اقتصاد الصومال يمر بمرحلة مهمة.. سجل 4.1% نموا رغم الأزمات الأمنية

على الرغم من التحديات الأمنية المتواصلة والهشاشة الاقتصادية التي تواجه الصومال، أظهر الاقتصاد الصومالي علامات على التعافي والنمو، مسجلا نسبة 4.1% في عام 2024، وفقا لتقرير صادر عن المكتب الوطني للإحصاء.
وبحسب المصدر الذي نقلت عنه وسائل إعلام صومالية محلية يعكس هذا الأداء تصاعد الثقة في بيئة الاستثمار المحلي وتنامي نشاط قطاعات رئيسية كالبنية التحتية والخدمات، في وقت لا تزال فيه الحكومة تسعى لتحقيق توازن دقيق بين مسارات التنمية ومتطلبات الأمن والاستقرار
ويأتي هذا النمو مدفوعا بالاستثمار الخاص وإنفاق الأسر، حيث بلغ إجمالي الناتج المحلي 11.9 مليار دولار، وساهم الاستثمار بنسبة 2.5 نقطة مئوية، مقابل 2.2 نقطة من الاستهلاك الأسري، ما يعكس نشاطا متصاعدا في قطاعات البناء والنقل والخدمات المالية، إلا أن التقرير أشار أيضا إلى أن صافي الصادرات شكل عامل تباطؤ، بعدما تجاوزت الواردات الصادرات بـ0.8 نقطة مئوية.
ورغم ما تحمله هذه الأرقام من مؤشرات إيجابية، إلا أنها لا تخفي التحديات الاقتصادية البنيوية، مثل الاعتماد الكبير على التحويلات الخارجية، وضيق القاعدة الإنتاجية، وتفاوت توزيع العوائد، كما تُهدد الأوضاع الأمنية المتقلبة بجعل هذا النمو هشا ومهددا في أي لحظة.

وكان رئيس الصومال حسن شيخ محمود، قد أطلق الأحد مشروعا بنيويا ضخما بوضع حجر الأساس لمطار دولي جديد في منطقة هاواي بورشيخ بإقليم شبيلي الوسطى في الصومال.
يأتي ذلك في إطار خطة استثمارية طموحة تهدف إلى إعادة هيكلة البنية التحتية ودفع عجلة التنمية المستدامة، المشروع جاء ضمن حزمة تنموية تتضمن إنشاء ميناء بحري متقدم، وشبكة طرق استراتيجية، ومراكز للرعاية الصحية، إلى جانب أول مركز فضائي وطني.
وبحسب خبراء في الشأن الصومالي فإن استمرار النمو الاقتصادي الذي يشهده الصومال مرهون بقدرة الحكومة على معالجة التهديدات الأمنية وتوسيع نطاق الاستقرار ليشمل جميع الولايات، خاصة أن مناخ الاستثمار لا يتحرك في فراغ، بل يتأثر مباشرة بمستوى الأمان وتوفر البنية القانونية والمؤسسية.
ويخلص المراقبون إلى أن اقتصاد الصومال بات يسير على حبل مشدود فهو يحقق نموا تدريجيا، لكنه يواجه رياحا معاكسة من الداخل، تتمثل في الإرهاب، وضعف البنية التحتية، والاعتماد على الخارج، ما يتطلب توازنا دقيقا بين أولويات الأمن والتنمية، وتكاملا فعالا بين السياسات الاقتصادية والاستراتيجية الأمنية.
الصومال وتركيا توقّعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في النقل البحري

أعلنت وزارة الموانئ والنقل البحري في الحكومة الفيدرالية الصومالية، اليوم الأحد، عن توقيع مذكرة تفاهم مهمة مع وزارة النقل والبنية التحتية التركية، إلى جانب عدد من الوزارات المعنية في الدول الأفريقية الساحلية، وذلك خلال مؤتمر إقليمي انعقد بمشاركة دول مطلة على المحيط الهندي.
وبحسب وكالة الأنباء الصومالية الرسمية "صونا"، أوضح وزير الموانئ والنقل البحري، عبد القادر محمد نور، أن الاتفاقية تهدف إلى تعزيز التعاون في مجال النقل البحري، وتطوير البنية التحتية، وتنشيط الروابط التجارية، وزيادة الإنتاج الإقليمي، في خطوة استراتيجية نحو تنمية اقتصادية مستدامة، ودعم جهود الاكتفاء الذاتي وخلق فرص العمل.
وأكد الوزير التزام الحكومة الصومالية بمواصلة تطوير البنية التحتية للموانئ، وتحديث قطاع النقل البحري، بما يسهم في تحويل الصومال إلى مركز بحري وتجاري محوري في شرق أفريقيا، وأضاف عبد القادر أن الاتفاق يمثل نقلة نوعية في التعاون بين الدول الأفريقية ذات السواحل الاستراتيجية وتركيا، مشدداً على أهمية توحيد الجهود لتطوير الربط البحري وبناء مستقبل اقتصادي مشترك، ضمن رؤية الحكومة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وخلق فرص عمل مستدامة.
ويأتي هذا الاتفاق في سياق شراكة طويلة الأمد بين الصومال وتركيا، شهدت خلال العقد الماضي تطوراً لافتاً في مجالات البنية التحتية، والتعليم، والصحة، والأمن. ويمثل التعاون البحري محوراً جديداً ومهماً في العلاقات الثنائية، خاصة في ظل امتلاك الصومال لساحل يمتد لأكثر من 3300 كيلومتر، غني بالثروات السمكية والنفطية، مقابل الخبرات التقنية واللوجستية المتقدمة التي تملكها تركيا.
كما تعزز هذه المذكرة التفاهمات السابقة، لا سيّما في ما يتعلق بالاستفادة من الثروة السمكية في المياه الإقليمية الصومالية، إذ تسعى تركيا إلى دعم جهود تنظيم الصيد، ومكافحة الصيد غير المشروع، وتطوير القدرات المحلية في مجالي المعالجة والتصدير. ويمتد التعاون أيضاً إلى مجالات واعدة مثل التنقيب البحري عن النفط والغاز، إذ سبق أن وقّع البلدان اتفاقات تمهيدية للتنقيب المشترك قبالة السواحل الصومالية، وسط مؤشرات جيولوجية مشجعة.
ويتوقع أن تسهم الاتفاقية في تفعيل الاقتصاد الأزرق الصومالي، وتعزيز موقع البلاد بوصفها ممراً استراتيجياً للتجارة الإقليمية والدولية عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي، خاصّة في ظل التنافس المتزايد على الموانئ والممرات البحرية. ويرى خبراء أن الاتفاق يدخل ضمن استراتيجية تركية شاملة تُعرف بـ"الانفتاح على أفريقيا"، وهي سياسة انطلقت مطلع الألفية الثالثة، وتتصاعد حالياً في مجالات الاقتصاد الأزرق، ما يجعل مثل هذه الاتفاقيات أدوات لتعزيز الحضور التركي وحماية مصالح أنقرة الاقتصادية والسياسية في واحدة من أكثر مناطق العالم حيوية وتنافساً على النفوذ.