حل الدولتين يعود بقوة وسط دعم دولي ومعارضة إسرائيلية أمريكية متصاعدة

في خضم تصاعد الغضب العالمي إزاء الحرب الدائرة في غزة وتفاقم الأوضاع الإنسانية، يعود حل الدولتين إلى صدارة المشهد الدولي كخيار وحيد لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الممتد منذ عقود، رغم المعارضة الشديدة من إسرائيل والولايات المتحدة.

وتعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الإثنين، اجتماعا رفيع المستوى يستمر يومين، بمشاركة وزراء خارجية وعدد من كبار المسؤولين الدوليين، للبحث في سبل إحياء مسار حل الدولتين.
ويترأس الاجتماع كل من وزير الخارجية الفرنسي ونظيره السعودي، وسط غياب لافت لكل من إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة، اللتين أعلنتا مقاطعتهما الرسمية للحدث.
رفض إسرائيلي وتحذير أمريكي
يأتي هذا الاجتماع في وقت ترفض فيه الحكومة الإسرائيلية اليمينية، برئاسة بنيامين نتنياهو، أي مبادرات لإحياء حل الدولتين، مستندة إلى مبررات دينية وأمنية.
وتعتبر القاعدة القومية والدينية لحكومة نتنياهو الضفة الغربية "الوطن التوراتي والتاريخي" لليهود، فيما تُعتبر القدس، بشطريها الشرقي والغربي، العاصمة "الأبدية" للدولة العبرية من وجهة نظر الغالبية العظمى من الإسرائيليين اليهود.

الولايات المتحدة، من جهتها، وصفت الاجتماع بأنه "يضر بالجهود" التي تقودها لوقف الحرب في غزة، معتبرة أن توقيته قد يعقد المساعي الدبلوماسية الجارية لاحتواء التصعيد العسكري والإنساني.
فرنسا والسعودية تقودان المبادرة
الاجتماع المرتقب ليس مفاجئاً. فقد عبّرت كل من فرنسا والمملكة العربية السعودية، في وقت سابق، عن رغبتهما في إعادة تسليط الضوء على حل الدولتين كمسار سياسي قابل للتطبيق، وكرؤية شاملة لإنهاء الصراع. وأكدتا في وثيقة وزعت على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في مايو/أيار الماضي، أن الهدف الأساسي من الاجتماع هو:

تحديد الخطوات العملية التي يمكن لجميع الأطراف المعنية اتخاذها لتنفيذ حل الدولتين.
حشد الموارد والالتزامات السياسية والمالية، من خلال تعهدات محددة زمنياً، لضمان التقدم نحو تحقيق هذا الهدف.
وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، في تصريحات لقناة CBS الأمريكية، الأحد، إن "استئناف المسار السياسي أصبح ضرورياً أكثر من أي وقت مضى"، مؤكداً أن حل الدولتين بات في خطر بالغ.

فرنسا تستعد للاعتراف بدولة فلسطين
في تطور لافت قبيل الاجتماع، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس الماضي، أن بلاده تعتزم الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين خلال الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، مما يجعل فرنسا أول قوة غربية كبرى تقدم على هذه الخطوة منذ سنوات.
ويُذكر أن نحو 145 دولة تعترف حالياً بدولة فلسطين، لكن انضمام فرنسا لهذا الركب من شأنه أن يشكل دفعة قوية للجهود الفلسطينية نحو الحصول على اعتراف دولي شامل.
ردّ نتنياهو على إعلان ماكرون جاء سريعاً، حيث وصفه بأنه "مكافأة للإرهاب"، محذراً من أن هذه الخطوة قد تخلق "وكيلاً جديداً لإيران في المنطقة، كما حدث في غزة"، حسب تعبيره.

الفلسطينيون: نريد مسارًا سياسيًا واعترافًا دوليًا
الفلسطينيون رحبوا بالمؤتمر، واعتبروه خطوة تحضيرية لقمة رئاسية مرتقبة في سبتمبر، من المقرر أن تُعقد إما في باريس أو على هامش اجتماعات الأمم المتحدة.
وقال أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن الفلسطينيين يهدفون إلى:
إطلاق عملية سياسية جادة تفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
حشد المزيد من الاعترافات الدولية بدولة فلسطين، خصوصًا من دول كبرى مثل بريطانيا.
تأمين دعم اقتصادي ومالي لتعزيز قدرات السلطة الفلسطينية.
الحصول على تعهدات دولية بإعادة إعمار غزة وإنعاشها اقتصادياً.
تحديات كبيرة أمام الاجتماع
رغم الطابع الرفيع للاجتماع، الذي وُجهت الدعوة فيه إلى جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة (193 دولة)، فإنه من غير المتوقع أن يُفضي إلى انفراجة كبيرة في ظل غياب أطراف النزاع الأساسيين. وتوقعت مصادر دبلوماسية فرنسية حضور حوالي 40 وزير خارجية.
وقد أُعدّت وثيقة ختامية للاجتماع قابلة للإقرار، وقد تصدر عنها إعلانات رمزية عن نوايا بعض الدول للاعتراف بالدولة الفلسطينية، لكن من غير المرجح أن يُستأنف المسار التفاوضي المجمد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في ظل الوضع الراهن.

الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، كان قد دعا عقب الإعلان عن الاجتماع إلى ضرورة "الحفاظ على حل الدولتين"، مشدداً على أن العالم لا يجب أن يكتفي بدعمه كمبدأ نظري، بل عليه "تهيئة الظروف الواقعية لتحقيقه"