.
  • التطورات الميدانية السريعة التي قد تفجر الأوضاع في أي لحظة إذا استمرت العمليات العسكرية بشكل محدود أو موسع.

هل تمثل المبادرة بداية الحل الشامل؟

العديد من المراقبين يرون أن المقترح المصري القطري قد يكون الخطوة الأولى على طريق طويل نحو حل شامل للأزمة الفلسطينية الإسرائيلية.

 فالمبادرة لا تقتصر على وقف إطلاق النار فحسب، بل تفتح الباب أمام مفاوضات سياسية أوسع يمكن أن تشمل قضايا جوهرية مثل إعادة إعمار غزة، وضمانات دولية لوقف التصعيد، وربما بحث مستقبل القطاع في ظل الترتيبات الإقليمية الجديدة.

وفي حال نجاح المبادرة، فإنها ستعزز الدور العربي في صياغة الحلول للقضية الفلسطينية، وتؤكد أن القاهرة والدوحة قادرتان على جمع الأطراف المتصارعة حول طاولة الحوار، رغم الخلافات الكبيرة التي تعيق الوصول إلى اتفاق نهائي منذ سنوات طويلة.

ردود الفعل الدولية

على الصعيد الدولي، رحبت عدة عواصم بجهود الوساطة المصرية القطرية، حيث شددت الأمم المتحدة على ضرورة استغلال أي فرصة لوقف الحرب.

 الاتحاد الأوروبي أعرب عن دعمه الكامل لأي مبادرة من شأنها تخفيف الأزمة الإنسانية، فيما دعت واشنطن الطرفين إلى "الانخراط بجدية" في المفاوضات.

وفي المقابل، حذرت منظمات حقوقية من أن أي هدنة مؤقتة لن تكون كافية إذا لم تتبعها خطوات عملية تضمن رفع الحصار عن غزة وتحسين أوضاع السكان بشكل دائم.

 

المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار في غزة يمثل بارقة أمل لسكان القطاع الذين أنهكتهم الحرب المستمرة. وبينما وافقت حماس مبدئياً على البنود المطروحة، يبقى التحدي الأكبر في الموقف الإسرائيلي المنقسم وضغوط القوى الإقليمية والدولية.

 ومع ذلك، يرى كثيرون أن هذه الخطوة قد تشكل بداية الطريق نحو اتفاق شامل ينهي الحرب، ويحفظ حياة المدنيين، ويعيد الاستقرار إلى واحدة من أكثر مناطق العالم توتراً.