مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

"بعوضة التجسس الخارقة".. الصين تزيح الستار عن ثورة جديدة في عالم الاستخبارات"

نشر
الأمصار

في تطور يثير الدهشة ويدق ناقوس الخطر لدى الكثير من الدول، كشفت الصين مؤخرًا عن تطويرها لـ"بعوضة تجسس" خارقة، تمثل نقلة نوعية في تقنيات المراقبة والتجسس. 

هذا الإنجاز، الذي يبدو مأخوذًا من أفلام الخيال العلمي، يعكس مدى التقدم التكنولوجي الذي وصلت إليه بكين في مجال الذكاء الاصطناعي، والأجهزة متناهية الصغر، واستخدام التكنولوجيا الحيوية في المجال العسكري والأمني.

شكل البعوضة ومواصفاتها التقنية

بحجم لا يتجاوز حجم البعوضة العادية، تبدو هذه "البعوضة الآلية" غير لافتة للنظر، ما يجعلها مثالية للتخفي والولوج إلى أماكن يصعب على أجهزة التجسس التقليدية الوصول إليها.

 ووفقًا للتقارير التي نشرتها وسائل إعلام صينية، فإن هذه البعوضة مجهزة بكاميرات دقيقة، وميكروفونات متطورة، ومستشعرات حرارية، وأنظمة بث مباشر للصور والصوت عبر ترددات آمنة.

تعتمد البعوضة على تكنولوجيا تُعرف باسم Micro Air Vehicle (MAV)، أي المركبات الجوية الصغيرة، والتي باتت الصين في طليعة الدول التي تطورها، بجانب الولايات المتحدة وإسرائيل.

كيف تعمل بعوضة التجسس؟

تقلع هذه البعوضة الصغيرة مثل أي طائرة بدون طيار (درون)، لكنها تطير بجناحين يشبهان تمامًا جناحي البعوضة الطبيعية، ما يمنحها قدرة على التخفي التام.

 وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن للبعوضة التوجه إلى أهداف محددة بدقة، بل وتجنب العوائق والتحليق في الأماكن المغلقة.

تعمل البعوضة عبر بطارية دقيقة للغاية تتيح لها العمل لعدة دقائق، ويمكن شحنها لاسلكيًا أو استبدالها تلقائيًا. كما أن نظام التحكم الخاص بها يسمح بإرسالها في مهام محددة، مثل تسجيل محادثات سرية، تصوير مستندات، أو حتى تحديد مواقع أشخاص عبر بصمات حرارية أو صوتية.

أهداف عسكرية وأمنية... أم استخدامات مدنية؟

على الرغم من أن الجهات الرسمية الصينية لم تعلن صراحة عن استخدام البعوضة لأغراض عسكرية، فإن الخبراء يؤكدون أن طبيعة الجهاز واستخداماته المحتملة توحي بأغراض استخباراتية واضحة، لا سيما في ظل التوترات الجيوسياسية والتنافس التكنولوجي بين القوى الكبرى.

بعض المحللين أشاروا إلى أن هذه التقنية قد تُستخدم في الحرب السيبرانية، أو حتى في حروب "الجيل السادس"، حيث تلعب المعلومات والاستخبارات الدور الرئيسي.

 وفي المقابل، تسوق الصين المشروع أيضًا باعتباره أداة لمراقبة الكوارث، أو تحديد أماكن المفقودين في المناطق النائية.

ردود أفعال دولية وتحذيرات استخباراتية

ما إن تم الإعلان عن البعوضة الخارقة، حتى أثار الأمر قلقًا واسعًا في عدد من الدول الغربية. 

أجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية حذرت من أن هذه التكنولوجيا قد تُستخدم لأغراض التجسس في السفارات، أو التجسس الصناعي داخل الشركات الكبرى، أو حتى لتحديد مواقع أشخاص مهمين سياسيًا أو عسكريًا.

صحف دولية  تحدثت عن هذه البعوضة باعتبارها تمثل تحديًا جديدًا لأمن الدول، مما سيجبر الحكومات على تطوير أنظمة كشف مضادة قادرة على رصد مثل هذه الأجهزة المجهرية.

هل نحن على أعتاب عصر "التجسس الحشري"؟

لم تكن الصين هي الأولى في هذا المجال، إذ سبق للبنتاغون الأمريكي أن طور نماذج مشابهة منذ سنوات، لكن معظمها لم يتم الإفصاح عنه بشكل علني. إلا أن إعلان الصين بهذا الشكل الصريح يعكس رغبة في إثبات التفوق التكنولوجي، بل وربما في بث رسائل ضمنية حول قدراتها في الحرب غير التقليدية.

وقد أطلق بعض الخبراء على هذا النوع من التجسس اسم "التجسس الحشري"، لما يتمتع به من قدرة على التخفي واختراق أكثر الأماكن حراسة دون أن يلاحظه أحد.

يبقى السؤال الكبير: ما حدود استخدام هذه التكنولوجيا؟ وهل يمكن للعالم أن يضع اتفاقيات دولية لتنظيم استخدامها؟ فكما أن التكنولوجيا تمكّن الدول من حماية أمنها، فإنها أيضًا قد تنتهك خصوصية الأفراد، وتعيدنا إلى مرحلة "الأخ الكبير" كما حذر جورج أورويل في روايته الشهيرة.

منظمات حقوق الإنسان دعت إلى فرض رقابة دولية على استخدام مثل هذه الأجهزة، خشية استخدامها في قمع المعارضين السياسيين أو التجسس على المواطنين دون إذن قضائي.

 الطفرة التي قد تغير قواعد اللعبة

تُعد بعوضة التجسس الخارقة الصينية واحدة من أخطر الابتكارات في مجال الأمن والاستخبارات خلال العقد الأخير. وإذا ما استُخدمت على نطاق واسع، فإنها قد تعيد تشكيل مفهوم السيادة والخصوصية في العالم الرقمي والواقعي على حد سواء.

في انتظار أن تكشف الأيام القادمة ما إذا كانت هذه التقنية ستُستخدم لحماية البشر أو للسيطرة عليهم.