الجزائر وإيطاليا يعززان شراكتهم الاقتصادية والدبلوماسية

يحل الرئيس عبد المجيد تبون، بالعاصمة الإيطالية روما، اليوم الأربعاء لحضور قمة حكومية بين الجزائر وإيطاليا، يلتقي خلالها برئيسة الحكومة الإيطالية، جورجيا ميلوني، في زيارة هي الثانية له إلى إيطاليا منذ عام 2022، ما يؤكد المستوى الذي وصلت إليه العلاقات الثنائية من تطور.
ويرافق الرئيس تبون وفد حكومي فضلا عن وفد يضم رجال مال وأعمال. وتشكل هذه الزيارة فرصة لتقييم ما تم تجسيده من مشاريع كان قد تم التفاهم بشأنها قبل ثلاث سنوات في إطار الشراكة القوية، والتي حرص الجانبان على تعزيزها، وشملت كما هو معلوم قطاعات حساسة وإستراتيجية، على غرار صناعة السيارات والطاقة والصناعات الدوائية والغذائية والنقل.
وجاء هذا التقارب في أعقاب الجفاء الذي طبع العلاقات الجزائرية الفرنسية، بعد تغيير الأخيرة لموقفها من القضية الصحراوية، وكذا الأزمة التي عصفت أيضا بالعلاقات بين الجزائر وإسبانيا بسبب الموقف ذاته الذي أزم العلاقات مع باريس. وواضح من خلال القطاعات الحساسة التي شكلت أرضية للتقارب بين الجزائر ورما، هي أنها جاءت في شكل بديل لفرنسا، من خلال مصنع “فيات” بالقرب من وهران، وكذا الطاقة، بالنسبة إلى إسبانيا التي خسرت كما هو معلوم، موقعها كمسوق حصري للغاز الجزائري إلى قلب أوروبا.
وفي خضم الأزمة التي عصفت بالعلاقات بين الجزائر وباريس، قررت السلطات الجزائرية إعادة بعث علاقاتها التاريخية مع روما، والتي تعود إلى فترة الثورة التحريرية، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي، ولكن أيضا على الصعيد الدبلوماسي، بحيث تحولت روما إلى منفذ للجزائر إلى قلب القارة العجوز وشرقها.

وتعتزم الجزائر باتفاق مع جمهورية سلوفينيا على بناء خط أنبوب يربطهما بإيطاليا لضمان تدفق الغاز الجزائري إلى هذين البلدين، قبل أن يصل على المجر، فيما يوجد تفكير في مده إلى ألمانيا مستقبلا، ويحدث كل هذا على حساب المصالح الفرنسية التي تضررت بشكل كبير في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، ولاسيما بعد الأزمة التي خلفها تغير الموقف الفرنسي من القضية الصحراوية.
وشهدت العلاقات الجزائرية الإيطالية منذ وصول الرئيس تبون إلى سدة قصر المرادية، تطورا لافتا وصلت درجة الامتياز على حد قول بعض المراقبين، فقد تبادل البلدان زيارة المسؤولين على أعلى مستوى، من رؤساء ورؤساء حكومات ووزراء، وكان هذه الزيارات حافلة بالتوقيع على شراكة استثنائية، طبعتها مشاريع وصفقات كبرى.
فقد وقّعت الجزائر وإيطاليا في يناير 2023 على اتفاق يقضي ببناء خط أنابيب من الجزائر إلى أوروبا عبر إيطاليا، لنقل الغاز، والأمونياك، والكهرباء، والهيدروجين إلى إيطاليا التي تتولى توزيعها إلى أوروبا. ويعد هذا الخط ثالث خطوط الطاقة التي تربط بين الجزائر وإيطاليا، بعد خط نقل الغاز الذي يمر عبر تونس، والخط البحري الذي يربط بين الجزائر وسردينيا جنوبي إيطاليا.
ويعتبر نشاط تركيب السيارات من أبرز الأنشطة التي عززت من التقارب الجزائري الإيطالي، وباتت مجموعة “ستيلانتيس”، التي تصنع علامة “فيات” في الجزائر، تشكل إزعاجا لفرنسا التي خسرت نفوذها لسوق السيارات في مستعمرتها السابقة، بسبب عدم جدية العملاق “رونو”، الذي لم يكن صادقا في شراكته مع الجزائر.