مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

د. جبريل العبيدي يكتب: مزايدات «إخوان إسرائيل»

نشر
د. جبريل العبيدي
د. جبريل العبيدي

المضحك المبكي في المشهد السياسي اليوم هو متاجرة ومزايدة جماعة «الإخوان المسلمين» بالقضية الفلسطينية وأوجاعها ومجاعة سكان غزة، وقيامهم بحشد تظاهرة تقودها مجموعة من «إخوان إسرائيل» المنتمين لجماعة «الإخوان المسلمين» وهم من حاملي جوازات السفر والجنسية الإسرائيلية، أمام السفارة المصرية، وتحت حماية الشرطة الإسرائيلية، مطالبين بفك الحصار عن غزة، مما يؤكد حالة من فصام الشخصية (الشيزوفرينيا) التي يعيشها عناصر هذا التنظيم الضال؛ حيث تجاهل الفاعل الحقيقي الذي يحاصر غزة ويضربها بالقنابل، وتظاهر عناصره المفلسين عقلياً وسياسياً أمام سفارة جمهورية مصر العربية في تل أبيب، مما يؤكد حال الإفلاس والتذبذب السياسي عند «الإخوان» الذي مرده إلى الجهل بالواقع.

فقد قام التنظيم الدولي لـ«الإخوان المسلمين» بتعبئة أتباعه ومريديه، ووجههم نحو السفارات المصرية في الخارج، لاتهام مصر بأنها المسؤولة عن غلق المعابر، وذلك لرفع الضغط من فوق بنيامين نتنياهو، مما يؤكد حالة الخيانة التي يجتهد التنظيم ويبدع فيها بشتى الطرق والسبل متجاهلاً المجرم الحقيقي؛ بل ويسعى للدفاع عنه ورفع الحرج عنه، مما يظهر حالة من الفجور في الخصومة هي من أبرز ما يتقنه عناصر هذا التنظيم الإرهابي. ومن أبرز «إخوان إسرائيل» رئيس «القائمة العربية الموحدة» في إسرائيل، الإخواني منصور عباس الذي دعا لتشكيل ائتلاف حكومي يصعد باليميني المتطرف نفتالي بنيت إلى رئاسة «حكومة التغيير» في إسرائيل.

حالة عباس وحزبه الذي تأسس عام 1971 وترجع أصوله إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، تطرح كثيراً من الأسئلة عمَّن هي جماعة «الإخوان المسلمين»، فهي بهذا السلوك لا يمكن إلا أن تكون حركة سياسية براغماتية متلونة ولا مبدأ لها، فهي شريكة في حكومة إسرائيل، وتزعم أنها في حركتَي «حماس» و«الجهاد» وفي مناطق وجبهات متناقضة، مما يعكس حالة من فصام الشخصية لدى جماعة «الإخوان» المتلونة في مواقفها السياسية والدينية.

«إخوان إسرائيل» المزايدون على مصر العروبة التي خاضت حروباً كبرى من أجل فلسطين، خاضوا هم الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، وأصبح لديهم عضوان في «الكنيست» الإسرائيلي، هما منصور عباس ووليد طه، ولعل أبرز ما قيل عن الإخواني الإسرائيلي عباس هو أن «لا خطوط حمراء عنده في الساحة الإسرائيلية» وهذا فعلاً ما ثبت عنه في مغازلته جميع الأطراف، حتى التي كانت أكثر تشدداً ضد الفلسطينيين، ومنهم نتنياهو.

«إخوان إسرائيل» هؤلاء ليسوا بإخوان لنا ولا هم بالمسلمين - كما قال كبيرهم الذي علَّمهم السحر حسن البنا - استخدموا التقیة في التزلُّف والكذب والتزویر، مما يؤكد تلوث أفكار هذا التنظيم بأفكار ضالة، ومنها استخدام التقية سلاحاً أمام أي عاصفة تعصف بهم، فيهرعون إليها للخروج من أي مأزق، فالتقية في مفهوم «الإخوان» معناها: أن يظهر الشخص خلاف ما يبطن.

وتضليل «إخوان إسرائيل» عن المتسبب في تجويع الشعب الفلسطيني في غزة لا يختلف عن المدعية الشرف والعفة، فكل منهما يكذب كما يتنفس؛ بل ويجاهر بالكذب والتضليل وإلصاق التهمة بغير فاعلها، لمجرد المتاجرة السياسية التي يتفنن ويبدع فيها عناصر التنظيم الدولي لـ«الإخوان» في أي قضية يختصمون فيها مع الآخر، فيطلقون الذباب الإلكتروني لنشر الكذب والتضليل.فتنظيم «الإخوان» الدولي الذي يتظاهر عناصره في تل أبيب بحماية الشرطة الإسرائيلية أمام السفارة المصرية، هم أنفسهم الذين كانوا يحمون تنقلات الإسرائيلي برنارد ليفي عراب «الربيع العربي» في ليبيا، ويهتفون أمامه: «القذافي يهودي» في حالة هستيريا سياسية تجمع التناقضات؛ وقد علَّق عليها برنارد ليفي في مذكراته عن الحرب في ليبيا.

تناقضات جماعة «الإخوان المسلمين» ليست بالجديدة، ولا أظنها بالأخيرة، خصوصاً في ظل تعنت الجماعة على مسارها القديم، ورفض التجديد، والبقاء في دائرة العنف والفجور والخصومة مع المشهدين السياسي والديني، فلا هي جماعة دينية خالصة، ولا هي حزب سياسي يعمل لصالح الوطن الذي يعيشون فيه، فهم لا يؤمنون بجغرافيا الوطن؛ بل بجغرافيا المرشد وخلافته المزعومة. فهم جماعة أقل ما يقال عنها إنها مفلسة سياسياً ودينياً.

نقلًا عن صحيفة الشرق الأوسط