تبدد التفاؤل التجاري يعصف بـ"الأسواق العالمية".. ومخاوف جديدة تربك المستثمرين

بين تفاؤلٍ لم يكتمل واتفاقيات تجارية لم تُطفئ المخاوف، تباين أداء الأسواق العالمية، اليوم الثلاثاء، بعدما بدأ المستثمرون يدركون أن وعود الاتفاقات بين واشنطن وشركائها التجاريين لا تكفي وحدها لتهدئة الاضطرابات الاقتصادية.
ومع ترقب قرارات حاسمة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي، ووسط تقلبات في مؤشرات وول ستريت وآسيا، يبدو أن المشهد المالي العالمي يدخل مرحلة من الحذر والترقب، حيث تختلط إشارات الانتعاش بأخرى تنذر بتباطؤ قادم.
إذ دفعت المكاسب القوية في الأسهم الأوروبية مؤشرات المنطقة للارتفاع، في حين واصلت الأسهم اليابانية تراجعها للجلسة الثالثة على التوالي وسط مخاوف تتعلق بتداعيات الاتفاقات التجارية الجديدة ونتائج الشركات.
في حين اعتُبر اتفاق دونالد ترامب مع الاتحاد الأوروبي يوم الأحد أفضل من مواجهة جمركية، أشار المراقبون إلى أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي بنسبة 15% - دون فرض أي رسوم على السلع الأمريكية - لا تزال أعلى بكثير من ذي قبل.
لا يزال الاتفاق، الذي أعقب اتفاقا مشابها مع اليابان الأسبوع الماضي، يثير قلق الكثيرين بشأن العواقب الاقتصادية، لا سيما شركات السيارات.

قال ستيفن إينيس من شركة SPI لإدارة الأصول: "ربما ساعدت الضريبة الشاملة بنسبة 15% على واردات الاتحاد الأوروبي واليابان الأسواق على تجاوز مأزق، لكنها ليست حلا سهلا".
"مع بلوغ متوسط معدل الرسوم الجمركية الأمريكية الفعلي 18.2%... لا يزال الحاجز أمام التجارة العالمية كبيرا. لم يتفاقم الخطر الذي قد ينجم عن تقلبات حادة، لكن تأثيره المحتمل على الاقتصاد العالمي لم يختف أيضا".
وأضاف راي أتريل، من بنك أستراليا الوطني: "لم يمضِ وقت طويل حتى استنتجت الأسواق أن هذه الأخبار الجيدة نسبيا لا تزال، من حيث القيمة المطلقة، أخبارا سيئة فيما يتعلق بتداعياتها على المدى القريب (حتى عام 2025) على نمو منطقة اليورو".
ويراقب المتداولون أيضا المحادثات الأمريكية مع اقتصادات رئيسية أخرى، بما في ذلك الهند وكوريا الجنوبية.
بعد يومٍ فاتر في وول ستريت - والذي شهد مع ذلك تسجيل مؤشري ستاندرد آند بورز وناسداك أرقاما قياسية - تباينت أداء آسيا.
سجلت طوكيو وهونغ كونغ وسنغافورة ومانيلا وتايبيه خسائر، بينما ارتفعت أسهم شنغهاي وسيدني وسيول وويلينغتون ومومباي وبانكوك وجاكرتا.
الأسواق الأوروبية
شهدت أوروبا بداية جيدةً لليوم، حيث ارتفعت جميع أسواق لندن وباريس وفرانكفورت صباحا.
حيث صعد المؤشر ستوكس 600 بنسبة 0.3%، مدعومًا بمكاسب شركات كبرى أبرزها مجموعة إيسيلور لوكسوتيكا الفرنسية الإيطالية، التي ارتفع سهمها 5.4% بعد إعلانها عن نمو في الأرباح التشغيلية رغم الضغوط الجمركية.
كما قفز سهم فيليبس الهولندية بنسبة 9% بعد تخفيض الشركة تقديراتها السلبية لتأثير الرسوم بفضل الاتفاق التجاري الذي وُقع هذا الأسبوع بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وفي المقابل، تراجع سهم إنش كاب لتوزيع السيارات 6.3% بعد تسجيل أرباح دون التوقعات للنصف الأول.
حافظ اليورو على خسائره التي سجلها يوم الاثنين، متأثرًا بتداعيات المخاوف بشأن آثار اتفاقية التجارة على منطقة اليورو.
واختتم اليوم الأول من يومين من المفاوضات بين كبار المسؤولين الأمريكيين والصينيين في ستوكهولم يوم الإثنين دون الكشف عن أي تفاصيل، على الرغم من وجود آمال في اتفاقهما على تمديد هدنة مدتها 90 يوما تنتهي في 12 أغسطس.
وفرضت الدولتان رسوما جمركية من ثلاثة أرقام على بعضهما البعض في وقت سابق من هذا العام في تصعيد متبادل، لكنهما تراجعتا عنها بموجب الاتفاق المؤقت الذي تم التوصل إليه في مايو.
السوق الياباني
أما في آسيا، فقد خالف المؤشر نيكي الياباني الاتجاه الأوروبي وأغلق منخفضًا بنسبة 0.79% عند 40674.55 نقطة، وسط موجة جني أرباح وترقب لإعلانات أرباح الشركات.
كما انخفض المؤشر توبكس بنسبة 0.75%، متأثرًا بمخاوف من تداعيات رسوم جمركية جديدة بنسبة 15% على الصادرات إلى الولايات المتحدة، ضمن اتفاق تجاري تم توقيعه الأسبوع الماضي.
وقال هيرويوكي أوينو، المحلل الكبير لدى سوميتومو ميتسوي ترست لإدارة الأصول، إن السوق اليابانية تواجه ضغطًا إضافيًا نتيجة الغموض السياسي، خاصة بعد تراجع شعبية رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا في أعقاب خسارة الانتخابات البرلمانية، على الرغم من تأكيده البقاء في منصبه.
وقادت أسهم الرقائق الإلكترونية الانخفاض في طوكيو، حيث خسر سهم ليزرتك 8.3%، وتراجع طوكيو إلكترون 1.2%، وأدفانتست 1%. كما انخفض قطاع السيارات 1.83%، ليسجل أسوأ أداء بين القطاعات.
وفي المقابل، صعد سهم نومورا ريسيرش بنسبة 8.33% بعد إعلان الشركة عن زيادة بنسبة 17% في صافي أرباحها الفصلية، مما قد يشير إلى بعض التفاؤل في قطاع تكنولوجيا المعلومات.
تطلعات وول ستريت
يتطلع المستثمرون أيضًا إلى أيامٍ حافلة بالنشاط، تشمل أرباحا من شركات التكنولوجيا العملاقة أبل ومايكروسوفت وميتا وأمازون، بالإضافة إلى بيانات حول النمو الاقتصادي الأمريكي وفرص العمل.
يأتي كل ذلك مع اختتام مجلس الاحتياطي الفيدرالي اجتماعه للسياسة النقدية وسط ضغوطٍ متزايدة من ترامب لخفض أسعار الفائدة، حتى مع استمرار ارتفاع التضخم.
في حين يُتوقع أن يُبقي الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير، إلا أن بيانه الصادر بعد الاجتماع وتعليقات رئيسه جيروم باول ستدرس بعناية بحثا عن مؤشراتٍ حول خططه للنصف الثاني من العام في ضوء الرسوم الجمركية.
أسعار النفط
انخفضت أسعار النفط اليوم الثلاثاء في ظل ضبابية التوقعات الاقتصادية العالمية بعد اتفاق التجارة الذي توصلت إليه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي ينتظر فيه المستثمرون قرار مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بشأن أسعار الفائدة.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت ستة سنتات، بما يعادل 0.1%، إلى 69.98 دولار للبرميل بحلول الساعة 09:25 بتوقيت أبوظبي، ونزل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 11 سنتا، أي 0.2%، إلى 66.60 دولار للبرميل.
أغلق كلا العقدين على ارتفاع بأكثر من اثنين بالمئة في الجلسة السابقة، ولامس برنت أمس الإثنين أعلى مستوى له منذ 18 يوليو، بعد أن قلّص ترامب الموعد النهائي لروسيا لإنهاء حربها في أوكرانيا إلى 7 أو 9 أغسطس، وتعهد بعد ذلك بمعاقبة الدول التي تشتري نفطه الخام.
الذهب يستقر
شهدت أسعار الذهب تغيرا طفيفا اليوم الثلاثاء وحومت قرب أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع بعدما قوضت قوة الدولار وانحسار المخاوف من حرب تجارية عالمية جاذبية المعدن النفيس كملاذ آمن.
واستقر الذهب في المعاملات الفورية عند 3318.71 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 10:01 بتوقيت أبوظبي. وكان قد سجل أدنى مستوى له منذ التاسع من يوليو في الجلسة السابقة.
وزادت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 0.2% إلى 3317.50دولار.
وقال تيم ووترر كبير محللي السوق لدى كيه.سي.إم تريد "تداول الذهب عند حوالي 3300 دولار أو أقل يثير شهية المشترين. ورغم أن العوامل المحركة للسوق على المدى القريب، مثل اتفاقيات التجارة وارتفاع الدولار، لا تدعم الذهب، فإنه بالنظر إلى المستقبل، لا تزال هناك إمكانية للصعود".