مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين.. ترتيبات اللحظة الأخيرة وسط غموض حول الأجندة

نشر
الأمصار

قبل أربعة أيام فقط من القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، تكثّف الإدارة الأمريكية جهودها لاستكمال الترتيبات اللوجستية والسياسية، بينما ما تزال عدة ملفات عالقة، أبرزها مكان انعقاد اللقاء وأجندة المباحثات.

وبحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية، لم يتم حتى مساء الإثنين حسم الموقع النهائي داخل ولاية ألاسكا، رغم اختيارها لموقعها الاستراتيجي بين واشنطن وموسكو. 

وتشهد الولاية توافد كبار المسؤولين الأمريكيين لتحديد مكان القمة، بالتزامن مع مشاورات مكثفة لصياغة جدول أعمال اللقاء، الذي يأمل ترامب أن يمهّد لاختراق دبلوماسي يُسهم في إنهاء الحرب بأوكرانيا.

القمة، التي تأتي بعد سبعة أشهر من بداية ولاية ترامب الثانية، تمثل اختباراً محورياً لنهجه في "الدبلوماسية المباشرة" وسعيه لاستثمار علاقته مع بوتين لتحقيق السلام. الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، وصف يوم الجمعة المقبل بأنه "لحظة اختبار" لمدى جدية موسكو في إنهاء الحرب.

ورغم أن التحضير لمثل هذه القمم يستغرق عادة أسابيع أو أشهر، يضغط ترامب على فريقه لإنجاز الترتيبات بسرعة، معتبراً أن أي فرصة لإنهاء القتال تستحق التجربة، حتى وإن لم تحقق نتائج كاملة.

جدل حول مشاركة زيلينسكي

ومن أبرز التساؤلات التي تسبق القمة، إمكانية دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للحضور. 

ورغم أن البيت الأبيض لم يغلق الباب أمام هذه الخطوة، تشير المؤشرات إلى أن التركيز سيكون على اللقاء الثنائي بين ترامب وبوتين. زيلينسكي من جانبه حذر من أن أي تنازلات لموسكو لن توقف الحرب، مطالباً بضغط دولي أقوى على روسيا، وأكد استعداده للسفر إلى ألاسكا في حال توجيه الدعوة له.

مقترحات بوتين ومواقف أوروبا

صادرات روسيا إلى أميركا ترتفع إلى 298.1 مليون دولار في أغسطس

ما عرضه بوتين على مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، ما يزال غير واضح، لكن تقارير تفيد بأن خطته تتضمن منح موسكو السيطرة الكاملة على إقليم دونباس شرق أوكرانيا، بينما يظل مصير مناطق مثل خيرسون وزابوريجيا، إلى جانب الضمانات الأمنية الأمريكية، غامضاً.

القادة الأوروبيون شددوا على ضرورة وقف إطلاق النار قبل أي مفاوضات، ورفضوا أي تسوية تُبرم دون مشاركة أوكرانيا، أو على حسابها، مؤكدين أن أي تنازلات من كييف يجب أن تقابل بانسحاب روسي من مناطق أخرى.

إصرار ترامب ودعم الحلفاء

ورغم التحذيرات، يبدو ترامب ماضياً في عقد القمة، مدعوماً بثقة بعض حلفائه، مثل السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي يرى أن ترامب سيدخل المفاوضات من موقع قوة. 

أما المستشار الألماني فريدريش ميرتس فأكد أن أوروبا وأوكرانيا يجب أن تكونا شريكتين في أي اتفاق، قائلاً: "لا يمكن أن تُحسم قضايا الأراضي الأوكرانية بين موسكو وواشنطن فوق رؤوس الأوروبيين والأوكرانيين".

سيناريوهات التصعيد الأمريكي الروسي عقب مهلة ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا

أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في الأسبوع الأخير من يوليو 2025، تحذيرًا شديد اللهجة إلى موسكو، مطالبًا بوقف العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا خلال مهلة قصيرة تتراوح بين 10 و12 يومًا، تبدأ في 28 يوليو، وإلا ستواجه روسيا عقوبات أمريكية جديدة، تشمل رسومًا جمركية تصل إلى 100% على الدول التي تستورد النفط الروسي.

هذا التحرك الأمريكي المفاجئ جاء بعد تقليص ترامب مهلة سابقة كانت 50 يومًا، بدعوى غياب أي تقدم ملموس من الجانب الروسي. 
وفي ظل هذا التصعيد، تثار تساؤلات حول أبعاد الرد الأمريكي، ورد موسكو المحتمل، وأوراق الضغط المتاحة للطرفين، والسيناريوهات المتوقعة بعد انتهاء المهلة.

أولاً: نهج أمريكي مغاير

تتبنى إدارة ترامب في هذه المرحلة نهجًا حادًا ومباشرًا مع موسكو، يتسم بعدة ملامح:

التركيز على الضغط الاقتصادي: ترامب لا يلوّح بالتدخل العسكري، بل يعتمد على التهديد الاقتصادي المباشر عبر عقوبات ورسوم جمركية صارمة، تعكس رؤيته بأن الضغوط الاقتصادية قد تحقق أهداف الردع بشكل أسرع وأقل كلفة من الانخراط العسكري.

تفرد واشنطن بالقرار: يبتعد ترامب عن التنسيق الكامل مع الحلفاء التقليديين مثل الناتو أو الاتحاد الأوروبي، ويعتمد سياسة أمريكية خالصة في التعامل مع الأزمة.

ثانيًا: أبعاد التصعيد الأمريكي

يشكّل التصعيد الحالي نقلة نوعية في استراتيجية الردع الأمريكية تجاه روسيا، تتضح ملامحه في بعدين رئيسيين:

 

البعد الاقتصادي: يتجسد في التهديد بفرض رسوم جمركية عقابية على الدول المستوردة للطاقة الروسية، ما يُدخل الاقتصاد العالمي في مأزق، خاصة إذا فُرضت عقوبات ثانوية على دول كبرى مثل الصين والهند.

البعد الدبلوماسي: ورغم التصعيد، تسعى واشنطن لترك نافذة تفاوض مفتوحة، عبر إرسال مبعوث رئاسي لعقد لقاء مباشر مع بوتين، في محاولة لبلورة تسوية سياسية، ولو مشروطة.

حرب كلامية" بين أمريكا وروسيا بسبب "سلاح نووي مضاد للأقمار الصناعية" - CNN  Arabic

ثالثًا: الموقف الروسي

 

تؤكد روسيا، وعلى رأسها بوتين، تمسكها باستكمال أهدافها العسكرية، خصوصًا السيطرة الكاملة على أقاليم دونيتسك، لوهانسك، زابوريجيا، وخيرسون، وترفض التفاوض تحت الضغط. التصريحات الروسية، لا سيما من دميتري ميدفيديف، تشير إلى أن موسكو تعتبر التهديدات الأمريكية مجرد "لعب بالنار"، قد تؤدي لتصعيد مباشر مع واشنطن.

رابعًا: السيناريوهات المحتملة بعد انتهاء المهلة

مع اقتراب نهاية المهلة (بين 7 و11 أغسطس 2025)، تظهر أربعة سيناريوهات رئيسية لتطور المشهد:

1. تصعيد اقتصادي أمريكي (السيناريو المرجّح)

من المحتمل أن تبادر إدارة ترامب إلى فرض حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية، بما يشمل تنفيذ مشروع قانون "Sanctioning Russia Act"، وفرض رسوم على الدول المتعاملة مع روسيا في قطاع الطاقة.
لكن هذا المسار يحمل مخاطر تفجر توترات تجارية عالمية، وقد ترد موسكو بتوسيع هجماتها العسكرية أو حتى تصعيد نووي دعائي.

2. تصعيد روسي مقابل

قد تختار روسيا الرد على التصعيد الأمريكي بهجمات عسكرية أشد في أوكرانيا أو عبر تحريك خطاب التهديد النووي، كما فعلت مؤخرًا حين أعلنت سحب التزاماتها بمنع نشر صواريخ نووية متوسطة المدى.

نيو ستارت" ليست الأولى.. "صفقة ألاسكا".. أول معاهدة جمعت أمريكا وروسيا قبل  199 عاما.. الإمبراطورية الروسية تنازلت بموجبها عن الملكية مقابل 7.2 مليون  دولار.. وحظر دخول تجار الفرو ودعم السكان الأصليين ضمن

3. قبول تفاوضي مشروط من روسيا

في حال شعرت موسكو بتهديد اقتصادي حقيقي، قد تقدم تنازلات محدودة تسمح ببدء مفاوضات غير رسمية برعاية أمريكية، كوقف إطلاق نار مؤقت أو تبادل أسرى. وهذا السيناريو قد يُعد انتصارًا سياسيًا لإدارة ترامب دون التورط عسكريًا.

تراجع أمريكي تكتيكي

وهو خيار مستبعد جدًا نظرًا لتداعياته على مصداقية الردع الأمريكي. إذ إن تراجع واشنطن قد يشجع موسكو على توسيع نفوذها في أوكرانيا ويقوض مكانة أمريكا كقوة عالمية قائدة.

تُعد مهلة ترامب لموسكو اختبارًا حاسمًا للسياسة الأمريكية الجديدة تجاه الأزمة الأوكرانية، وقد تكون نقطة تحوّل من التهديد النظري إلى التصعيد العملي، سواء عبر العقوبات الاقتصادية أو عبر خلق واقع جديد على الأرض. 
وفي حال لم تستجب روسيا، فإن الفترة المقبلة قد تشهد فرض عقوبات غير مسبوقة، بما ينذر بتوسيع رقعة التصعيد نحو أفق دولي أكثر اضطرابًا.