"سباق مع الزمن".. جهود عربية ودولية مكثفة لإحياء هدنة غزة

في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية تجاه قطاع غزة، خاصة مع قصف مدينة غزة مرارًا وتكرارًا وإقرار الحكومة الإسرائيلية خطة "السيطرة العسكرية التامة"، تبرز جهود دبلوماسية جديدة تسعى لإعادة إحياء مسار المفاوضات المتعثر.
وسطاء من مصر وقطر، بدعم عربي واسع، يعدون حاليًا إطارًا جديدًا لوقف إطلاق النار، يهدف إلى إنهاء الحرب بشكل شامل مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن هذه الجهود تأتي في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على إسرائيل، ويزداد فيه الانقسام الداخلي حول مسار الحرب.
الإطار الجديد للمفاوضات: تبادل شامل مقابل نهاية الحرب

وفقًا لمسؤولين عربيين تحدثا لوكالة "أسوشيتد برس"، فإن الإطار الجديد الذي يُعدّه الوسطاء المصريون والقطريون يتضمن صفقة شاملة.
تتمثل هذه الصفقة في إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين في غزة - سواء كانوا أحياء أو أمواتًا - في دفعة واحدة، مقابل إنهاء الحرب بشكل كامل وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع هذه الجهود تحظى بدعم عربي وخليجي كبير، مما يمنحها قوة دفع دبلوماسية إضافية.
تجميد الأسلحة بدلاً من نزعها

أحد أبرز التحديات التي واجهت المفاوضات السابقة كان الخلاف حول مصير سلاح حماس. بينما تسعى إسرائيل إلى نزع السلاح بالكامل، ترفض حماس هذا الشرط.
الإطار الجديد يسعى لمعالجة هذه النقطة الخلافية عبر "تجميد الأسلحة"، والذي قد يسمح لحماس بالاحتفاظ بأسلحتها لكن مع الامتناع عن استخدامها.
خطة ما بعد الحرب
يضع الإطار الجديد تصورًا لما بعد الحرب، حيث يدعو حماس إلى التخلي عن السلطة في القطاع. ويقترح تشكيل "لجنة فلسطينية عربية" لإدارة غزة والإشراف على جهود إعادة الإعمار، إلى أن يتم تشكيل إدارة فلسطينية جديدة.
هذه الإدارة ستكون مدعومة بقوة شرطة جديدة، يتم تدريبها من قبل حليفين أمريكيين في الشرق الأوسط. ولم يتضح بعد الدور الذي ستلعبه السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب في هذا الترتيب.
وقد تم إطلاع الإدارة الأمريكية على الخطوط العريضة لهذا الإطار، مما يشير إلى وجود تنسيق دولي لدفع هذه المبادرة.
ورغم ذلك، أفاد مسؤول كبير في حماس بأن الحركة لم تتلق بعد تفاصيل بشأن هذه الجهود الأخيرة، ما يترك الباب مفتوحًا أمام التساؤلات حول مدى تقدم هذه المبادرة.
ضغوط داخلية وخارجية على إسرائيل

في زيارته الأخيرة، أشار المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف إلى أن إسرائيل تغير نهجها، وتتجه نحو اتفاق شامل ينهي الحرب ويؤمن إطلاق سراح الرهائن. هذا التغيير يأتي في ظل تزايد المعارضة الداخلية في إسرائيل.
على الرغم من توحد الإسرائيليين خلف الحرب في بدايتها، فإن معاناة الرهائن في الأسر أدت إلى تزايد الاحتجاجات المطالبة بوقف إطلاق النار، حيث ترى عائلات الرهائن أن الاتفاق الشامل هو السبيل الوحيد لإعادة أحبائهم.
وقالت إيناف زانغاوكر، والدة الرهينة ماتان زانغاوكر: "إسرائيل كلها تريد اتفاقًا شاملًا وإنهاءً للحرب". وتؤكد أن إنهاء "الظلم" الذي لحق بالرهائن هو جزء لا يتجزأ من ضمان أمن إسرائيل
تداعيات العمليات العسكرية على المدنيين
العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة كان لها تداعيات كارثية على المدنيين في غزة. مدينة غزة، التي تُعد الآن واحدة من المناطق القليلة التي لم تُفرض عليها أوامر إخلاء، تحولت إلى "أنقاض"، بحسب شهادات السكان العائدين.
الأمم المتحدة تحذر من أن أي عملية برية كبيرة في المدينة قد تؤدي إلى نزوح عشرات الآلاف وتفاقم أزمة الجوع.
وفي حادث مأساوي، قُتل ستة فلسطينيين بالرصاص وجُرح أكثر من 140 آخرين عند معبر زيكيم شمال غزة، حيث تدخل قوافل المساعدات الإنسانية.
هذه الحادثة، التي لم يعلق عليها الجيش الإسرائيلي بشكل فوري، تسلط الضوء على المخاطر التي يواجهها المدنيون في ظل استمرار الصراع.
خطط السيطرة الإسرائيلية وتصعيد دولي

أقر مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي خطة للسيطرة العسكرية التامة على قطاع غزة، وهي خطوة تثير القلق الدولي. وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد أشار إلى خطط أكثر شمولًا للسيطرة على القطاع بأكمله.
هذه الخطط تأتي بعد عقدين من الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من غزة، وقد تؤدي إلى تصعيد التوترات بشكل كبير.
في رد فعل دولي، صعدت قوى دولية مثل فرنسا وبريطانيا وكندا انتقاداتها للحرب. كما أعلنت ألمانيا أنها لن تأذن بتصدير المعدات العسكرية التي يمكن استخدامها في غزة.
وقد يهدف التصعيد الإسرائيلي جزئياً إلى الضغط على حماس لقبول وقف إطلاق النار وفقاً لشروط إسرائيل، لكنه قد يعرض أيضاً الرهائن الأحياء للخطر، ويزيد الضغط على الجيش الإسرائيلي.
وأشار بيان صادر عن مكتب نتنياهو إلى أن الجيش "سيستعد للسيطرة على مدينة غزة مع تقديم المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين خارج مناطق القتال".
وقدر خبراء عسكريون إسرائيليون أن هذه العملية قد تتطلب تعبئة نحو 30 ألف جندي، وإجلاء المدنيين، وقد تستغرق عدة أشهر هذا السيناريو يؤكد على حجم التحديات التي تواجه أي جهود سلام في الوقت الحالي.